يمثل علاج ثوري لمرض سرطان البروستاتا، "عصراً جديداً لعلاج السرطان"، حيث من المنتظر أن يستفيد آلاف الرجال سنوياً من العلاج المعروف باسم "Lu-PSMA"، والذي تتلخص مهمته في البحث عن الأورام وتدميرها، من خلال استهداف السرطان بمواد كيميائية مشعة من داخل الجسم.
صحيفة The Times البريطانية، ذكرت الجمعة 8 سبتمبر/ أيلول 2023، أن العلاج يُمنح عن طريق التنقيط الوريدي، وقالت إن هذا العلاج يُعَد الأول ضمن فئة جديدة من علاجات "الطب النووي".
علماء قالوا إنَّ نتائج التجارب الناجحة مهَّدت الطريق أمام استخدام علاجات مماثلة مع أنواع اخرى من السرطانات، بما في ذلك أورام الصدر والرئة والبنكرياس، ولأنَّ الدواء يرتبط فقط بخلايا السرطان ويتجنَّب الأنسجة الصحية، فإنَّ المريض يتجنَّب الآثار الجانبية القاسية التي تنتج عن العلاجات الأخرى مثل العلاج الكيماوي والإشعاعي.
كان آندي تايلور (62 عاماً)، وهو عازف الجيتار بفرقة Duran Duran، يتلقّى سابقاً الرعاية التلطيفية، لكنَّه ينسب الفضل لعلاج Lu-PSMA في تمديد حياته "لخمس سنوات" وجعل سرطان البروستاتا لديه "بدون أعراض".
تُشير الصحيفة البريطانية، إلى أن 50 ألف رجل يُشخّصون بسرطان البروستاتا في المملكة المتحدة وحدها كل سنة، فيما يتسبب المرض في 12 ألف حالة وفاة سنوياً، وتشير إلى أن لدى نحو 90% منهم أورام "إيجابية لإنزيم المستضد الغشائي البروستاتي النوعي (PSMA)"، ما يعني أنَّ السرطان لديهم سيستجيب من الناحية النظرية للعلاج الجديد.
يقول الأطباء إنَّ دراسة، نُشِرَت في مجلة The Lancet Oncology الطبية المختصة بالأورام، تزيد بشكل كبير من فرص إصدار موافقات على استخدام العلاج الجديد، إذ وجدت التجربة، التي ضمَّت 617 مريضاً بسرطان البروستاتا المستعصي، أنَّ العلاج منح الرجال عاماً إضافياً في المتوسط دون آلام شديدة، بالإضافة إلى تمديد حياتهم بأربعة أشهر في المتوسط.
كذلك استغرق الأمر 14.3 شهراً في المتوسط لتتدهور الأعراض في المجموعة التي حصلت على علاج Lu-PSMA مقارنةً بـ2.9 شهراً فقط للمرضى في مجموعة الرعاية القياسية، واستغرق الأمر 9.7 شهراً لتتدهور نوعية الحياة، مقارنةً بـ2.4 شهراً فقط لمرضى مجموعة الرعاية القياسية.
من جانبه، قال الأستاذ يوهان دي بونو، المشرف على التجربة من معهد أبحاث السرطان في لندن: "هذا العقار مهم بشكل خاص لأنَّه ينقلنا إلى نوع جديد من العلاج وعصر جديد في علاج السرطان. إنَّه تقدم هائل بالنسبة لسرطان البروستاتا. لكن الأهم من هذا أنَّه يمهد الطريق أمام الكثير من التقدمات الأخرى في السرطانات الأخرى، مثل سرطان الثدي وسرطان الرئة".
تُشير الصحيفة البريطانية، إلى أنه لا يمكن استخدام العلاج الإشعاعي التقليدي بـ"الأشعة الخارجية"، إلا في المراحل المبكرة للسرطان وحين يكون مقتصراً على البروستاتا ولم ينتشر خارجها.
لكنَّ الفئة الجديدة من "العلاج بالنويدات المشعة الدقيقة" تعمل مثل "الصاروخ المُوجَّه" لاستهداف كل خلايا السرطان، حتى حين تنتشر في الجسم وتصل إلى العظام.
ويرتبط عقار Lu-PSMA ببروتين على سطح خلايا سرطان البروستاتا تُسمَّى المستضد الغشائي البروستاتي النوعي، ثُمَّ يطلق نظيراً نووياً، هو اللوتيتيوم-177، والذي يدمر الحمض النووي لخلية السرطان حتى لا تتمكَّن من التكاثر.
لم يُختَبَر العقار حتى الآن إلا في المرضى المصابين بمراحل متقدمة من سرطان البروستاتا، لكنَّ التجارب المستقبلية ستختبر ما إن كان يجب تقديمه للمرضى في المراحل الأولى أم لا، بما قد يوفر إمكانية الشفاء.
ومنحت الوكالة التنظيمية للأدوية ومنتجات الرعاية الصحية في المملكة المتحدة العام الماضي، الضوء الأخضر لاستخدام العقار، ما يعني أنَّ المرضى البريطانيين يمكنهم بالفعل الحصول عليه بصورة خاصة بعيداً عن هيئة الخدمات الصحية الوطنية.
يقول دي بونو إنه "بالنسبة للرجال المصابين بمراحل متقدمة من سرطان البروستاتا، فإنَّ العظام هي المكان الأكثر شيوعاً لانتشار المرض، وقد يؤدي ذلك إلى بعضٍ من مضاعفات المرض الأشد إيلاماً وإضعافاً. ويُعَد إيجاد علاجات جديدة لا تحسن فرص النجاة وحسب بل تقلل أيضاً الألم وتحسن جودة الحياة أمراً بالغ الأهمية".
ويُقدَّم العلاج الإشعاعي خلال زيارة إلى المستشفى عن طريق التقطير الوريدي في الذراع، وترتفع مستويات الإشعاع لدى المرضى لفترة قصيرة بعد تلقيهم العلاج، لكن يمكنهم العودة إلى منازلهم في نفس اليوم.
يتلقّى معظم الرجال 4 إلى 6 جرعات بفارق 6 أسابيع. وتبلغ تكلفة هذه الخطة العلاجية في بريطانيا ما بين 60 إلى 100 ألف جنيه إسترليني (74.8 إلى 164.65 ألف دولار تقريباً).