إذا كنت تقرأ هذا النص أثناء احتساء فنجان من القهوة.. حسناً، أنت على وشك معرفة سبب ما سوف تقُدم عليه عندما تنتهي من قراءته: دخول الحمام. هل تساءلتَ يوماً لماذا يحدث ذلك؟ وهل تسرّع القهوة هذه العملية، والأهم: هل القهوة تسبب الغازات حقاً؟
بينما يختلف إلى حدٍّ كبير تأثير فنجان القهوة من شخصٍ إلى آخر، ثمة عددٌ من الأبحاث التي تشير إلى أن حاجة دخول المرحاض هي أحد أكثر الآثار الجانبية شيوعاً بعد تناول القهوة.
معروف أن القهوة وحدها تحتوي على أكثر من ألف مركب نشط مختلف. ويتفاعل البشر مع المواد الكيميائية بشكلٍ مختلف، هذا ما يتضح مع القهوة والنوم. ففي حين يشعر بعض الأشخاص بمزيدٍ من اليقظة بعد رشفات قليلة من القهوة، قد يغفو آخرون بعد تناولها حتى في وقتٍ متأخر من الليل.
لذلك، فإن العثور على العنصر المحدد المسؤول عن ذلك (أو مجموعة العناصر) هو في الواقع عملية معقدة، أو لنقل إن الأبحاث لم تتوصل إلى نتائج قاطعة. ولماذا قد تسرّع القهوة عملية دخول الحمام عند البعض دون الآخر. لكن إليكم ما تقوله الدراسات:
ثلاثية القهوة والقولون والدماغ
صحيح أنه لا توجد الكثير من الأبحاث حول السبب المباشر، لكن هناك احتمالات عدة تُشير إليها دراسات مختلفة أُجريت حول السبب الذي يُدخلنا إلى الحمام، في غضون دقائق من شرب القهوة.
وفقاً لديزيريه نيلسن، أخصائية التغذية النباتية في مدينة فانكوفر الكندية، فإن الرغبة في التغوط تأتي من الدماغ. وبالنظر إلى السرعة التي يتغوط بها بعض الأشخاص، فمن المحتمل أن رد الفعل يحدث قبل وصول القهوة إلى القولون (في مسار طرد الفضلات خارج الجسم).
وفي حديثها إلى مجلة Bon Appetit الأمريكية، تُشير نيلسن إلى أن القهوة تحفز إنتاج هرمونَي "الغاسترين" و"الكوليسيستوكينين". وتقول: "هذان الهرمونان يحفزان حركات الأمعاء عبر رابط بين الأمعاء والدماغ، يُسمّى المنعكس المعدي القولوني".
بالمقابل، وفي دراسة أُجريت عام 1990، وجد الباحثون أن 29% من المشاركين فيها -الذين تناولوا القهوة السوداء غير المحلاة- كانت لديهم رغبة في التبرز وبسرعة كبيرة، خلال أقل من أربع دقائق.
ويبدو أن التأثير ليس مجرد صدفة، وهو مرتبط بالقولون. هذا ما يحدث:
يتعرض القولون لثلاثة أنواع من الانقباضات، التي تعمل معاً لخلط البراز وعجنه، ومن ثم إخراجه في النهاية. حدوث هذه الانقباضات وتوقيتها، وتكرارها، تتأثر بالعوامل العضلية والعصبية والكيميائية.
ومن شأن القهوة أن تحفز هذا النشاط الحركي للقولون في غضون دقائق من تناولها، بناءً على الأبحاث المحدودة المتاحة. فخلال دراسة أجريت عام 1998، اختبر 12 شخصاً هذا النشاط، عندما وافقوا على إدخال مسبار استشعار في القولون.
في اليوم التالي، وعلى مدار 10 ساعات، تناول جميعهم القهوة الدافئة أو القهوة منزوعة الكافيين أو الماء أو وجبة، بترتيبٍ عشوائي. وتبيّن أن الوجبة، إضافةً إلى النوعين من القهوة، سبّبا المزيد من تقلصات القولون والضغط، مقارنةً بالمياه.
وكانت القهوة التي تحتوي على الكافيين أكثر فاعلية بنسبة 60% من الماء، في تحفيز النشاط الحركي للقولون، وأكثر تأثيراً بنسبة 23% من القهوة منزوعة الكافيين.
هذه النتائج تعني على الأرجح أن القهوة لا تتصل مباشرةً ببطانة القولون، ولكنها تؤثر عليها من خلال "آلية معدية معوية". فالتغوّط هو عبارة عن آلية عمل، تتطلب عضلات.
تنقبض طبقات العضلات في أمعائنا لتحريك البراز، عبر الالتواءات والانعطافات المتعرجة للقولون، بهدف الوصول إلى المخرج أو المستقيم. يُطلق على هذه الآلية اسم "التمعج".
