أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد، الإثنين 2 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أنه يرفض دعماً مالياً أعلن عنه الاتحاد الأوروبي قبل أيام، مشيراً إلى أن المبلغ "زهيد"، ويتعارض مع الاتفاق الموقّع بين تونس والكتلة الأوروبية هذا الصيف، بخصوص ملف الهجرة، الذي مثّل نقطة خلاف بين الجانبين.
قرار سعيد قد يهدد بتقويض اتفاق "شراكة استراتيجية" وقّعته تونس مع الاتحاد الأوروبي في يوليو/تموز 2023، وتضمّن مكافحة مهرّبي البشر، وتشديد الرقابة على الحدود، وسط الزيادة الحادة في القوارب التي تغادر شواطئ تونس باتجاه السواحل الأوروبية.
سعيد، خلال لقاء مع وزير الخارجية نبيل عمار، قال إن "تونس ترفض ما تم الإعلان عنه في الأيام القليلة الماضية من قِبل الاتحاد الأوروبي، لا لزهد المبلغ، بل لأن هذا المقترح يتعارض مع مذكرة التفاهم التي تم توقيعها في تونس".
أضاف سعيد أن "تونس التي تقبل بالتعاون لا تقبل بما يشبه المنّة أو الصدقة، فبلادنا وشعبنا لا يريد التعاطف، بل لا يقبل به إذا كان بدون احترام".
يتضمن الاتفاق، الموقع في يوليو/تموز 2023، تقديم مساعدات كبيرة لتونس تصل إلى مليار يورو، لمساعدة اقتصادها المنهك وإنقاذ المالية العامة للدولة، والتعامل بصرامة أكبر مع أزمة الهجرة.
كانت المفوضية الأوروبية قد أعلنت الشهر الماضي أنها ستصرف 127 مليون يورو مساعدةً لتونس، في إطار اتفاقها مع البلاد بهدف مكافحة الهجرة غير الشرعية من أفريقيا إلى أوروبا.
المبلغ الذي أعلنته أوروبا قبل عشرة أيام بدا محبطاً للسلطات التونسية، التي تعمل على معالجة الحالة المالية العامة التي تعاني من مصاعب، وسط مخاوف وكالات تصنيف ائتماني من تخلف تونس عن سداد ديونها الخارجية في الأشهر المقبلة، بحسب ما أوردته وكالة رويترز.
وفقاً للمفوضية الأوروبية فإنّ أموال المساعدات المخصّصة لتونس يجب أن يذهب جزء منها لإعادة تأهيل زوارق خفر السواحل التونسيين، وللتعاون مع المنظمات الدولية، سواء من أجل "حماية المهاجرين" أو لتنظيم رحلات لإعادتهم من تونس إلى بلدانهم الأصلية.
كما تتضمن مذكرة التفاهم الموقّعة بين تونس والاتحاد الأوروبي مساعدة أوروبية مباشرة للميزانية التونسية للعام 2023، بقيمة 150 مليون يورو، لتمكين البلاد من تخطّي الصعوبات الاقتصادية الخطيرة التي تواجهها.
كان قد طفا الخلاف بين أوروبا وتونس بشكل أوضح في الأسابيع الأخيرة، مع وصول أعداد قياسية إلى جزيرة لامبيدوسا الإيطالية، في قوارب قادمة من تونس، وانتقادات متزايدة في أوروبا لسجل حقوق الإنسان في البلاد.
وأرجأت تونس، الأسبوع الماضي، زيارة لوفد من المفوضية الأوروبية، قائلة إنه يتعين التنسيق مسبقاً مع السلطات التونسية، كما منعت في سبتمبر/أيلول 2023، وفداً برلمانياً أوروبياً من زيارة البلاد، لعقد اجتماعات مع المجتمع المدني ومعارضين حول الوضع السياسي في تونس، قائلة إنها لا تقبل التدخل في شؤونها.
من جانبها، تعارض بعض الدول الأوروبية، بما في ذلك ألمانيا، اتفاق الهجرة مع تونس، قائلة إنه لم يشمل الجوانب الحقوقية والسياسية، بعد أن سيطر سعيد على أغلب السلطات تقريباً حين حل البرلمان، وبدأ الحكم بمراسيم، في خطوة تقول المعارضة التونسية إنها انقلاب.