تعتبر الحروب من الكوارث التي يتسبب فيها الإنسان، والتي تسبب دماراً كبيراً، وتأثر بشكل سلبي على العالم، إذ إنها لا تقتصر على الأضرار المادية والبشرية فقط، وإنما دائماً ما كانت سبباً في ظهور وانتشار الكثير من الأمراض والأوبئة الخطيرة.
إذ إنه خلال فترات النزاعات المسلحة، يصبح الوصول إلى الرعاية الصحية والإمدادات الطبية أمراً في غاية الصعوبة، مما يزيد من انتشار الأمراض، وتفاقم الأوضاع الصحية.
وعلى مر السنين، شهد العالم العديد من الحروب العنيفة، التي أدت إلى ظهور أمراض خطيرة جداً، بعضها كان فتاكاً أكثر من الحرب نفسها، ومن أبرزها الإنفلونزا الإسبانية التي ظهرت خلال الحرب العالمية الأولى، التي أودت بحياة أزيد من 2.5 من سكان العالم.
الطاعون الأنطوني خلال الحرب الأهلية الرومانية
يعتبر الطاعون الأنطوني من بين أبرز الأوبئة الخطيرة التي ضربت الإنسان بسبب الحروب، إذ انتشرت بشكل سريع في مدينة أنطاكية الرومانية في الفترة ما بين 165 و190 م، بسبب الجنود العائدين من منطقة الشرق الأوسط.
وقد تسبب هذا المرض الفتاك في قتل ما يقدر بنحو 2000 شخص يومياً، فيما فاق عدد الوفيات 500 ألف شخص في المجمل، وكلهم كانوا ضحية للطاعون الأنطوني.
وقد كانت أعراض هذا المرض شديدة، وهي عبارة عن حمى وقشعريرة، وصداع حاد، بجانب طفح جلدي، الشيء الذي يؤدي إلى الموت السريع في غياب العلاج.
وقد تسبب الطاعون الأنطوني في مشاكل أخرى، أبرزها كانت اقتصادية، خصوصاً مع فرض الحجر الصحي على المواطنين، الأمر الذي كان عبارة عن ضربة قوية للإمبراطورية الرومانية.
الإنفلونزا الإسبانية خلال الحرب العالمية الأولى
عند الحديث عن الإنفلونزا الاسبانية، فإننا نتحدث عن أكثر الأمراض فتكاً بالإنسان، والذي ظهر خلال فترة حرب، وذلك لأنه كان سبباً في وفاة نحو 50 مليون شخص حول العالم، إذ انتشر بسرعة كبيرة في كل من أوروبا وآسيا وأفريقيا وأمريكا الشمالية.
وقد كانت بداية ظهور هذا المرض في مارس/آذار 1918، بعد سوء حالة الجنود الذين كانوا يقاتلون في مختلف الدول خلال الحرب العالمية الأولى.
وسرعان ما انتشر المرض بين المواطنين بسبب سوء اتخاذ القرارات المتعلقة بالوقاية الصحية، فقد أدى الأمر إلى وفاة ما يعادل 90% من إجمالي عدد المرضى، أي ما يقارب 2.5 من سكان العالم.
وكانت أبرز أعراض هذه الإنفلونزا هي الحمى والصداع وآلام العضلات والتهاب الحلق، إضافة إلى إمكانية التهاب الرئتين كذلك.
الكوليرا خلال الحرب العالمية الأولى
الإنفلونزا الإسبانية لم تكن المرض الوحيد الذي ضرب العالم خلال الحرب العالمية الأولى، فقد انتشرت كذلك الكوليرا، التي تحدث بسبب انتشار الجراثيم والبكتيريا بشكل كبير في وسط ما، وهو ما يحدث بشكل كبير في الأماكن التي تعيش حالة من الصراع المسلح.
وقد كان ظهور الكوليرا سنة 1917، أي قبل الإنفلونزا بسنة واحدة، وتسببت في وفاة ما يعادل 2.5 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك أوروبا وآسيا وأفريقيا.
وقد توفي في الصين واليابان فقط 500 ألف شخص، فيما قدر عدد الوفيات في أوروبا بنحو 1.5 مليون شخص، أبرزهم في فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا.
وشملت أعراض الكوليرا كلاً من الإسهال المائي الشديد والقيء والغثيان، الشيء الذي يسبب الجفاف الحاد، ثم الوفاة بعد ساعات قليلة من دخول المرض إلى الجسم.
ومن بين أبرز الأسباب التي أدت إلى إنتشار هذا المرض هو الرعاية الصحية المحدودة، وصعوبة توفير علاج لجميع المرضى، الذين كانوا يصابون بالعدوى بشكل سريع.
السل في الحرب العالمية الثانية
يعتبر السل واحداً من بين أقدم الأمراض المعدية التي عرفها الإنسان، والذي تسبب في وفاة ملايين الأشخاص عبر التاريخ.
إلا أنه قد تفاقم بشكل كبير خلال الحرب العالمية الثانية، بعد أن كان سبباً في وفاة أزيد من 3 ملايين شخص في جميع أنحاء العالم.
إذ إن الظروف الصحية غير الملائمة التي عرفتها الحرب، كانت سبباً في تفاقم مرض السل، الذي يدخل في خانة الأمراض المعدية، بين المواطنين، خصوصاً مع زيادة مشكل نقصان الغذاء والمياه الصالحة للشرب.
وكانت أعراض السل هي السعال المستمر وألم في الصدر وفقدان الوزن بشكل مبالغ فيه، والحمى، وقد كانت يسبب تلف الرئتين ثم الوفاة.
كانت طرق العلاج محدودة جداً، من خلال استعمال بعض المضادات الحيوية، أو الأعشاب الطبيعية، إلا أنها لم تكن كافية للحد من الوفيات التي وصلت إلى ما يعادل 3 ملايين شخص.