أدان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة سلوك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، المتمثل في مغادرتها من محافظتي غزة وشمال غزة إلى جنوبي قطاع غزة "متخلية بذلك عن دورها الإنساني، ومتنصلة من واجبها تجاه المدنيين اللاجئين، خصوصاً النازحين منهم".
وفي بيان صحفي، قال سلامة معروف، رئيس المكتب الإعلامي، السبت 14 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إن "سلوك الأونروا لم يقتصر على الانسحاب بالموظفين فقط، بل طال ذلك عدم تحمل أي مسؤولية تجاه النازحين الذين استجابوا وتوجهوا إلى جنوب وادي غزة". واستنكر عدم تقديم أية خدمات من توفير أماكن ومراكز إيواء أو تقديم أي مساعدات حياتية للنازحين.
وأكد معروف أن انسحاب الأونروا من غزة والشمال لا يعفيها من مسؤولياتها تجاه جميع النازحين، خاصةً اللاجئين في هذه المناطق، متهماً الوكالة باحتجاز المساعدات التي من المفترض تقديمها في مراكز الإيواء وإبقائها في مخازنها حتى اللحظة.
ودعا ناشطون فلسطينيون وكالة الأونروا إلى تحمل مسؤولياتها في حماية مقراتها ومراكز الإيواء وعدم "الهروب" من قطاع غزة. وفي هذا التقرير، سنحاول تسليط الضوء على أهمية الأونروا في قطاع غزة، والمهام الحساسة المنوطة بها.
ما أهمية الدور الذي تلعبه الأونروا في قطاع غزة؟
يعيش في قطاع غزة نحو 2.3 مليون إنسان، 70% منهم، من اللاجئين الفلسطينيين الذين تقع على الأونروا رعايتهم وفق أنظمتها الداخلية. ومنذ عام 2007 يعيش سكان قطاع غزة تحت العقاب الجماعي بحسب توصيف الأمم المتحدة، نتيجة للحصار البري والجوي والبحري المستمر منذ ذلك الحين وشن حروب عديدة على القطاع، وتعتبر وكالة الأونروا ملزمة بتقديم خدماتها لمعظم سكان القطاع.
وقبل الحرب المدمرة الأخيرة، كان 63% من سكان قطاع غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي، ويعتمدون على المساعدات الدولية التي يتم تقديمها عن طريق وكالة "الأونروا".
ويعيش أكثر من 81% من سكان قطاع غزة في فقر شديد، فيما تشكل معدلات البطالة أكثر من 50% حتى عام 2022، خصوصاً 62.3% بين الشباب (15-29 سنة، واللاجئين وغير اللاجئين).
وتعرض الاقتصاد في قطاع غزة وقدرته على خلق فرص العمل للدمار، مما أدى بحسب وكالة الأونروا إلى إفقار وتراجع نمو مجتمع يتمتع بمهارات عالية ويتمتع بتعليم جيد. ولا يزال الوصول إلى المياه النظيفة والكهرباء عند مستوى الأزمة ويؤثر على كل جانب من جوانب الحياة تقريباً، فلا تتوافر المياه النظيفة لـ95% من سكان قطاع غزة الذين تقدم الوكالة لمعظمهم خدماتها. كما يصل متوسط توافر الكهرباء إلى 11 ساعة في اليوم اعتباراً من يوليو/تموز 2023.
ما المناطق التي تقدم وكالة الأونروا خدماتها فيها بغزة؟
يعيش اللاجئون الفلسطينيون بقطاع غزة في ثمانية مخيمات معترف بها من قبل وكالة الأونروا، والتي تعتبر الكثافة السكانية فيها من أعلى الكثافات السكانية في العالم، وهي مخيمات: الشاطئ، وجباليا، والبريج، والنصيرات، والمغازي، ودير البلح، وخان يونس ورفح. وتعمل الأونروا من خلال طاقم عمل يتكون من أكثر من 13.000 موظف في أكثر من 300 منشأة في مختلف أنحاء قطاع غزة، وتقدم الخدمات التعليمية والصحية والصحة النفسية وخدمات الإغاثة والخدمات الاجتماعية والقروض الصغيرة والمساعدة الطارئة للاجئين المسجلين.
