تعتبر القهوة واحداً من أكثر المشروبات استهلاكاً في العالم، وذلك يعود إلى مذاقها الفريد ورائحتها المنعشة، بالإضافة إلى احتوائها على مادة الكافيين المنبهة لحواس الإنسان، وبحسب منظمة الأغذية والزراعة، فإن معدل الاستهلاك السنوي من القهوة حول العالم يقدر بحوالي 7 ملايين طن، ويتم احتساؤها بطرق عدة، سواء باختلاف المنطقة أو حتى في البلد ذاته.
رغم كل المنافع التي تتسبب فيها القهوة، إلا أنه يجب تجنبها عند تناول بعض الأدوية خلال مدة معينة؛ إذ تؤثر بشكل كبير على الامتصاص والتوزيع والتمثيل الغذائي وإفراز العديد من الأدوية في الجسم.
تشير الدراسات إلى أن القهوة قد تحفز معدتك، وتغيير الوقت الذي يستغرقه الطعام للوصول إلى جهازك الهضمي، يمكن أن يتفاعل فنجان قهوتك الصباحي أيضاً مع الأدوية التي قد تتناولها، ويغير مدى سرعة امتصاصها في مجرى الدم أيضاً.
وهذا يعني أن شرب القهوة في نفس الوقت الذي تتناول فيه أدويتك قد يؤثر على مدى فعاليتها في جسمك، حسب موقع "health" الأمريكي، قام مجموعة من الباحثين بمراجعة العديد من الأدوية وكيفية تأثرها بالقهوة. وأفادوا بأن القهوة "تؤثر بشكل كبير على امتصاص وتوزيع واستقلاب وإفراز العديد من الأدوية".
من بين الأدوية التي يجب أن لا تشرب مع القهوة لضمان وصول فائدتها إلى الجسم نجد:
أدوية الغدة الدرقية وشرب القهوة
يحدث قصور الدرقية عندما لا تفرز الغدة الدرقية ما يكفي من الهرمون الدرقي. ويُطلق على هذه الحالة أيضاً نقص نشاط الغدة الدرقية. قد لا يسبب قصور الدرقية أعراضاً ملحوظة في مراحله المبكرة. إلا أنه قد يؤدي بمرور الوقت عند عدم علاجه إلى مشكلات صحية أخرى، مثل ارتفاع مستوى الكوليسترول ومشكلات القلب.
قد تؤثر القهوة على امتصاص الأدوية المتعلقة بالغدة الدرقية؛ لأن أدويتها على وجه الخصوص، يجب أن تؤخذ على معدة فارغة، ولا يتبعها أي شيء آخر لمدة نصف ساعة على الأقل. هذا حتى يتمكن الجسم من امتصاص العقار بشكل جيد.
أدوية هشاشة العظام
هذا المرض يجعل عظامك رقيقة وهشة، مما يزيد من خطر الإصابة بكسور العظام. يعاني الملايين من الأشخاص من هشاشة العظام وهو أكثر شيوعاً عند النساء، وخاصة النساء اللاتي مررن بالفعل بمرحلة انقطاع الطمث.
أدوية مثل ريسدرونات أو إيباندرونات تمنع وتعالج هشاشة العظام ولا ينبغي تناولها في نفس الوقت مع القهوة؛ لأنها تجعل الدواء أقل فعالية. من المستحسن أن تتناول هذه الأدوية قبل تناول أي طعام أو شرب، وأن تغسل الحبوب فقط بالماء العادي.
سيسمح ذلك لجسمك بتعظيم الكمية الكاملة للدواء. عند شرب القهوة مع هذه الأنواع من الأدوية، يمكن أن تنخفض فعاليتها إلى أكثر من النصف.
أدوية البرد أو الحساسية
يستخدم ملايين الأشخاص أدوية نزلات البرد أو الحساسية، وغالباً ما تحتوي على منشطات الجهاز العصبي المركزي مثل السودوإيفيدرين. القهوة أيضاً منبهات، لذا فإن علاج الحساسية لديك بالقهوة قد يزيد من أعراض مثل الأرق وعدم القدرة على النوم.
لا ينبغي تناول عقار مثل فيكسوفينادين مع القهوة؛ لأنه قد يؤدي إلى الإفراط في تحفيز الجهاز العصبي المركزي، مما يزيد من أعراض الأرق. لهذا ينصح بتجنب شرب القهوة في نفس الفترة التي تشرب فيها كل من عقاقير البرد أو الحساسية لمدة طويلة وتجنب القهوة خلال الليل.
علاج السكري والابتعاد عن القهوة
إذا قمت بخلط قهوتك مع السكر أو الحليب، فقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع نسبة السكر في الدم ويؤثر على مدى فعالية دواء السكري. بالإضافة إلى ذلك، تشير الدراسات إلى أن الكافيين قد يؤدي إلى تفاقم الأعراض لدى مرضى السكري، شرب أي شيء يحتوي على الكافيين، مثل القهوة أو الشاي، يمكن أن يرفع مستويات الأنسولين والسكر في الدم.
وفقاً لدراسة نشرتها الجمعية الأمريكية للسكري حذر الباحثون من شرب الكثير من الكافيين؛ لأنه قد يزيد من صعوبة التحكم في نسبة السكر في الدم، ويؤدي في النهاية إلى زيادة خطر الإصابة بمضاعفات مرض السكري.
