هل راهنت إدارة بايدن على استراتيجية خاطئة مع إسرائيل؟ مسؤولون أمريكيون يشعرون بالقلق من خطط تل أبيب الآن

عربي بوست
تم النشر: 2023/10/14 الساعة 13:54 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/10/14 الساعة 14:01 بتوقيت غرينتش
هل بدأت إدارة بايدن تشعر بأنه تم توريطها من قِبل إسرائيل؟ واشنطن تخشى من ارتداد النار عليها لهذه الأسباب/ رويترز

تعهّد الرئيس الأمريكي جو بايدن بتوفير "الدعم غير المشروط" لإسرائيل بالتزامن مع استعدادها لحربٍ برية في قطاع غزة، لكن إدارته قلقة من أن الحكومة الإسرائيلية ليست مستعدة لتداعيات هذا الاجتياح، الذي قد يبدأ في أي لحظة.

هل بدأت إدارة بايدن تشعر بأنه تم توريطها من قِبل إسرائيل؟

يقول المطلعون على موقف إدارة بايدن لوكالة Bloomberg الأمريكية إن البيت الأبيض يخشى ألا تكون لدى إسرائيل خطة لما هو قادم في غزة، ولهذا تضغط الإدارة على الإسرائيليين حتى يفكروا في ما سيعقب هدفهم الفوري، المتمثل في القضاء على حماس. وقد طلبت المصادر المطلعة عدم الكشف عن هويتها لأنها تناقش مداولات سرية.

وأوضحت المصادر أن فريق بايدن أعرب كذلك عن قلقه حيال مطالبة إسرائيل للسكان بإخلاء شمال غزة خلال 24 ساعة، وهي المهلة التي قال الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة أنها ليست واقعية. وبعد وقت قصير من المطالبة الإسرائيلية، خرج المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي ليُقر بأن إخلاء غزة سيكون "مهمةً صعبة".

ولا شك أن الرغبة في دعم إسرائيل، مع الخوف مما سيأتي لاحقاً، يُبرزان معاً المعادلة الصعبة التي يواجهها بايدن. إذ إن شن حملة عقابية في غزة دون نقطة نهاية واضحة يعني المخاطرة بتحويل أسوأ أزمة تواجهها إسرائيل منذ 50 عاماً إلى حريق إقليمي، وهو حريق ستعاني الولايات المتحدة مع حلفائها من أجل احتوائه.

وسعى بايدن وفريقه لإظهار دعمهم الثابت في الوقت الحالي، بالنظر إلى حجم الرعب الناجم عن هجوم حماس الذي خلّف 1400 قتيل إسرائيلي وعشرات الرهائن الأسبوع الماضي، بحسب توصيف بلومبرغ.

ووصف المسؤولون الإسرائيليون ذلك الهجوم بأنه يوازي هجوم الـ11 من سبتمبر/أيلول بالنسبة لهم. بينما استشهد أكثر من 2000 فلسطيني في القصف الإسرائيلي المتواصل على القطاع، معظمهم من المدنيين والأطفال والنساء.

مساعدو بايدن بدأوا يشعرون بالقلق من خطط إسرائيل

ونأى مساعدو بايدن بأنفسهم عن أي تشكيك علني في استراتيجية إسرائيل خلال صراعها ضد حماس، لكنهم يشعرون بالقلق أيضاً. حيث قال بايدن يوم الجمعة 13 أكتوبر/تشرين الأول إن الناس يجب ألا "يُغفلوا حقيقة أن الغالبية العظمى من الفلسطينيين ليست لهم علاقة بحماس".

وقد انطلق وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في جولة داخل المنطقة زار خلالها 4 دولٍ يوم الخميس، 12 أكتوبر/تشرين الأول، بالتزامن مع سعي الولايات المتحدة لمنع امتداد الحرب والحصول على المساعدة من أجل الإفراج عن الرهائن. وحث بلينكن إسرائيل على توخي الحذر بعض الشيء، لكن تركيزه انصب على مطالبة الدول الأخرى ببذل ما في وسعها لضمان عدم انتشار العنف.

وقال سيث مولتون، النائب الديمقراطي وعضو لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب: "يحتاجون إلى وضع خطة استراتيجية للتعامل مع غزة، فمن الواضح أن الخطة التي يتبعونها هناك على مدار السنوات الأخيرة لم تنجح". وأردف أن إسرائيل تحتاج إلى "استراتيجية طويلة الأمد في التعامل مع غزة، بحيث تكون أكثر فعاليةً مما كانوا يفعلونه خلال الـ15 عاماً الماضية"، حسب تعبيره.