لماذا تجعلنا القهوة نتغوط؟
كما سبق وذكرنا أعلاه، يبدو أن القهوة تحفز أيضاً إطلاق هرمون الغاسترين، الذي يُتيح إنتاج حمض المعدة. وحمض المعدة يساعد على هضم الطعام، ويحفز نشاط القولون. فقد اكتشف الباحثون في العام 1986 أن شرب القهوة (مع أو بدون كافيين) يؤثر على مستويات الغاسترين بسرعة وبشكلٍ ملحوظ.
بالمقابل، وفي دراسة صغيرة أُجريت عام 2009، تلقى الرجال إما وجبة مع قهوة سوداء، أو وجبة من دون قهوة، بعد صيامهم طوال الليل. وقد تبيّن أن شرب القهوة بعد الوجبة أدى إلى تسريع الوقت الذي يستغرقه الطعام لمغادرة المعدة ودخول الأمعاء الدقيقة.
في حديثٍ إلى موقع CNN الأمريكي، يقول الدكتور كايل ستالر، وهو مدير مختبر حركية الجهاز الهضمي في مستشفى ماساتشوستس، وأستاذ مساعد في الطب بكلية الطب في جامعة هارفارد، إن شرب القهوة كان أكثر فاعلية من الماء في تحفيز حركة الأمعاء.
ولأنها تحتوي على أحماضٍ تعزز مستويات هرمون الغاسترين، فمن شأن القهوة أن تحفز تقلصات العضلات اللاإرادية في معدتنا لتحريك الأمعاء. ويحدث ذلك مع القهوة العادية، والقهوة منزوعة الكافيين.
هناك أدلة أيضاً على أن القهوة تزيد من إفراز هرمون الكوليسيستوكينين، وهو هرمون آخر يلعب دوراً رئيسياً في عملية الهضم. ووفقاً لطبيبة الجهاز الهضمي كريستين لي، في حديثها إلى موقع Cleveland Clinic الطبي: "الحد الأدنى لدور القهوة هو أنها تسرّع الحزام الناقل للبراز.
وتضيف الدكتورة لي: "القهوة نفسها هي التي تسرّع عملية الدخول إلى الحمام عن طريق تحريك الأمعاء، إنها مليّن طبيعي. والقهوة منزوعة الكافيين ليست قوية مثل نظيرتها المحتوية على الكافيين، ولكن لها تأثير مليّن أيضاً".
كذلك، أجرت الجمعية الكيميائية الأمريكية (ACS) مراجعة بحثية عام 2010، تبيّن من خلالها أن الميلانويدينات –وهي مركبات تتشكل أثناء تحميص القهوة– تحتوي على ألياف غذائية تساعد على الهضم، وتمنع الإمساك.
هل القهوة تسبب الغازات؟
صحيح أن للقهوة فوائد كثيرة، إذا تمّ تناولها بشكلٍ معتدل طبعاً؛ فهي تُعتبر مصدراً غنياً بمضادات الأكسدة، كما أنها قد تساعد في حماية دماغ الإنسان. لكن وللإجابة على سؤال "هل القهوة تسبب الغازات"؟ فباختصار، نعم. لكن لماذا؟
ووفقاً لموقع Webteb الطبي، السبب الرئيسي لذلك هو احتواء القهوة على كميات عالية من الكافيين، الذي يمكن أن يرفع من نسبة حموضة المعدة، الأمر الذي يؤدي إلى انتفاخ البطن وتكوّن الغازات. وفي بعض الحالات، يُمكن للكافيين أن يسبب عسراً في الهضم.
كذلك، وحين نتناول القهوة بعد الطعام، فإنها قد تتسبب في إفراغ محتويات المعدة سريعاً، قبل أن تهضم المعدة الطعام بشكلٍ جيد. فيصل الطعام إلى الأمعاء مهضوماً بشكلٍ جزئي، مما يُؤدي إلى الانتفاخ وحدوث غازات، ما قد يسبب الإسهال أحياناً.
وأحياناً، يُمكن للقهوة أن تسبب الغازات إذا ما تمّ تناولها مع حليب البقر. وفي معظم الأحيان، يُشير ذلك إلى أن الأشخاص الذين يعانون من الغازات -بعد شرب القهوة بالحليب- لا يدركون أنهم يعانون من حساسية اللاكتوز.
كذلك أظهرت بعض الدراسات أنه، عند تحميص القهوة لوقتٍ طويل، يزداد تركيز الـMethyl Pyridinium؛ وهي مادة كيميائية قد تسبب اضطرابات في الجهاز الهضمي، كما أنها تسبب الانتفاخ والغازات.