بينما أكدت الإذاعة الجزائرية الرسمية مرتين طلب باريس السماح لطيرانها بعبور الأجواء الجزائرية، نفت قيادة الجيش الفرنسي الخبر بشدة، مؤكدة أنها لم تقدم أي طلب للسلطات الجزائرية بشأن عبور الأجواء للقيام بغرض التدخل العسكري في النيجر.
ووفق مصادر مطلعة لـ"عربي بوست" فإن قرار الجزائر بمنع تحليق الطيران العسكري الفرنسي فوق أجوائها، والذي اتخذ عقب أزمة دبلوماسية بين البلدين خريف 2021 مازال سارياً حتى الآن، وقد اتخذته الجزائر مسوغاً لمنع عبور الطائرات إلى النيجر.
ودأبت الطائرات الفرنسية على عبور الأجواء الجزائرية من أجل مهماتها في منطقة الساحل، في إطار عملية بورخان، التي اختتمتها مؤخراً بالانسحاب من مالي.
وكانت الجزائر تسمح بعبور الطائرات الفرنسية استناداً إلى موافقة الحكومة المالية، التي طلبت العون من فرنسا بعد قرب سقوط العاصمة المالية باماكو في أيدي المسلحين القادمين من شمال مالي.
طلب من ماكرون
كشفت مصادر مطلعة لـ"عربي بوست" أن الجيش الفرنسي لم يطلب فعلاً السماح لقواته بعبور الأجواء الجزائرية، وهو ما أكده قائد الجيوش الفرنسية فرانسوا لوكوانتر.
وأضافت المصادر ذاتها، أن الطلب جاء من القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون شخصياً، وهو ما قوبل بالرفض نظراً لمعارضة الجزائر الشديدة للتدخل العسكري في جارتها النيجر.
وقالت المصادر إن الرئيس الفرنسي تأخر في إعلام الجيش بالرفض الجزائري القاطع لمرور طائراته العسكرية، وذلك أملاً في الحصول على الموافقة.
ووفق المصادر ذاتها، فإن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أصبحت تربطه علاقات متوترة مع قادته العسكريين والأمنيين، بسبب فشلهم في التنبؤ بالانقلابات المتتالية في الساحل، والتي تعد منطقة نفوذ فرنسية.
وفي السياق ذاته، قال المحلل السياسي حكيم بوغرارة إنه يستحيل ألا تكون فرنسا قد قدمت طلباً للجزائر لعبور أجوائها، مضيفاً في حديث لـ"عربي بوست" لقد "سبق أن طلبت تصريحاً في مالي، ونالت موافقة النظام السابق، وبالتالي المنطق يقول إنها أصرت على الطلب".
أما عن النفي الفرنسي فقال بوغرارة: "طريقة تفنيد فرنسا كانت مقتضبة وخالية من توظيف الإعلام لتفادي الحرج، لأن فرنسا كانت ستستغل القضية بحجم كبير لو لم يكن الأمر حقيقة، وبالتالي كان ردها باحتشام لتفادي الحرج وإخفاء ضعفها في إفريقيا وتراجعها".
فقدان الثقة
لم تعد الجزائر تثق في فرنسا والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالأخص، لاسيما بعد تراجع الطرف الفرنسي عن كل ما اتفق عليه في زيارة الرئيس الفرنسي.
وعاد قائد الأركان السعيد شنقريحة من باريس خالي الوفاض، بعد الاتفاق على تسليم الخرائط الخاصة بالتجارب النووية في الصحراء الجزائرية خلال زيارة ماكرون إلى الجزائر صيف السنة الماضية.
ورغم أن الجزائر كانت من مساندي التدخل الفرنسي في الساحل قبل عقد، فإن التبعات التي أجريت على هذا التدخل أضرت بالجزائر، بسبب إخلال فرنسا بالتزاماتها تجاه شمال مالي، لذلك لا تريد الجزائر تكرار السيناريو ذاته في النيجر، رغم رفضها للانقلاب العسكري ضد الرئيس محمد بازوم.