وجدت وزيرة الداخلية البريطانية، سويلا برافرمان، نفسها في موقف محرج بشأن سياساتها المتشددة المتعلقة بالهجرة، وذلك بعدما تم الكشف عن مقطع فيديو مصور سراً، لسفير رواندا في بريطانيا، جونستون بوسينغيني، وهو يصف فيه موقف الحكومة البريطانية من الهجرة بأنه "خاطئ تماماً".
صحيفة The Guardian البريطانية ذكرت السبت 30 سبتمبر/أيلول 2023، أن بوسينغيني يدعم خطةَ الحكومة البريطانية لإرسال طالبي اللجوء إلى بلاده، إلا أنه قال إن وزراء بريطانيا يجدر بهم أن يتحروا عن الأسباب الدافعة إلى الهجرة، وقال إنه من "غير الأخلاقي" أن تدعي بريطانيا أنها دولة رحيمة.
تُشير الصحيفة إلى أن الفيديو صُوِّر سراً لبوسينغي أثناء لقاء عُقد معه في أحد أندية لندن، وذلك في تحقيق أجرته مجموعة الحملات السياسية Led By Donkeys، وقيل للسفير إنه سيلتقي رجلَ أعمال من شركة في جنوب شرقي آسيا يرغب في الاستثمار في بلاده.
تأتي هذه الانتقادات اللاذعة للحكومة البريطانية بعد أيام من دعوة برافرمان، الأسبوع الماضي، إلى إصلاح نظام الهجرة العالمي، وتحذيرها من أن الهجرة غير الخاضعة للرقابة "تحدٍّ وجودي" للدول الغربية.
يثير التحقيق أيضاً أسئلة جديدة بشأن خطة الحكومة لإرسال طالبي اللجوء إلى رواندا، واتهامات لسجل هذه الدولة في مجال حقوق الإنسان.
كانت محكمة استئناف بريطانية قد حكمت في يونيو/حزيران 2023، بأن خطة الحكومة البريطانية غير قانونية، إلا أن الحكومة استأنفت على الحكم أمام المحكمة العليا، وستُعقد جلسة استماع للنظر بالقضية في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
انتقاد لسياسة بريطانيا
عُقد اللقاء المذكور في نادي "ترافيلرز" في سانت جيمس بالعاصمة البريطانية في أغسطس/آب 2023، ولما سُئل السفير الرواندي عما قد يقوله إذا أُتيح له أن يُصارح رئيس وزراء بريطانيا أو وزيرة الداخلية بشأن سياستهم للهجرة في بريطانيا، أجاب بأنه سيُخبرهما بأنها سياسة "خاطئة تماماً"، وأنه "يجب أن تكون لديهما فكرة بعيدة المدى" عن الأمر.
أوضح بوسينغي أنه "يجب أن يكون لديهم سياسة طويلة المدى تُتيح للناس الخيار بألا يخاطروا بحياتهم من أجل القدوم إلى بريطانيا، لأن كثيراً من الناس الذين يأتون حالياً إلى بريطانيا لا يأتون بسبب حربٍ ما في بلادهم، وإنما لأنهم يائسون، إنهم يأتون إلى هنا لأنه ليس لديهم مستقبل هناك".
أضاف السفير في التسجيل، أنه من "غير الأخلاقي" أن تعدَّ بريطانيا نفسها دولة رحيمة. وقال: "من غير الأخلاقي أن يظل هذا البلد يرى نفسه بلد اللاجئين، وبلد التعاطف، وبلد الحماية، وبلد الرحمة، لقد استعبدوا ملايين الناس طيلة 400 عام. لقد دمروا الهند، ودمروا الصين، ودمروا أفريقيا".
كذلك بدا سفير رواندا منزعجاً من التغطية الإعلامية لعمليات إطلاق النار على اللاجئين الكونغوليين الذين كانوا يحتجون خارج مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بمنطقة كارونغي في رواندا بسبب تخفيض الحصص الغذائية في فبراير/شباط 2018.
بوسينغي قال في هذا الصدد: "أطلقت الشرطة [الرواندية] النار على 10 لاجئين. نعم، ربما حدث هذا، ولكن ماذا في ذلك؟ هنا في بريطانيا، يُطلق النار على شخص ما كل يوم، ويُذاع هذا على قناة BBC وفي كل مكان". وتشير البيانات التي جمعتها منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أن عدد القتلى المبلغ عنه في هذه الحادثة بلغ 12 شخصاً على الأقل.
يتناقض ذلك مع تصريحات أدلى بها السفير قبل أيام لصحيفة The Observer البريطانية، قال فيها إن حوادث إطلاق النار المميتة في غرب رواندا كانت مأساة.
من جهة أخرى، بدا السفير متردداً خلال اللقاء حين سُئل عما إذا كانت لديه ضمانات قاطعة بأن أي لاجئ يُنقل من بريطانيا إلى رواندا لن يُرحَّل أبداً إلى وطنه. وقال: "حتى لو حدث ذلك، يظل حدوثه مستبعداً، كم مرة سيحدث؟ وفي وضح النهار؟ لدينا لجنة إشراف بريطانية ورواندية. وهي لجنة مستقلة للغاية في عملها".