أعلنت نقابة أطباء السودان، الأحد، 10 سبتمبر/أيلول 2023 ارتفاع عدد القتلى جراء قصف جوي استهدف أحد الأسواق جنوبي العاصمة الخرطوم إلى 43 قتيلاً، وسط استمرار الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع. وذكرت النقابة (غير حكومية) في بيان: "شهدت منطقة مايو جنوب الحزام صباح (الأحد) أحداث قصف عنيفة ودامية خلفت عشرات القتلى والجرحى".
نقابة أطباء السودان أضافت: "منذ فجر اليوم تم حصر 43 حالة وفاة وأكثر من 55 حالة إصابة حتى الآن جراء القصف الجوي لسوق قورو بجنوب الحزام (جنوب الخرطوم)". في حين قال الصحفي السوداني يوسف الطيب في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست" إن الخرطوم باتت مدينة "أشباح"، ولا إشارات واضحة في الأفق للوصول إلى تسوية سياسية في القريب العاجل.
قصف سوق شعبي في الخرطوم يخلِّف ضحايا كثراً
في وقت سابق الأحد، ذكرت "غرفة طوارئ" جنوب الخرطوم (لجنة شعبية)، في بيان وصل الأناضول: "ارتفع عدد ضحايا القصف الجوي لسوق قورو، بمنطقة مايو جنوب الحزام (جنوب العاصمة الخرطوم)، إلى 40 قتيلاً".
وأطلقت الغرفة نداء عاجلاً لـ"كافة الكوادر الطبية والمسعفين والمتبرعين بالدم للحضور لمستشفى بشائر التي ما زالت تستقبل حالات جراء هذا القصف".
وصباح الأحد، تجددت الاشتباكات العنيفة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، بالأسلحة الثقيلة والخفيفة، جنوبي الخرطوم.
وحسب الشهود، فإن أحياء "جبرة" و"الشجرة" و"مايو" و"الأزهري" جنوبي الخرطوم، تأثرت جراء الاشتباكات بالمدفعية الثقيلة والطيران الحربي.
من جهتها، قالت قوات "الدعم السريع"، في بيان نشرته عبر منصة "إكس"، إن الجيش "نفذ صباح الأحد عملية قصف جوي على السكان بحي مايو جنوبي الخرطوم". وحتى الساعة (14:40 ت.غ) لم يصدر تعليق من الجيش حول الاشتباكات المسلحة بالعاصمة الخرطوم، أو القصف الجوي.
الجيش السوداني يتهم قوات الدعم بالاستعانة بالمرتزقة
من جهة أخرى، اتهم رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، السبت، قوات الدعم السريع بالاستعانة بـ"مرتزقة من جنسيات متعددة". جاء ذلك في خطاب خلال زيارة لمنطقة النيل الأزرق العسكرية بمدينة الدمازين (جنوب شرق)، بثه التلفزيون الرسمي.
وقال البرهان: "كلنا شهود على جرائم ميليشيا الدعم السريع المحلولة واستعانتهم بمرتزقة من جنسيات متعددة، ووجب الآن تصنيفها كجماعة إرهابية". وخاطب الاتحاد الأفريقي قائلاً: "رسالتنا للاتحاد الأفريقي، إذا كان هذا نهجكم، فنحن في غنى عن مساعدتكم، ونطالبه بتصحيح موقفه وموقف منسوبيه".
الخارجية السودانية تهاجم الاتحاد الأفريقي
من جانبها، قالت الخارجية السودانية، إن قرارات مكتب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي تتسم بازدواج المعايير و"عدم الاتساق وخدمة أجندة لا تمثل مصالح القارة".
وأعربت الخارجية في بيان عن "دهشتها واستنكارها للدرك السحيق الذي انحدر إليه الناطق الرسمي باسم مفوضية الاتحاد الأفريقي (محمد الحسن لبات) في الملف السوداني"، رداً على تعليق الأخير على بيانها الذي أصدرته في 4 سبتمبر/أيلول 2023.
أما في 4 سبتمبر/أيلول 2023 أعربت الخارجية السودانية عن رفضها واستنكارها لقاء رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي، يوسف عزت مستشار قائد قوات الدعم السريع في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، واعتبرته "سابقة خطيرة في عمل الاتحاد ومخالفة واضحة لنظام وأعراف المنظمة القارية".
وقال لبات الجمعة: "نشرت بعض وسائط التواصل الاجتماعي أخيراً خطاباً منحطاً يندد بمقابلة رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي محمد، مع مستشار الفريق محمد حمدان دقلو، قائد قوات الدعم السريع، وأخيراً تم توزيع المنشور من طرف سفارة السودان في أديس أبابا".
وخلال خطابه، قال البرهان: "بعض منظماتنا الإقليمية (دون ذكرها) لم تتمكن من النظر للأزمة بشكل صحيح، ولو انحرفت منظمة إيغاد (المنظمة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا) عن مسارها فنحن كسودانيين قادرون على حل مشاكلنا دون الحاجة لأحد".
السودان يهدد بالانسحاب من إيغاد
من جهة أخرى هددت الخرطوم، بأنها ستعيد النظر في جدوى الاستمرار ضمن "إيغاد"، إذا لم تستجِب المنظمة لطلبها تغيير رئاسة كينيا للجنتها الرباعية بشأن السودان.
تابع البرهان: "لكل من يتقوى بميليشيا الدعم السريع المحلولة فقد ذهبت بغير رجعة، والاتحاد الأفريقي رؤيتنا فيه واضحة بأنه ليس مسموحاً بتدخله في شأننا الداخلي بشكل غير مقبول".
وأوضح: "لا نرفض السلام، والدليل على ذلك قبولنا بالعديد من المبادرات بما فيها منبر جدة وليس من المقبول سلام يعيدنا إلى ما قبل 15 أبريل/نيسان (بداية الاشتباكات مع الدعم السريع)".
وأردف: "لا نرفض السلام ونظرتنا أنه سيأتي بعد التخلص من كل من يحاول تكوين جيش آخر ويعتدي على الآخرين ويعمل للسيطرة على الدولة بوسائل غير مشروعة".
الصحفي السوداني يوسف الطيب قال في تصريحات خاصة لـ" عربي بوست" إن الحديث عن اقتراب التفاهم والتفاوض بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أمر مستبعد تماماً، في ظل تمسك كل طرف بموقفه من الصراع الدائر حالياً في البلاد.
كشف كذلك أن هناك أطرافاً " لم يسمها" تعمل على تأجيج الحرب وتضغط طيلة الوقت من أجل منع أي محاولة لإجراء مفاوضات حقيقية بين الجيش وقوات الدعم السريع لإنهاء الحرب الحالية.
يذكر أنه منذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش وقوات "الدعم السريع" اشتباكات بعدة مدن لم تفلح سلسلة هدنات في إيقافها، ما خلف أكثر من 3 آلاف قتيل، أغلبهم مدنيون، وأكثر من 4 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، بحسب الأمم المتحدة.