جاء قرار مجموعة العشرين بقبول الاتحاد الأفريقي عضواً دائماً في اجتماع المجموعة عام 2023 في الهند، في وقت بدأ العديد من المراقبين يتساءلون عن أهمية وفاعلية هذا المنتدى العالمي، في وقت تصعد فيه تكتلات شرقية قوية بقيادة الصين وروسيا، مثل مجموعة بريكس، أو منظمة شنغهاي للتعاون.
ماذا يعني انضمام الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة العشرين؟
يضم الاتحاد الأفريقي، الذي أُسّس في عام 2002 بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، 55 دولة عضواً (بما فيها ست معلقة عضويتها)، ويبلغ مجموع ناتجه المحلي الإجمالي ثلاثة تريليونات دولار. وكانت القارة حتى الآن ممثلة في مجموعة العشرين بدولة واحدة هي جنوب أفريقيا.
وقال الرئيس الكيني وليام روتو، إن انضمام الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة العشرين سيوفر "صوتاً ورؤية" لأفريقيا، القارة "الأسرع نمواً" في الوقت الحالي. ورحّبت الرئاسة النيجيرية بالعضوية الجديدة، وقالت في بيان نُشر على منصة "إكس": "كقارة، يسرّنا مواصلة تعزيز تطلعاتنا على الساحة العالمية عبر منصة مجموعة العشرين".
من جهته، رأى رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال، أن انضمام القارة السمراء "رمز مهم للشمول"، و"خطوة كبيرة لمجموعة العشرين ولأفريقيا، لكنها لن تكون الأخيرة". فيما علت الأصوات المطالبة بتعزيز تمثيل القارة الأفريقية في هيئات دولية رئيسية أخرى، مثل مجلس الأمن الدولي.
وبحسب مجلة moderndiplomacy الدولية، يعد قبول الاتحاد الأفريقي خطوة إيجابية لاقتصادات مجموعة العشرين، وقد يعقبها مزيد من الانفتاح لمجموعة العشرين على الكتل والمنظمات الإقليمية التنموية.
كما أن التواصل بشكل أكبر مع بقية المجتمع العالمي سيسمح بإعادة تنشيط مجموعة العشرين، خاصةً إذا تم استخدام الإمكانات الاقتصادية الإقليمية لتعزيز قدرات المؤسسات الاقتصادية العالمية.
مجموعة العشرين تحاول تدارك ما فات
يأتي انضمام الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة العشرين بعد أن دعا عدد متزايد من الأكاديميين وصانعي السياسات في الأعوام الأخيرة إلى معالجة نقص الشمولية من جانب مجموعة العشرين، فيما يتعلق بالعالم النامي وأفريقيا على وجه الخصوص.
وتعالت الأصوات بأنه لا يوجد سبب يجعل الاتحاد الأوروبي في نهاية المطاف الكتلة الإقليمية الوحيدة الممثلة في إطار مجموعة العشرين. وأنه يجب أن تصبح الكتل الإقليمية الأخرى (بما في ذلك تلك الموجودة في أفريقيا) جزءاً من مجموعة العشرين.
تقول مجلة moderndiplomacy إنه بصرف النظر عن التمثيل الأكبر لأفريقيا والجنوب العالمي في منتدى مجموعة العشرين، هناك أهمية أخرى لقبول الاتحاد الأفريقي في مجموعة العشرين، وهي أنه يخلق مجالاً أكبر للتعاون الوثيق بين المؤسسات والمنصات العالمية، مثل صندوق النقد الدولي، والصندوق العالمي للتنمية، والبنك الدولي، ومنظمة التجارة العالمية، ومجموعة العشرين، مع العديد من المنظمات الإقليمية الأخرى.
بعد انضمام الاتحد الأفريقي لـ"العشرين".. ما الآثار المترتبة على مجموعة بريكس؟
بعد الهند، تنتقل الرئاسة التالية لمجموعة العشرين إلى البرازيل، ثم إلى جنوب أفريقيا، اللتين تعتبران أعضاء بـمجموعة البريكس. وقد يكون انضمام الاتحاد الأفريقي لمجموعة العشرين فرصةً لمجموعة البريكس لزيادة تنسيقها داخل مجموعة العشرين، ولزيادة توسيع إمكانيات تمثيل الجنوب العالمي بشكل أكبر في هذه المنصة العالمية، كما تقول مجلة مودرن دبلوماسي، ويمكن تحقيق الهدف الأخير من خلال إنشاء منصة لترتيبات التكامل الإقليمي التي تكون اقتصادات مجموعة العشرين أعضاء فيها.
وتؤدي كل من البرازيل وجنوب أفريقيا أدواراً إقليمية بالغة الأهمية في الكتلتين الإقليميتين. وقد يفسح هذا المجال أمام أعضاء مجموعة البريكس للمضي قدماً في إنشاء منتدى لترتيبات التكامل الإقليمي ضمن مجموعة العشرين، ما من شأنه أن يجمع بين الكتل الإقليمية الرئيسية للاقتصاد العالمي.
وسيكون لإدراج الاتحاد الأفريقي في مجموعة العشرين تأثير مهم على التطور المستقبلي لمجموعة البريكس+، حيث قررت المجموعة هذا العام توسيع الكتلة من خلال إضافة دول جديدة إلى التكتل، مثل الأرجنتين ومصر وإثيوبيا وإيران والسعودية والإمارات، لتصبح دولاً كاملة العضوية بالمجموعة.
ومع تزايُد العلامات على أن الغرب بدأ في التأثير بشكل فعال على الاقتصادات في الجنوب العالمي من خلال مجموعة العشرين، سيكون الضغط على كتلة البريكس كبيراً، ما قد يدفعها لتوسيع نطاق البريكس+ للسماح بانضمام المزيد من الاقتصادات النامية الأخرى.
وإذا تحركت مجموعة العشرين في اتجاه دمج المزيد من كتل التكامل الإقليمي، فستكون هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات من جانب مجموعة البريكس+ لإنشاء منصة للترتيبات الإقليمية، من أجل تحسين تنسيق سياسات الجنوب العالمي في مجموعة العشرين.
وكانت بريكس قد نشأت عام 2009 كتحالف لمجموعة من الأسواق الناشئة السريعة النمو والمكتظة بالسكان، والتي تشمل البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، التي انضمت إلى المجموعة لاحقاً في عام 2010.
وتمثل مجموعة بريكس قوة اقتصادية ضخمة، حيث ارتفعت حصة الكتلة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي من 8% عام 2001 إلى 26% حالياً. وخلال الفترة نفسها انخفضت حصة مجموعة السبع (G7) -كتلة تتألف من أكبر الاقتصادات المتقدمة في العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان- من 65% إلى 43%. كما تشير بعض التقارير الاقتصادية إلى أن دول بريكس قد تجاوزت مجموعة السبع من حيث الناتج المحلي الإجمالي، عند حسابه على أساس تعادل القوة الشرائية (PPP).
وبرز دور مجموعة بريكس في انتقاد النظام الدولي، وخاصةً سياسات التهميش التي تتبعها المؤسسات الدولية الناشئة بعد الحرب العالمية الثانية، بما في ذلك مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، تجاه دول الجنوب العالمي (مصطلح مقصود به الدول النامية). ويرى أعضاء بريكس أن التعاون الاقتصادي فيما بينهم، ومع باقي دول الجنوب العالمي، يمكن أن يُسهم في الحد من نفوذ الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، الاقتصادي والمالي العالمي، الأمر الذي من شأنه أن يخلق ساحة تنافس اقتصادي أكثر تكافؤاً.