هل تستطيع أمريكا تحمّل تكلفة المخاطر القادمة؟

وبحسب بلومبرغ، لا شك أن الوضع المتقلب على الأرض يؤكد على تلك المخاطر. حيث يقول حزب الله على الحدود الشمالية لإسرائيل إنه مستعد للتحرك ضد إسرائيل، بعد أن حذرت راعيته إيران من أن استمرار حصار غزة ربما يؤدي إلى فتح جبهة جديدة في الصراع. وقد تصاعدت وتيرة تبادل إطلاق النار بين الجانبين على الحدود الشمالية بالفعل.

ويشعر المسؤولون الأمريكيون بالقلق حيال الخسائر الإنسانية في غزة، التي تكدس الآلاف من المدنيين في شوارعها عقب أمر الإخلاء الإسرائيلي والقصف الذي لا يتوقف. كما يركز المسؤولون على مصير عشرات الرهائن ونحو 500 مواطن أمريكي ما يزالون داخل غزة. بينما تقدم الولايات المتحدة المشورة لإسرائيل حول كيفية استعادة الرهائن، بحسب تصريح مسؤول دفاعي بارز للمراسلين يوم الخميس. وتحدث بايدن بدوره إلى عائلات المفقودين في يوم الجمعة.

وقالت كوري شاك، مديرة دراسات السياسة الخارجية والدفاعية في معهد American Enterprise Institute، "إن المخاوف حيال العقاب الجماعي والضحايا المدنيين ستلوح في الأفق بقوة، بالتزامن مع تقدم العمليات الإسرائيلية من أجل تدمير حماس". لكنها أردفت: "سأفاجأ لو فرضت الولايات المتحدة أي قيود على دعمها المادي لإسرائيل".

ولم يذكر المسؤولون الإسرائيليون الكثير عن خططهم من أجل غزة، باستثناء الحديث عن عزمهم على تدمير حماس. بينما تحدث عسكري كبير سابق، لا تزال لديه علاقات وثيقة بالجيش الإسرائيلي، إلى وكالة Bloomberg الأمريكية عن هذا الأمر، شريطة عدم الكشف عن هويته. وقال العسكري إن إسرائيل قد تؤسس لنظامٍ عسكري مؤقت بنهاية الحرب، قبل تسليم غزة إلى قوةٍ دولية، حسب توقعه.

وتنظر الأنظمة العربية -كما إسرائيل- إلى حماس باعتبارها تهديداً لها، رغم أن جميع الشعوب العربية يشعرون بالتعاطف مع الشعب الفلسطيني، بحسب جون ألترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز Center for Strategic and International Studies.

عمليات التطبيع ستفشل

لكن من المحتمل أن تؤدي الخسائر البشرية الفادحة بين صفوف الفلسطينيين إلى تهديد عملية إعادة التقارب الهشة مع الحكومات العربية في المنطقة، وخاصةً جهود تطبيع العلاقات مع السعودية. بينما يخشى المسؤولون العرب في دول أخرى أن تؤدي صور المدنيين القتلى إلى إثارة رد فعل شعبي عنيف، ما سيضغط على تلك الحكومات لتخفيف علاقاتها مع إسرائيل أو ربما تجميدها.

وقال أحد مساعدي الكونغرس إن النقاشات حول مستقبل غزة بدأت بشكل هادئ داخل أروقة المجلس. ويعي قادة الكونغرس جيداً أن الولايات المتحدة غزت أفغانستان عام 2001 بهدف الإطاحة بطالبان، لكن القوات الأمريكية انتهى بها المطاف إلى البقاء داخل البلاد لمدة 20 عاماً، بحسب المساعد، وانتصرت طالبان في النهاية.

فيما قال ريتشارد فونتين، الرئيس التنفيذي لمركز Center for a New American Security: "يبدو أن الاستراتيجية تعتمد على دعم إسرائيل في القضاء على المعقل الإرهابي الموجود على حدودها، وردع الآخرين -خاصةً حزب الله- حتى لا ينضموا إلى القتال. بينما لا يزال العمل جارياً على وضع استراتيجية لما سيأتي لاحقاً -بما في ذلك هوية من سيحكم غزة بعد حماس"، على حد تعبيره.

تحميل المزيد