رفضت الجزائر، الخميس 31 أغسطس/آب 2023، قرار القضاء السويسري توجيه تهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية إلى وزير دفاعها الأسبق خالد نزّار، معتبرةً ذلك أمراً "غير مقبول"، وقد يؤدي إلى "طريق غير مرغوب فيها" في العلاقات بين البلدين.
وأعلن القضاء السويسري، الثلاثاء، أنّه وجّه إلى وزير الدفاع الجزائري الأسبق خالد نزّار، لائحة اتهام تشمل تهماً بارتكاب جرائم ضد الإنسانية بشبهة موافقته على عمليات تعذيب خلال الحرب الأهلية في التسعينيات.
وجاء في بيان لوزارة الخارجية الجزائرية نُشر على موقع فيسبوك، أن الوزير أحمد عطاف تلقى اتصالاً هاتفياً من نظيره السويسري إينياسيو كاسيس بخصوص ملاحقة اللواء المتقاعد خالد نزار، أكد فيه أن "هذه القضية بلغت حدوداً غير مقبولة ولا يمكن التسامح معها، وأن الحكومة الجزائرية عازمة كل العزم على استخلاص كل النتائج، وضمنها تلك التي هي أبعد من أن تكون مرغوبة في مستقبل العلاقات الجزائرية السويسرية".
كما أعرب عطاف عن أمله في بذل كل الجهود تفادياً من أن تجر هذه القضية العلاقات بين الجزائر وسويسرا نحو طريق غير مرغوب فيها وغير قابلة للإصلاح.
وأعلنت النيابة العامة الفيدرالية في سويسرا أنّ نزّار "بوصفه شخصاً مؤثّراً في الجزائر بصفته وزيراً للدفاع وعضواً بالمجلس الأعلى للدولة، وضع أشخاصاً محلّ ثقة لديه في مناصب رئيسية، وأنشأ عن علم وتعمّدٍ هياكل تهدف إلى القضاء على المعارضة الإسلامية".
وأضافت: "تبع ذلك جرائم حرب واضطهاد معمم ومنهجي لمدنيين اتُّهموا بالتعاطف مع المعارضين".
اعتقال وزير دفاع الجزائر الأسبق في سويسرا
وكان نزّار (85 عاماً)، أوقف خلال زيارة لجنيف في 2011 لاستجوابه من جانب النيابة العامة بناءً على شكوى قدمتها ضدّه منظمة "ترايل إنترناشيونال" غير الحكومية التي تحارب الإفلات من العقاب على جرائم الحرب. وأُطلق سراحه بعد ذلك وغادر سويسرا.
كما أضاف بيان الخارجية الجزائرية أن أحمد عطاف ردّ على موقف الحكومة السويسرية بأن "استقلالية القضاء لا تبرر اللامسؤولية، وأن أي نظام قضائي لا يمكن أن يعطي لنفسه الحق المطلق في الحكم على سياسات دولة مستقلة وذات سيادة".
كما رأى أن القضاء السويسري قدم "باستخفاف شديد، منبراً للإرهابيين وحلفائهم ومؤيديهم بغية محاولة تشويه سمعة الكفاح المشرف الذي خاضته بلادنا ضد الإرهاب، وتلطيخ صورة وذكرى أولئك الذين سقطوا في مجابهته".
اتهامات بتعذيب مواطنين
ويشتبه في أن نزّار الذي شغل منصب وزير الدفاع بين 1990 و1993، "قام على الأقلّ بالموافقة وتنسيق وتشجيع، عن علم وتعمّد، التعذيب وغيره من الأعمال القاسية واللاإنسانية والمهينة، وانتهاكات للسلامة الجسدية والعقلية، واعتقالات وإدانات تعسفية، فضلاً عن عمليات إعدام خارج نطاق القضاء".
وقد وثّقت النيابة العامة السويسرية 11 حالة وقعت بين عامي 1992 و1994، وأودت الحرب الأهلية بمئتي ألف شخص، من بينهم كثير من المدنيين.
وفي ظل الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في الجزائر عام 2019، فرّ خالد نزار إلى الخارج بعدما وُجهت له تهمة التآمر على الدولة من قبل القضاء العسكري الجزائري، وحكم عليه بالسجن لمدة 15 عاماً، قبل أن تتم إعادة مراجعة الحكم بعد وفاة قائد الجيش السابق قايد صالح. وعاد نزار إلى الجزائر في مارس/آذار 2020.