الارتجاع الحمضي
الارتجاع المعدي المريئي أو ما يسمى أيضاً بالارتجاع الحمضي هو اضطراب ينجم عن محتويات المعدة وتدفق حمض المعدة إلى المريء. المريء هُوَ الأنبوب الذي يصل الحلق بالمعدة. يُعد الارتجاع الحمضي مشكلة؛ لأن حمض المعدة قد يلحق الضرر بالمريء.
تعمل أدوية الارتجاع الحمضي بشكل أفضل عندما يتم تناولها أول شيء في الصباح، قبل تناول أي شيء آخر أو شربه، من الجدير أيضاً أن تضع في اعتبارك أنه نظراً لاحتواء القهوة على حمض، فقد يؤدي ذلك إلى تفاقم المشكلة التي تتناول الدواء من أجلها.
القهوة وأدوية مرض الزهايمر
يصيب مرض الزهايمر في الغالب الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً. وهو اضطراب في الدماغ يؤدي إلى فقدان الوظيفة الإدراكية، مما يجعل من الصعب التفكير أو التذكر أو القيام بأعمالك اليومية.
تتأثر أدوية الزهايمر، مثل دونيبيزيل وريفاستيجمين وجالانتامين، بالكافيين. يعمل الكافيين الموجود في القهوة على تضييق حاجز الدم في الدماغ، ويمكن أن يقلل من كمية الدواء التي تصل إلى الدماغ.
تعمل أدوية الزهايمر عن طريق حماية الناقل العصبي أستيل كولين، وقد تبين أن شرب كميات كبيرة من القهوة يضعف هذا التأثير الوقائي.
أدوية ضغط الدم المرتفع والقلب ونقص الانتباه
عندما يتم تناولها مع القهوة، قد تتسبب الأدوية المستخدمة لعلاج ارتفاع ضغط الدم أيضاً في الشعور بتأثير مدر للبول أكثر شدة.
نظراً لخصائص الكافيين المدرة للبول، يجب على المرضى الذين يتناولون أدوية قصور القلب أن ينتبهوا لشرب القهوة التي تحتوي على الكافيين.
أما في حال كنت تتناول دواء من أجل تشخيص متعلق بفرط النشاط، أو الاندفاع، فإن الكافيين الموجود في القهوة يمكن أن "يرفع كل شيء"، مما يجعل جسمك أقل احتمالية للاستفادة من الدواء.
دواء الربو
الربو هو مرض مزمن يؤثر على الرئتين، مما يجعل الشعب الهوائية ملتهبة ومتهيجة. وينتج عن ذلك صعوبة في التنفس والسعال والصفير، بالإضافة إلى الشعور بضيق في صدرك.
يتناول العديد من الأشخاص المصابين بالربو موسعات القصبات الهوائية أثناء النوبات، مثل الأمينوفيلين أو الثيوفيلين. تعمل موسعات الشعب الهوائية عن طريق استرخاء الشعب الهوائية، مما يسهل عملية التنفس، لكن قد يصاحبها آثار جانبية مثل الصداع، والأرق، وآلام في المعدة، والتهيج.
شرب القهوة، أو غيرها من المشروبات التي تحتوي على نسبة عالية من الكافيين، يمكن أن تزيد من خطر هذه الآثار الجانبية. القهوة يمكن أيضاً أن تقلل من كمية الدواء التي يتم امتصاصها ومفيدة لجسمك.
ما التوقيت الأمثل لشرب القهوة مع الأدوية والفيتامينات؟
في حال كنت تتعاطى أحد هذه الأدوية التي سبق ذكرها، يوصي الأطباء بشرب القهوة قبل ساعة واحدة على الأقل من أخذ الدواء، أما في حال قمت بشرب الدواء فمن الأفضل تأخير شرب القهوة على الأقل ساعتين لكي يتمكن الجسم من امتصاص أكبر نسبة منه.
يرجع السبب في عدم وصول منافع الدواء إلى الجسم بعد شرب القهوة إلى أن القهوة تحتوي على مواد كيميائية تسمى العفص، يمكن أن يرتبط العفص بالفينوثيازينات ويقلل من كمية الدواء التي يمتصها الجسم.
لا تقتصر هذه المدة على الأدوية فقط بل تمتد إلى الفيتامينات فللكافيين تأثير خفيف في إدرار البول، ما يؤدي إلى زيادة التبول وتخلُّص الجسم من السوائل فيه بشكل متكرر. نتيجة لذلك يمكن استنفاد الفيتامينات القابلة للذوبان في الماء، مثل فيتامينات ب وفيتامين ج بسبب فقدان السوائل.
وبحسب موقع Holland & Barrett للأدوية والعقاقير، أظهرت الأبحاث أنه كلما ارتفع مستوى الكافيين بالجسم زاد تعارضه مع امتصاص فيتامين د.
واقترحت الدراسة أن الكافيين فعل ذلك عن طريق تقليل قدرة الجسم في استقبال مستقبلات فيتامين (د) على بانيات العظم في الجسم، وهي الخلايا المسؤولة عن إنتاج العظام.