صرّح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في مقابلة أجراها الإثنين 18 سبتمبر/أيلول 2023، مع الصحافة الأمريكية في نيويورك، على هامش حضوره لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأنه يثق بروسيا بقدر ثقته في الغرب.
وأضاف الرئيس التركي: "ليس لدي سبب لعدم الثقة في روسيا، يُمكننا الاعتماد على الغرب وروسيا بدرجةٍ متساوية".
وأضاف أردوغان في المقابلة: "هل علينا أن نفعل ما يفعله الاتحاد الأوروبي؟ موقف تركيا في العالم مختلف عن موقف دول الاتحاد الأوروبي. روسيا هي واحدة من أقرب جيران تركيا، ويجمع البلدين تاريخ مشترك".
عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي
ورداً على سؤال عما إذا كانت تركيا مستعدة للتخلي عن سعيها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، أكد أردوغان أن أنقرة تولي أهمية لقرارات التكتل، مبيناً أنه "إذا اتخذ الاتحاد الأوروبي قراراً إيجابياً فسنرحب به. جرت مماطلة تركيا عند أبواب الاتحاد الأوروبي طوال الخمسين عاماً الماضية. كنا دائماً دولة مكتفية ذاتياً. لم نحتَجْ أبداً إلى مساهمات الاتحاد الأوروبي أو دعمه، ولا حاجة لنا بذلك".
كما شدد الرئيس التركي على ضرورة أن تفي السويد بوعودها فيما يتعلق بالإرهاب.
وقال أردوغان: "ما زلنا نرى الإرهابيين يسرحون ويمرحون في شوارع ستوكهولم".
وأفاد أردوغان، بحسب نص اللقاء الذي نشره مكتبه: "نحن نرى نافذة الفرصة مفتوحة لإعادة إحياء علاقات تركيا بالاتحاد الأوروبي في هذه الفترة الحرجة. ونواصل التأكيد على أهمية إعادة إحياء عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي".
كما أشار أردوغان إلى تحسن العلاقات مع واشنطن، والتي تمحورت مؤخراً حول موافقة أنقرة على انضمام السويد لحلف الناتو والاتفاقية المحتملة لتزويد تركيا بمقاتلات إف-16.
وقال أردوغان: "نحن سعداء بتطور تعاوننا مع الولايات المتحدة.. لقد حللنا غالبية الأمور العالقة أثناء محادثاتنا مع السيد بايدن، وقررنا إجراء المزيد من المحادثات بما يتماشى مع هذه الأجندة الإيجابية".
فيما أشار بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي إلى أن تقديم طائرات إف-16 لتحديث أسطول المقاتلات التركية يعتمد على قبول أنقرة لعضوية السويد في الناتو، لكن أردوغان أكّد أنه "لا ينبغي الربط بين الموضوعين"، قائلاً إن اتخاذ قرار بشأن السويد أصبح في يد البرلمان التركي، الذي يسيطر حزبه وحلفاؤه على أغلبية مقاعده.
كما حاول أردوغان الفصل بين طلب انضمام السويد للناتو وطلب انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي؛ لكنه طالب أعضاء الاتحاد الأوروبي في يوليو/تموز بـ"فتح الطريق أمام تركيا" في مقابل الموافقة على انضمام السويد للناتو.
وصرّح أردوغان للشبكة الأمريكية، قائلاً إن "موقف السويد وموقفنا الحالي في مفاوضات الانضمام للاتحاد الأوروبي هما مسألتان منفصلتان تماماً".
وبين أن البرلمان التركي هو صاحب الكلمة في تقييم مقترح انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي "ناتو"، والبت فيه.
وأضاف أن "هذا جزء من جدول أعمال البرلمان، حيث سيقوم الأخير بتقييم الوضع في إطار تقويمه الخاص، وسيتم طرح هذا الاقتراح على النواب للتصويت عليه".
كما أشار الرئيس التركي خلال المقابلة إلى أن بلاده أطلقت ممر الحبوب، وتم تصدير 33 مليون طن منها إلى دول العالم عبر البحر الأسود، مضيفاً: "ونحن لم نفعل هذا فقط؛ لأن الاتحاد الأوروبي طلب منا ذلك. لقد كان التزاماً إنسانياً أخذناه على عاتقنا".
يُذكر أن أنقرة احتفظت بعلاقات وطيدة مع روسيا وأوكرانيا على حدّ سواء خلال الحرب المستمرة منذ 19 شهراً. وفي يوليو/تموز من العام الماضي، توصّلت تركيا مع الأمم المتحدة إلى صفقة تسمح بشحن الحبوب الأوكرانية بأمان من موانئها على البحر الميت، لتساعد بذلك في تخفيف أزمة الغذاء العالمية، لكن موسكو انسحبت من الاتفاقية قبل شهرين بدعوى عدم احترام اتفاقيةٍ موازية كانت تسمح لها بتصدير الأغذية والأسمدة.
الحرب في أوكرانيا
كما أكد الرئيس التركي أنه من غير الممكن الحديث عن جدول زمني للمدة التي ستستغرقها الحرب الروسية الأوكرانية، مضيفاً أن زعيمين فقط هما من يمكنهما تحديد ذلك.
وقال أردوغان: "لن يكون من الممكن الحديث عن جدول زمني للمدة التي ستستغرقها الحرب في أوكرانيا، ومتى ستنتهي"، وأضاف: "زعيمان فقط هما من يمكنهما تحديد إلى متى ستستمر الحرب".
ورداً على سؤال: هل استفادت تركيا من علاقتها بروسيا أكثر أم من علاقتها مع الولايات المتحدة؟ أكد أردوغان أن مثل هذا السؤال يجب ألا يُسأل لقائد سياسي.
وأشار إلى أن مفهومه للسياسة يعتمد على إيجاد سياق يستند إلى سيناريو الربح المتبادل مع كل دولة في العالم، وتابع في السياق ذاته: "فكما علاقاتي جيدة مع الولايات المتحدة فستكون بنفس الشكل علاقاتي جيدة مع روسيا، وسأواصل علاقاتي مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بنفس نهج الربح المتبادل".
ويشار إلى أن الرئيس التركي توجه السبت إلى الولايات المتحدة، من أجل المشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقال بيان صادر عن دائرة الاتصال بالرئاسة التركية: "الرئيس أردوغان سيزور الولايات المتحدة بين 16 و20 سبتمبر/أيلول الجاري للمشاركة في اجتماعات الدورة الـ 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة بمدينة نيويورك".
وفي إطار الزيارة، سيحضر أردوغان فعاليات يشارك فيها أتراك وممثلو المجتمع المدني في العالم التركي مقيمون في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى ممثلي عالم الأعمال ومسؤولي مراكز الفكر وقادة الرأي من مختلف شرائح المجتمع الأمريكي.