وأطلقت الأونروا قبل 10 سنوات، عملية استجابة طارئة استثنائية، وهو ما أبرز دورها كأكبر منظمة تابعة للأمم المتحدة في قطاع غزة والمنظمة الوحيدة التابعة للأمم المتحدة التي تقوم بالتنفيذ المباشر.
في بيئة تتزايد فيها الاعتمادية والاحتياجات، يُنظر إلى الأونروا تقليدياً باعتبارها دعامةً للاستقرار من قبل لاجئي فلسطين في غزة. وفي السنوات الأخيرة أحرزت الأونروا تحسينات كبيرة على خدماتها في غزة كجزء من الإصلاح على مستوى أقاليم عملها، على سبيل المثال، في مجالات التعليم والرعاية الصحية.
ما المهام المرتبطة بوكالة الأونروا والتي يجب أن تستمر في تقديمها حتى في وقت الحرب؟
على الرغم من أزمة التمويل المستمرة للوكالة، والتي أجبرت الأونروا في غزة على اتخاذ تدابير تقشفية، لا سيما فيما يتعلق بالتدخلات الطارئة، وكذلك استهداف كوادرها وبعض مقراتها، فإن الأونروا تستمر في الآتي:
– تحسين التحصيل الدراسي وسلوك وقيم طلاب المدارس.
– التركيز على الصحة العامة ورفاه لاجئي فلسطين من خلال توفير الرعاية الصحية الأولية.
– وتشمل الخدمات الصحية التي توفرها الأونروا الرعاية الصحية للأطفال والرضع ورعاية الأمومة والرعاية الصحية للمرضى الذين يعانون من الأمراض المعدية وغير المعدية، والدعم النفسي والاجتماعي، وكذلك خدمات العيادات الخارجية وتوفير الأدوية الأساسية وتغطية العلاجات المنقذة للحياة في المستشفيات.
– بناء البنية التحتية المطلوبة بشدة، والتي تشمل المدارس والمساكن
– تحسين نوعية المساعدات الغذائية والنقدية لأفقر الفقراء.
– احتضانها كمراكز للإيواء لمئات آلاف المواطنين الفلسطينيين بقطاع غزة في وقت الحرب والتصعيد.
الأونروا تتخلى عن مسؤولياتها في القطاع بعد دعوات التهجير الإسرائيلية
تتهم الحكومة الفلسطينية في غزة وكالة الأونروا بأنها تركت النازحين الفلسطينيين دون ضمانات سلامة أو حماية داخل مراكز الإيواء أو توفير اللوازم المعيشية من مواد غذائية وغيرها.
وتتهم الوكالة أيضاً، بأنها تخلت عن مسؤولياتها واستجابت لتهديدات الاحتلال، وتركت الذين تؤويهم يسيرون باتجاه وادي جنوب غزة ولم توفر لهم مراكز إيواء أو أي شكل من أشكال الإغاثة .
وتدعو الحكومة الفلسطينية إدارة الأونروا إلى تحمّل المسؤولية عن كل اللاجئين الباقين في شمال قطاع غزة ومدينة غزة، حيث يفترض بها- حتى لو انسحبت من هذه المناطق- أن تستمر في أداء واجباتها بحسب أنظمتها الداخلية وليس التخلي الكامل عمن لجؤوا إليها.
وكان المفوض العام للأونروا فيليب لازرايني، قد أعلن الأحد 15 أكتوبر/تشرين الأول، أن الوكالة نقلت عملياتها جنوبي قطاع غزة، ويحتمي بها في الوقت الحالي الآلاف من الفلسطينيين بعد تحذيرات إسرائيل بمغادرة المناطق الشمالية التي تعاني من نقص المياه.
وقال لازرايني في بيان: "في غضون الاثنتي عشرة ساعة الماضية فقط، شُرد مئات آلاف الأشخاص. وموجة النزوح تتواصل مع تحرك الناس إلى الجزء الجنوبي من قطاع غزة، وقد وصل عدد المشردين خلال أسبوع إلى ما يقرب من مليون شخص".