قالت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان في تقرير نشرته، السبت 16 سبتمبر/أيلول 2023، إن الحكومة الأمريكية أدرجت الحكومة المصرية لأول مرة في قائمة الحكومات التي تستخدم الجنود الأطفال في العمليات العسكرية، في التقرير السنوي للاتجار بالبشر الصادر في 15 سبتمبر/أيلول 2023 عن الحكومة الأمريكية، وهو ما يعد خطوة هامة نحو توثيق ومحاسبة الانتهاكات التي تقع في شمال سيناء منذ سنوات بلا رادع.
وكانت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان قد وثَّقت بشكل دامغ وشامل في تقرير صدر في (أغسطس/آب، 2023) استخدام الجنود الأطفال ضمن صفوف الميليشيات القبلية المسلحة الداعمة للجيش في شمال سيناء في حربها ضد عناصر تنظيم "ولاية سيناء" التابع لداعش.
صدر التصنيف في التقرير السنوي للاتجار بالبشر الصادر عن الخارجية الأمريكية، ويغطي الفترة بين أبريل/نيسان 2022 ومارس/آذار 2023 ويشمل قسماً خاصاً باستخدام الجنود الأطفال، ويضم 19 دولة.
تجنيد الأطفال عسكرياً في مصر
يُجرم القانون الدولي تجنيد الأطفال تحت سنة 18 عاماً، كما يعتبر أن تجنيد من هم تحت الخامسة عشرة جريمة حرب، يُساءل القائمون عليها دولياً. كما أن ذلك التجنيد محظور وفق نص القانون 127 لسنة 1980 بشأن الخدمة العسكرية والوطنية في مصر الذي ينص على أن سن التجنيد الإجباري تبدأ بعد إتمام الثامنة عشرة.
مع ذلك، قامت العديد من الميليشيات المسلحة القبلية في شمال سيناء باستخدام الجنود الأطفال في العمليات القتالية واللوجستية تحت إشراف وتشجيع ودعم رسمي من قبل قوات الجيش المصرية.
من جانبها، قالت الحكومة الأمريكية في الفصل الخاص بمصر في التقرير إنه خلال الفترة التي يغطيها التقرير، أصدرت منظمة غير حكومية تقريراً يفيد أن الحكومة (المصرية) نسقت وقامت بعمليات مشتركة مع ميليشيا في شبه جزيرة سيناء والتي قامت – زعماً – بتجنيد واستخدام الأطفال، بما يشمل انخراط بعضهم في شن الهجمات مباشرة.
يخالف استخدام الجنود الأطفال التزامات مصر الدولية وفقاً لاتفاقية حقوق الطفل الأممية والبروتوكول الاختياري الملحق بها بشأن اشتراك الأطفال في المنازعات المسلحة والذي صدقت عليه الحكومة المصرية في 2007.
تنص المادة الرابعة من البروتوكول على أنه "لا يجوز أن تقوم المجموعات المسلحة المتميزة عن القوات المسلحة لأي دولة في أي ظرف من الظروف بتجنيد أو استخدام الأشخاص دون سن الثامنة عشرة في الأعمال الحربية".
كما توجب على الدول الأطراف اتخاذ "جميع التدابير الممكنة عملياً لمنع هذا التجنيد والاستخدام، بما في ذلك اعتماد التدابير القانونية اللازمة لحظر وتجريم هذه الممارسات".
تجنيد الأطفال في سيناء
بدأت أول تلك المجموعات المسلحة الداعمة للجيش في الظهور منتصف عام 2015، لدعم السلطات المصرية في حربها على تنظيم ولاية سيناء، من بينها اتحاد قبائل سيناء الذي تشكل عام 2015 واستمر حتى 2020 في أداء أدوار محدودة، تتمثل في توفير المعلومات الاستخبارية لقوات الأمن المصرية ومرافقة هذه القوات في غاراتها على أماكن اختباء عناصر تنظيم ولاية سيناء.
منذ يوليو/تموز 2020 بدأ الجيش المصري في التسليح والتدريب العسكري المنتظم لمجموعات قبلية غير محددة موالية للحكومة، بهدف الدفاع عن قراهم ضد هجمات ولاية سيناء، بعض هذه الميليشيات تشكلت بواسطة قبائل البياضية، السماعنة، الدواغرة والأخارسة والتي تقطن جميعها في منطقة غرب سيناء، وذلك في منتصف عام 2021.
لاحقاً طلب مكتب شؤون القبائل التابع لجهاز المخابرات العسكرية والاستطلاع المصري مباشرة من زعماء قبائل السواركة والترابين والرميلات تسجيل أفراد عشائرهم ضمن الميليشيات الموالية للحكومة، والتي تلقت فيما بعد تدريبات من قبل الجيش، ومنذ أواخر عام 2021، بدأت الميليشيات الموالية للحكومة في إجراء عمليات تمشيط وقتال والدخول في اشتباكات مسلحة ضد ولاية سيناء. وفي عام 2022، نفذت الميليشيات الموالية للحكومة التي شكلتها قبائل السواركة والترابين عمليات مماثلة في غرب وجنوب رفح وجنوب الشيخ زويد.
وقف المساعدات العسكرية
ينص قانون حظر استخدام الجنود الأطفال الأمريكي على وقف أي مساعدات عسكرية أو أمنية تقدمها الحكومة الأمريكية للحكومات الضالعة في استخدام الجنود الأطفال إلا في الحالات التي يقوم فيها البيت الأبيض بالتنازل عن تلك الاشتراطات إن كان ذلك في مصلحة الأمن القومي الأمريكي، وهو ما قامت به الحكومة الأمريكية بالفعل يوم 14 سبتمبر/أيلول 2023، حيث حجبت إدارة الرئيس بايدن 85 مليون دولار من المساعدات العسكرية لمصر.
في سياق متصل، فقد قال عضو بمجلس الشيوخ الأمريكي يوم الأربعاء، إن الولايات المتحدة قررت حجب مساعدات عسكرية لمصر بقيمة 85 مليون دولار بسبب تقاعس القاهرة عن إطلاق سراح عدد كافٍ من السجناء السياسيين، وحثها على حجب 235 مليون دولار أخرى.
وقال مصدران آخران مطلعان على الأمر إنه تم حجب مبلغ 85 مليون دولار، ومن المتوقع اتخاذ القرار بشأن المبلغ الآخر وهو 235 مليون دولار قريباً. ولم ترد وزارة الخارجية الأمريكية ولا السفارة المصرية على الفور على طلبات التعليق.
وقال عضو مجلس الشيوخ كريس مورفي المنتمي للحزب الديمقراطي في قاعة المجلس: "اتخذت الإدارة قراراً صائباً بحجب الدفعة الأولى – 85 مليون دولار مرتبطة بالإفراج عن السجناء السياسيين – لأنه لم يتم إحراز تقدم كافٍ من دون شك".
وأضاف ميرفي: "أود أن أحث الإدارة على إنهاء المهمة وحجب المبلغ بالكامل وهو 320 مليون دولار.. حتى يتحسن سجل مصر في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية".