أثارت وزير التجارة في الحكومة الفرنسية، أوليفييه غريغوار، جدلاً وانتقادات، باقتراحها أنَّ تتعامل الأسر الفرنسية مع التضخم الذي تشهده البلاد، من خلال التخلي عن الوجبات الجاهزة، وإعداد أطباقها الخاصة، والطبخ على غرار ما كان يفعله الأجداد.
غريغوار دعت الفرنسيين إلى إعادة دروس الطبخ إلى المدارس، لتحسين صحة الأسرة ومواردها المالية، في إطار ما سمته "التعلُّم مثل الجدات" في مواجهة أزمة غلاء المعيشة، وفقاً لما ذكرته صحيفة The Times البريطانية، الإثنين 18 سبتمبر/أيلول 2023.
أثار تعليق الوزيرة غضب اليساريين الذين قارنوها بماري أنطوانيت وصوروها بأنها رمز لمسؤول بعيد عن الناس العاديين، وكانت أنطوانيت ملكة فرنسا الأخيرة قبل اندلاع الثورة الفرنسية عام 1789، وكانت تعيش حياة باذخة، وتُنسب إليها مقولة "دعهم يأكلوا الكعك"، في إشارة إلى أن الفقراء لم يكونوا يجدون الخبز، إلا أنه لا دليل على أن الملكة قالت هذه المقولة.
تشير الدراسات الاستقصائية الأخيرة، إلى أنَّ معظم الأسر الفرنسية لا تزال تطبخ المنتجات الطازجة بانتظام، لكن يبدو أنَّ الأجيال الشابة لديها شهية متزايدة للوجبات السريعة وتوصيل الطلبات للمنازل.
بحسب الصحيفة البريطانية، فإن غريغوار، البالغة من العمر 44 عاماً، قدمت هذا الاقتراح خلال مقابلة مع لجنة من قراء صحيفة Sud Ouest الفرنسية، التي ركزت على أسعار المواد الغذائية، التي ارتفعت بنسبة 11.2% في شهر أغسطس/آب 2023، عمّا كانت عليه في أغسطس/آب من العام 2022، وهي ترتفع بوتيرة أسرع بكثير من معدل التضخم ككل، الذي بلغ معدله 4.9% على أساس سنوي.
غريغوار قالت خلال عرضها لمقترحها: "نحن بحاجة إلى أن نتعلم مرة أخرى كيفية طهي المنتجات الخام لتجنب شراء [الوجبات] الجاهزة، التي هي أكثر تكلفة. يجب أن تعود دروس الطبخ إلى المدارس. هناك مشكلة حقيقية في تعلُّم مهارات المطبخ الأساسية اليومية مثل الجدات".
واجهت غريغوار سخرية على الإنترنت وانتقادات من المعارضين للحكومة، وقال جان لوك ميلينشون، زعيم حزب "فرنسا الأبيّة" الراديكالي، في إشارة إلى التعليق الذي نُسب خطأ على نطاق واسع إلى ماري أنطوانيت وسط نقص الغذاء قبل الثورة الفرنسية: "إذا لم يكن هناك خبز، فكلوا الكعك".
كذلك غرّدت آن ستامبا، عضو البرلمان عن فرنسا: "إذا كان الناس يفوتون وجبات الطعام؛ فهذا ليس لأنهم لا يعرفون كيف يطبخون، بل لأنهم ليس لديهم ما يطبخونه".
أيضاً اقتبس العديد من مستخدمي الإنترنت عن ميشيل كولوتشي، الكوميدي الفرنسي الراحل المعروف باسمه المسرحي كولوتشي، الذي قال ذات يوم إنَّ النهج الذي تتبعه الدولة الفرنسية في التعامل مع الفقر هو: "أخبرنا بما تحتاجه، وسنخبرك كيف يمكنك الاستغناء عنه".
على الرغم من أنَّ المعلقين الفرنسيين غالباً ما يتحسرون على تراجع طموحات المطبخ الفرنسي، فقد وجد استطلاع للرأي نُشِر في عام 2020 أنَّ 67% من العائلات تعد وجباتها الخاصة كل يوم؛ بما مجموعه 42% من الخضار والفواكه الطازجة المطبوخة يومياً، و32% مكونات أخرى كل يومين.
مع ذلك، يشعر الأصوليون بالقلق من أنَّ الأجيال الشابة تدير ظهورها للمطبخ التقليدي، فعلى سبيل المثال، يتناول أكثر من نصف الفرنسيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاماً طعامهم في سلاسل ماكدونالدز مرة واحدة على الأقل شهرياً، ويزداد ميلهم إلى طلب الوجبات الجاهزة إلى منازلهم، وهو سوق تبلغ قيمته الآن 10.7 مليار يورو سنوياً.
تُشير الصحيفة البريطانية، إلى أن غريغوار رفضت الانتقادات المُوجَّهة لها؛ قائلة إنها أوصلت رسالة "منطقية تتحدث عمّا هو مفيد للصحة وميزانيات الأفراد، وليس فقط في أوقات التضخم".