انتقد المرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة في مصر، أحمد الطنطاوي، الإثنين 2 أكتوبر/تشرين الأول 2023، التصريحات الأخيرة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، التي قال فيها إن على المصريين تفضيل التنمية على الجوع، والتي ألمح من خلالها أيضاً بإمكانياته إثارة الفوضى في مصر.
جاء ذلك في بيان نشره الطنطاوي على حسابه في موقع "إكس"، والذي وجّه خلاله كلامه للسيسي قائلاً، إن "المصريين جاعوا في عهدك وبسبب إدارتك ولم يروا التنمية الموعودة".
استنكر الطنطاوي تصريحات السيسي، وقال إن "رئيس الجمهورية تعمد أن يخلط على نحو واضح بين إطلاق الشائعات والأكاذيب من جهة وتوجيه النقد السياسي للمسؤولين من جهة أخرى".
انتقد الطنطاوي -وهو نائب سابق في البرلمان -"الشكوى المتكررة من السيسي بأن المصريين لا يقدرون إنجازاته بزعمه"، وأضاف أن "السيسي لم يسائل نفسه ولو مرة واحدة عن أسباب غياب التقدير ومعناه، وعن منهجه في صناعة القرار (…) وإقصاء المواطنين من المشاركة السياسية والاهتمام بالمظاهر وبالحجر على حساب البشر".
اعتبر الطنطاوي أن "أخطر ما جاء في الكلمة كان مطالبة رئيس الجمهورية للمصريين باحتمال الجوع والحرمان في سبيل التنمية والبناء والتقدم".
كان السيسي قد قال السبت 30 سبتمبر/أيلول 2023 موجهاً كلامه للمصريين: "لو كان الجوع والتضحية والحرمان ثمن التنمية والتقدم اوعوا يا مصريين متقدموش، وتقولوا ناكل أحسن"، وأثارت هذه التصريحات ردود أفعال غاضبة بين مصريين على شبكات التواصل الاجتماعي.
علّق الطنطاوي على هذه التصريحات، وقال إن "تلك المطالبة تعبر عن رؤيته للتنمية بوصفها مجرد تراكم للأبنية الشاهقة والمدن والقصور المشيدة في الصحاري، ولو كان ذلك كله على حساب الإنسان وحقه في الحياة الكريمة والتعليم والعمل والعلاج".
كذلك وصف الطنطاوي هذه الرؤية للسيسي بأنها "غير إنسانية وأنها تسكن عقل وقلب هذا النظام وتفسر سياساته التي لم تعتبر الصحة والتعليم أولوية، وجردت المواطنين من أشكال الحماية الاجتماعية لتترك ثلثي المصريين يعيشون تحت وحول خط الفقر، بينما تتدهور أحوال معظم الثلث المتبقي على نحو خطير".
انتقد الطنطاوي أيضاً "إشارة السيسي للتجربة الصينية وعما تعرض له الصينيون من معاناة أدت لتجويع الملايين"، وقال إن "هذه الإشارة تؤكد قدر التشوّه في تصورات الرئيس عن تجارب الدول الأخرى وماضيها وحاضرها، فالتنمية في الصين لم تتحقق إلا بتجاوز هذه الحقبة ومآسيها وإقصاء المسؤولين الذين استفردوا بالحكم فيها".
أضاف أن "التنمية في الصين لم تُعن بقدر ما عنت خفض نسبة الفقر التي كانت قد وصلت إلى ثلث السكان تقريباً، لا دفع الشعب الصيني إلى مزيد من الفقر والجوع تحت حجة التنمية".
رفض الطنطاوي أن يكون ثمن التنمية هو "إهدار الحياة الكريمة للمواطنين والتفريط في حقوقهم الأساسي"، وقال إن "التضحيات يجب أن توزع بعدالة بين فئات المجتمع وأن يكون من هم في السلطة أول من يتحملونها لا أن يطالبوا الشعب بها من قصورهم الجديدة وأثناء مظاهر من البذخ مستفزة".
إلى جانب الطنطاوي، وجّه نائب الرئيس الأسبق محمد البرادعي انتقاداً مبطناً لتصريحات السيسي عن التنمية، وقال في تغريدة على حسابه بموقع "إكس": فى الاخلاق والمنطق، هدف أي تقدم وتنمية هو الانسان ولا أحد غيره، إذا ضحينا بالإنسان فبئس التقدم وخسئت التنمية؛ بأبنائه وبناته يحيا الوطن".
في سياق متصل، هاجم الطنطاوي تصريحات السيسي يوم الأحد 1 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي ألمح فيها لقدرته على "هدم مصر"؛ حيث قال: "هدم الدولة المصرية قد يحتاج 2 مليار جنيه، كنت بكلم مجلس القضاء الأعلى وبقول ممكن أهد مصر بـ2 مليار جنيه، استغربوا أوي"، وأكمل: "أدي باكيتة و20 جنيه وشريط ترامادول لـ100 ألف إنسان اللي ظروفه صعبة.. ممكن يهد بلد فيها 105 ملايين بمليار جنيه، يعني 30 مليون دولار، في ناس بتصرفهم في حفلة"، بحسب وصفه.
الطنطاوي علّق على تصريحات السيسي، وقال: "لقد بلغ السوء في هذا الحديث مبلغاً دفع الرئيس لأن يتفوّه بعد ذلك بكلمات غير لائقة تصور مصر كأنها دولة فاشلة وهشة يمكن لجماعة من اليائسين أو الخارجين على القانون أن يدمروها، وكأن الشعب المصري يمكن تخويفه وقمعه بترويج مثل تلك التصريحات المسيئة للوطن والمواطنين".
في نهاية بيانه، دعا الطنطاوي السيسي بأن يتدخل لوقف الانتهاكات التي تقع ضد زملاء الطنطاوي والعاملين معه بالحملة الانتخابية، مشيراً إلى أن السلطات اعتقلت العشرات منهم، وأضاف أن السلطات منعت أيضاً "عشرات الآلاف من حقهم الدستوري في تحرير التوكيلات لي، وذلك باستخدام طرق غير قانونية وصلت في كثير من الأحيان إلى استخدام العنف البدني وأعمال البلطجة، ومئات الحالات منها موثقة صوتاً وصورة".
تأتي تصريحات السيسي فيما تشهد البلاد أجواء انتخابات الرئاسة المصرية بعد فتح باب جمع التوكيلات المطلوبة لكل مرشح يريد خوض الانتخابات الرئاسية، فيما أعلن مجلس النواب المصري عن "دعمه الكامل لمسيرة السيسي".