تفجرت دموع مواطن ليبي وهو يحكي عن عائلته التي ماتت في فيضانات درنة، والتي أدت لمقتل وفقدان الآلاف وتدمير أجزاء من مدينة درنة، وروى المواطن، وهو أحد سكان مدينة درنة اللحظات الأولى من الفيضانات، وقال في مقطع فيديو تداوله نشطاء على نطاق واسع على منصات التواصل: "جهزنا أنفسنا على أنه إعصار جهة البحر، وأخذنا جميع احتياطاتنا، وحتى الساعة الثانية بعد منتصف الليل كانت الأمور طبيعية، لكن لم تمر ساعة حتى فوجئنا بالمياه تتجه نحونا كأنها تسونامي، ارتفاعها وصل إلى 4 أمتار".
أضاف: "كسرت المياه كل شيء وجرفت السيارات، واستغرقت فقط 10 دقائق لتدمير كل شيء، أنا حضرته لحظة بلحظة"، لافتاً إلى أنه كان معرضاً للموت رفقة أسرته لو ارتفعت المياه في منزله بضعة سنتيمترات أخرى.
وعند سؤاله عما إذا توفي أحد من أقاربه، أجاب باكياً: "22 شخصاً، كانوا يسكنون شارع حشيشة وزليطة، جدتي وجدي مع 4 من بناته، عمتي و3 بنات وولدين، أختي وزوجها وأطفالهما الخمسة، 22 واحد، مساكين أصحابي وأقربائي، ماعادش فيها خلاص، درنة معادش فيها، ربنا يعوضنا".
أزمة تواجه سكان درنة بعد الفيضان
في حين وجد الليبيون الذين جرفت الفيضانات منازلهم في مدينة درنة قبل أسبوع أنفسهم الأحد 17 سبتمبر/أيلول 2023، محاصرين بين مطرقة البقاء في المدينة واحتمال إصابتهم بالعدوى، وسندان الفرار منها عبر مناطق جرفت الفيضانات ألغاماً أرضية إليها. وهناك مخاوف من أن يكون آلاف الأشخاص لقوا حتفهم بعد انهيار سدين في مدينة درنة، مما أدى إلى انهيار مبانٍ سكنية كانت تصطف على جانبي مجرى نهر عادة ما يكون جافاً، بينما كان الناس نياماً.
في حين ذكر تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن ما لا يقل عن 11300 شخص لقوا حتفهم، وهو ما يزيد على مثلي العدد الذي أعلنته المنظمة الدولية للهجرة يوم الجمعة. ونسب التقرير حصيلة هذه الأرقام إلى الهلال الأحمر الليبي. لكن متحدثاً باسم الهلال الأحمر قال إنهم لم ينشروا مثل هذا العدد من الضحايا.
دفن المئات في مقابر جماعية في درنة
تقول الأمم المتحدة إن أكثر من ألف شخص دُفنوا في مقابر جماعية، وحذرت جماعات الإغاثة من هذه الممارسة. وأكدت السلطات الليبية إصابة 150 شخصاً بالتسمم بسبب المياه الملوثة في المناطق المتضررة من الفيضانات.
وقال محمد ونيس التاجوري إنه جاء إلى درنة من بنغازي على الساحل مع زملائه من طلاب الطب للقيام بأعمال التطهير والتعقيم. وأضاف: "بعد الفيضانات تحدث الأوبئة".
ومع شروق شمس الأحد خفت حدة مشاهد الدمار مع إزالة أكوام الركام ووضعها على جوانب طرق خالية، ورفع كميات من المعادن المتشابكة، بعضها أجزاء من حطام سيارات.
وافترش حمد عوض شارعاً خالياً وبجانبه زجاجة ماء وأغطية سرير. وقال: "أنا باقٍ في منطقتنا، في محاولة لتنظيفها والتحقق من المفقودين.. الحمد لله الذي رزقنا الصبر".
انهيار مناطق كاملة في درنة
جرفت المياه مناطق بأكملها في درنة، التي يقدر عدد سكانها بنحو 120 ألف نسمة على الأقل، أو غطتها بالوحل. وأفادت وسائل إعلام رسمية أن ما لا يقل عن 891 بناية دُمرت في المدينة، فيما قال رئيس البلدية إن 20 ألف شخص ربما يكونون قد لقوا حتفهم جراء هذه الكارثة.
وقال محمد الناجي بوشرتيلا، وهو موظف حكومي، إن 48 فرداً من عائلته في عداد المفقودين. وقال ساكن آخر إن الناس في حيرة بشأن ما يجب عليهم فعله بعد ذلك.
وقال وصفي، وهو أحد السكان الذي فضل ذكر اسمه الأول فقط: "ما زلنا لا نعرف أي شيء.. نسمع شائعات.. البعض يحاول طمأنتنا، والبعض الآخر يقول إما أن تغادروا المدينة أو تبقوا هنا. ليس لدينا مياه ولا موارد".
وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن المشردين يعيشون في ملاجئ مؤقتة أو مدارس أو يكتظون في منازل أقاربهم أو أصدقائهم.
أضاف التقرير أن مياه الفيضانات نقلت الألغام الأرضية وغيرها من الذخائر التي خلَّفها الصراع على مدار السنوات الماضية، مما يشكل خطراً إضافياً على آلاف النازحين المتنقلين.