أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الثلاثاء 5 سبتمبر/أيلول 2023، عن ثقته بأن العالم يقدر قيمة الاجتماع الذي عقده مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وتناولا فيه ملفات إنسانية عديدة، أبرزها اتفاقية الحبوب، في وقت أعربت فيه الولايات المتحدة عن شكرها لتركيا إزاء جهودها لإحياء مبادرة شحن الحبوب عبر البحر الأسود.
وأفاد أردوغان في خطاب ألقاه، عقب اجتماع للحكومة في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة، أن لقاءه مع بوتين في مدينة سوتشي الروسية كان "شاملاً ومثمراً للغاية". وأضاف: "واثق أن قيمة هذا اللقاء حظيت بتقدير العالم بأسره، في وقت مازالت فيه الحرب الروسية الأوكرانية مستمرة، والعديد من الأجندات الإنسانية مطروحة على الطاولة، وفي مقدمتها ممر الحبوب".
واشنطن تشكر تركيا
من جهته، أعرب نائب الناطق باسم الخارجية الأمريكية، فيدانت باتيل، في تصريحات أدلى بها خلال مؤتمر صحفي، عن شكره لـ "الرئيس أردوغان وتركيا حليفتنا ضمن حلف شمال الأطلسي (ناتو)، لدورهما الهام في إحياء مبادرة شحن الحبوب".
وفي معرض ردّه على سؤال مراسل الأناضول عما إذا كانت واشنطن ترى مقترح نقل الحبوب عبر نهر الدانوب بديلاً لمبادرة نقلها عبر البحر الأسود، قال "باتيل" إن أولوية واشنطن هي عودة موسكو إلى المبادرة السابقة.
وأردف: "بالطبع نقوم أيضاً بتقييم الخيارات الأخرى التي تتيح وصول المنتجات الغذائية إلى وجهاتها اللازمة"، وأفاد بأنهم يتمنون استئناف مبادرة شحن الحبوب عبر البحر الأسود نظراً لتحقيق غاياتها في المرحلة الماضية.
مشاركة أردوغان في قمة العشرين
وفي سياق منفصل، أشار أردوغان إلى أنه سيزور الهند نهاية الأسبوع الحالي، للمشاركة في قمة زعماء مجموعة العشرين، وفي نهاية الأسبوع المقبل سيتوجه للولايات المتحدة لتمثيل تركيا في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة وعقد لقاءات على هامشها.
وحول التطورات في العراق وفلسطين قال أردوغان إن "أي تصرف لا يأخذ في الاعتبار الحقائق الديمغرافية لجغرافيا المنطقة ليس لديه فرصة للنجاح". وأوضح أن "الآثار الدموية للاضطرابات الداخلية والاحتلالات التي أدت إلى مقتل مليوني شخص في العراق ومليون شخص في سوريا خلال الثلاثين عاماً الماضية لا تزال حية في الذاكرة".
وأضاف: "ما زال الجرح الفلسطيني ينزف، ويخطف أرواحاً بريئة جديدة كل يوم تقريباً. المسجد الأقصى، ثالث المساجد المقدسة بعد المسجد الحرام في مكة والمسجد النبوي في المدينة، يتعرض بشكل متكرر للمضايقات من قبل القذرين".
كما شدد الرئيس التركي على اتباع بلاده نهجاً "يحتضن جميع دول المنطقة وكافة الشرائح على اختلافاتها العرقية والطائفية، ويقف إلى جانبها في أوقاتها الصعبة".
وتابع: "نحن نتبع مسار عمل يضمن أمن حدودنا، ويراعي في الوقت نفسه توازنات المنطقة".
وذكر أردوغان أن تركيا تنظر إلى الجدل الدائر في كركوك من هذا المنطلق، مبيناً أن الحل الأصح والسليم والمستدام يمر من إنشاء هيكل إداري يراعي الحقائق الديموغرافية للمنطقة، لا سيما كركوك.
ومنذ 25 أغسطس/آب الماضي، تستمر الاحتجاجات في كركوك ضد الاستعدادات لإخلاء مبنى قيادة العمليات المشتركة، بأمر من رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، وتسليمه إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني.
والسبت، لقي 4 أشخاص مصرعهم وأصيب 15 بجروح، في أحداث عقب احتجاجات نظمتها مجموعة من مؤيدي الحزب الديمقراطي الكردستاني للمطالبة بفتح الطريق البري بين مدينتي أربيل وكركوك، والذي تم إغلاقه من قبل مجموعة عارضت تسليم مبنى قيادة العمليات المشتركة الخاضع لسيطرة الجيش العراقي إلى الحزب.
تصريحات أردوغان بشأن سوريا
وبشأن سوريا، أكد أردوغان أن بلاده حذرت الولايات المتحدة مراراً وتكراراً من التعاون مع تنظيم (بي كي كي/ واي بي جي)، وأن استمرارها في التصرف بهذه الطريقة سيضر مستقبلاً بمصالحها الخاصة وبمصالح المنطقة، موضحاً أن التطورات الأخيرة أثبتت صحة المخاوف والتحذيرات التركية.
وأضاف: "إن إصرار النظام (السوري) على أن يكون جزءاً من المشكلة وليس الحل يعمق المشاكل في المنطقة"، مشدداً على عزم تركيا مواصلة العمل من أجل التوصل إلى "حل دائم يستند على أساس وحدة الأراضي السورية، وإلى الحقائق الديموغرافية، بما في ذلك البنية العرقية والطائفية".
ودعا أردوغان جميع الأطراف التي لها نفوذ على الجماعات في المنطقة، بما في ذلك الولايات المتحدة وروسيا وإيران والنظام، إلى بذل الجهود في هذا الاتجاه. وأردف: "سيظل استقرار وأمن منطقتنا الجنوبية على رأس أولويات بلادنا في وقت تظهر فيه بوادر أزمات جديدة في جميع أنحاء العالم".