أثار رئيس برلمان شرق ليبيا، عقيلة صالح، غضب الليبيين بعد أن وصف مقتل الآلاف في فيضانات درنة بأنه "قدر"، ونفى أنه كان من الممكن القيام بأي شيء لمنعها، وقال متحدثاً أمام مجلس النواب يوم الخميس 14 سبتمبر/أيلول 2023، إن الدمار الواسع النطاق الذي ضرب المدينة الليبية كان "كارثة طبيعية لا مفر منها"، وإن انتقاد المسؤولين أو اتهامهم بعدم الكفاءة أو سوء الإدارة غير عادل. وقال: "لا تقل إنه كان ينبغي لنا أن نفعل هذا أو ذاك"، وفق تقرير نشره "ميدل إيست آي"، الجمعة 15 سبتمبر/أيلول 2023.
تأتي تعليقات صالح بعد يوم واحد فقط من تحذير الأمم المتحدة من أن معظم الوفيات الناجمة عن الفيضانات في ليبيا– والتي خلفت أكثر من 5200 قتيل في درنة وحدها- كان من الممكن تجنبها إذا كانت أنظمة الإنذار المبكر وإدارة الطوارئ تعمل بشكل جيد.
انتقادات بسبب تقاعس سلطات ليبيا عن إنقاذ درنة
قال الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، بيتيري تالاس، للصحفيين في جنيف: "كان بإمكان سلطات إدارة الطوارئ تنفيذ عملية إجلاء الناس، وكان بإمكاننا تجنب معظم الخسائر البشرية".
وفي حين أصدر المركز الوطني للأرصاد الجوية في ليبيا تحذيرات بشأن الطقس القاسي قبل 72 ساعة من وقوع العاصفة، قال المكتب الإقليمي للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية إنه ليس من الواضح "ما إذا كانت [التحذيرات] قد تم نشرها بشكل فعال".
وأثارت تصريحات صالح، الذي يشغل ابن أخيه منصب عمدة مدينة درنة، ردود فعل عنيفة من العديد من الليبيين.
وقال الصحفي والمعلق خليل الحاسي إن صالح "يسخر من ليبيا والليبيين"، ويرفض إظهار "أي إحساس بالمسؤولية". وقال في تغريدة على تويتر: "هذا يعني أن دراسة الأخطاء وتحديد المسؤولية وإنصاف الضحايا كلام فارغ بالنسبة له".
انهار سدان في درنة عندما تسببت عاصفة استوائية في فيضانات أسفل وادي درنة، وهو نهر يمتد من الجبال الخضراء بشرق ليبيا عبر المدينة إلى البحر. وقد جرفت أحياء بأكملها وما زال نحو 10000 شخص في عداد المفقودين.
وقال عبد المنعم الغيثي، عمدة درنة، لقناة "العربية" السعودية الأربعاء الماضي، إن عدد القتلى قد يصل إلى ما بين 18 و20 ألفاً، بناءً على عدد الأحياء التي دمرت.
اضطرابات في ليبيا
وتشهد ليبيا حالة من الاضطرابات وعدم الاستقرار منذ عام 2011 عندما أطاحت الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلسي بالحاكم القديم معمر القذافي، مما ترك البلاد منقسمة بشدة وتفتقر إلى حكومة مركزية قوية.
وتنقسم البلاد التي يبلغ عدد سكانها سبعة ملايين نسمة، بين تلك التي تحكمها حكومة معترف بها دولياً ومقرها العاصمة طرابلس، وإدارة منفصلة تحكم الشرق المنكوب بالكارثة.
وتوقع تقرير صادر عن أحد الأكاديميين بجامعة عمر المختار في ليبيا، نُشر العام الماضي، أن منطقة درنة لديها احتمال كبير لمخاطر الفيضانات، وأن سدودها تتطلب صيانة متكررة.
وقالت ملاك الطيب، المستشارة المستقلة والباحثة في السياسة البيئية، لموقع ميدل إيست آي، يوم الأربعاء: "السدود في ليبيا في حالة ضعيفة والصيانة ليست أولوية". وأضافت: "لو تمت صيانة السدود بشكل أفضل، لكان من الممكن تقليل الدمار بشكل فعال".
يُذكر أن درنة تعرضت لضربات الكوارث الطبيعية من قبل، وضمن ذلك فيضان عام 1941 أثناء الحرب العالمية الثانية، والذي تسبب في خسائر فادحة للقوات الألمانية المتمركزة على أطراف المدينة.
كما شهدت المدينة فيضانات كارثية شديدة أخرى في أعوام 1959 و1968 و1986، لكن وجود السدود لعب دوراً حاسماً في تخفيف شدتها وحماية المدينة من الأضرار.
ومع ذلك، سنجد أن تلك السدود التي لم تجر صيانتها بالشكل المطلوب قد انهارت في مواجهة فيضانات الأحد الماضي. ولا يمكن مقارنة تداعيات الفيضان الأخير بأي من تلك الفيضانات السابقة على الإطلاق، سواءً من حيث الخسائر المادية أو البشرية.