تحدث 11 شخصاً مطلعين على قدرات حركة المقاومة "حماس"، بمن فيهم شخصيات من الحركة ومسؤولون أمنيون إقليميون، وخبراء عسكريون، عن القدرة العسكرية التي باتت عليها الحركة في الوقت الحالي، وذلك في وقت تُشير تقديرات إلى أن إسرائيل تُعِد لاجتياح بري لقطاع غزة، وسط تصريحات لتل أبيب بنيتها القضاء على "حماس".
وكالة رويترز، التي أجرت مقابلات مع هذه المصادر، قالت إن القوات الإسرائيلية التي تستعد لاجتياح غزة، ستواجه خصماً يزداد قدرة، وتدرب لسنوات على يد شبكة دعم سرية تمتد بعيداً عن حدود القطاع.
فالهجوم المباغت الذي شنّته "حماس" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، على مستوطنات في غلاف غزة، أظهر حجم الخبرة العسكرية التي اكتسبتها الحركة منذ سيطرتها على غزة في 2007، إذ لم يسبق أن نفذت الحركة هجوماً بهذا التخطيط والحجم، والذي أثار صدمة في إسرائيل.
علي بركة، القيادي في حركة حماس قال إن "الحاجة أم الاختراع"، مضيفاً أن "الحركة تعتمد منذ فترة طويلة على المال والتدريب من إيران ووكلائها الإقليميين، مثل جماعة حزب الله اللبنانية، بينما تعزز قواتها في غزة".
بركة، المقيم في لبنان، أشار إلى أن صعوبات استيراد الأسلحة، جعلت الحركة خلال السنوات التسع الماضية، "تطور قدراتها، وأصبحنا قادرين على التصنيع محلياً"، وأردف أنه في حرب غزة عام 2008، كان الحد الأقصى لصواريخ "حماس" هو 40 كيلومتراً، لكنه ارتفع إلى 230 بحلول حرب عام 2021.
مصادر رويترز أشارت إلى أنه من يرى هذه المنظمة السرية الضخمة اليوم، لا يتصور أنها هي نفسها تلك المجموعة الفلسطينية الصغيرة التي أصدرت أول منشور لها قبل 36 عاماً احتجاجاً على الاحتلال الإسرائيلي.
مصدر مقرب من "حماس" في قطاع غزة، طلب عدم نشر اسمه لحساسية الأمر، قال في تصريح للوكالة: "إنهم جيش مصغر"، وأضاف أن الحركة لديها أكاديمية عسكرية لتدريب مجموعة من التخصصات، بما في ذلك أمن الفضاء الإلكتروني، ويضم جناحها العسكري، البالغ قوامه 40 ألف فرد، وحدة قوات خاصة (كوماندوز) بحرية.
من جانبه، يشير موقع (غلوبال سيكيوريتي دوت أورج)، إلى أنه لم يكن لدى "حماس" في التسعينيات سوى أقل من 10 آلاف مقاتل.
بدوره، قال مصدر أمني إقليمي، رفض أيضاً الكشف عن اسمه، إنه منذ مطلع القرن الحادي والعشرين عمدت الحركة إلى بناء شبكة أنفاق أسفل غزة؛ لمساعدة المقاتلين على الاختفاء وتصنيع الأسلحة وجلب العتاد من الخارج.
فيما قال مسؤولون في "حماس" إن الحركة حصلت على مجموعة من القنابل وقذائف المورتر والصواريخ، والصواريخ المضادة للدبابات والطائرات.
هذه القدرات الموجودة لدى "حماس" ازدادت فتكاً مع نموها وتطورها على مر السنين، ففي حين فقدت إسرائيل 9 جنود خلال توغلها عام 2008، قفز العدد إلى 66 في 2014.
بعد حرب غزة الأخيرة في 2021، تمكنت "حماس" و"الجهاد الإسلامي" من الاحتفاظ بما يصل إلى 40% من مخزونهما الصاروخي، وهو هدف رئيسي للإسرائيليين، وفق المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي، واحتفظت بنحو 11750 صاروخاً، مقارنة مع 23 ألفاً قبل الصراع.
كان الهجوم الذي وقع في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي نفذته فصائل المقاومة، أسوأ اختراق لدفاعات إسرائيل منذ 50 عاماً، وأطلقت فيه "حماس" أكثر من 2500 صاروخ.
أما مقاتلوها، الذين استخدموا طائرات شراعية ودراجات نارية ومركبات دفع رباعي، فتغلبوا على الدفاعات الإسرائيلية واجتاحوا بلدات وتجمعات سكنية، موقعين 1300 قتيل واحتجزوا العشرات.
تقول المصادر التي تحدثت إليها رويترز، إنه على الرغم من تدريب إيران الحركة وتسليحها وتمويلها، فإنه لا يوجد ما يشير إلى أن طهران وجّهت هجوم عملية "طوفان الأقصى"، أو أجازته.
يقول المصدر الأمني الإقليمي، إن "القرار، ساعة الصفر، كل ذلك كان قرار حماس. ولكن بالطبع التعاون العام والتدريب والإعداد كله جاء من إيران".
تعترف إيران بأنها تساعد في تمويل "حماس" وتدريبها، لكنها نفت أي دور لها في الهجوم رغم إشادتها به.
كان رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، قد قال في مقابلة مع قناة "الجزيرة" العام الماضي، إن الحركة تلقت 70 مليون دولار مساعدة عسكرية من إيران، وأضاف أن لديها صواريخ محلية الصنع، لكن الصواريخ البعيدة المدى جاءت من الخارج، من إيران وسوريا وغيرها عبر مصر.
يقول القيادي في حماس، علي بركة، إن الهدف النهائي للهجوم الذي حدث يوم 7 أكتوبر 2023، هو إطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية وعددهم 5000، ووقف اقتحام إسرائيل للمسجد الأقصى ورفع الحصار المفروض على غزة منذ 16 عاماً.
حذّر بركة من أنه إذا استمر الهجوم البري الإسرائيلي، بمباركة الولايات المتحدة وبريطانيا، فإن الحرب لن تقتصر على غزة، وإنما قد تتحول إلى صراع إقليمي، وأضاف "إنها ليست مجرد حرب إسرائيلية على غزة، فهناك حرب أطلسية على غزة بكل القوى. ستكون هناك خطوط أمامية جديدة".