تعمل الصين على تسريع بناء شبكتها من المخابئ والأنفاق تحت الأرض في المنطقة المتنازع عليها على الحدود مع الهند، الأمر الذي يثير احتمال نشوب تصعيد عسكري بين القوتين النوويتين، بحسب صحيفة The Times البريطاني، الأربعاء 30 أغسطس/آب 2023.
وأظهرت صور الأقمار الاصطناعية سابقاً أعمال بناء صينية شرقي منطقة لاداخ، بما في ذلك مطارات ومنصات مروحيات وقواعد صواريخ وطرق وجسور على طول الحدود المتنازع عليها بطول 2100 ميل (3379.6 كم تقريباً) في جبال الهيمالايا، والمعروفة باسم "خط السيطرة الفعلية".
وتُعمِّق كل من دلهي وبكين موطئ قدميهما النسبي في المنطقة المتنازع عليها. فقبل عامين، أقرَّ المجلس التشريعي الصيني قانوناً ينص على أنَّ السلطات يجب أن "تعزز التنسيق بين الدفاع عن الحدود والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في المناطق الحدودية".
يأتي ذلك بعد خلاف حول خريطة نشرتها الصين ضمَّت ولاية هندية ومنطقة حدودية متنازع عليها داخل حدودها.
حفر مخابئ
كما تُظهِر الصور من شركة الأقمار الاصطناعية الأمريكية Maxar تراكماً جديداً للبنية التحتية الصينية في منطقة أخرى متنازع عليها تُدعى أكساي تشين، الواقعة على بُعد 40 ميلاً تقريباً (64.4 كم تقريباً) من الحدود.
وتُظهِر الصور حفر مخابئ وأنفاق في سفح التل، يقول خبراء عسكريون إنَّها تهدف لحماية الأسلحة والقوات الصينية من الهجمات الجوية من جانب سلاح الجو الهندي.
من جهته، قال راكيش شارماهي، وهو جنرال متقاعد في الجيش الهندي، لصحيفة Hindustan Times الهندية: "هذه البنية التحتية تشير إلى تحضيرات لاحتمال وقوع أعمال عدائية"، مضيفاً أنَّ الصين تبني طرقاً وأنابيب نفط وأنظمة اتصالات ومساكن للقوات ومخازن للمعدات على مدار السنوات الثلاث الماضية.
ووفقاً لصحيفة تايمز، فإن الجانبين يطالبان بالسيادة على الأراضي الواقعة على كلا جانبي الحدود في نزاع تفاقم منذ نشبت الحرب بين البلدين عام 1962.
واشتعلت التوترات قبل ثلاث سنوات حين عبرت القوات الصينية الحدود شرقي لاداخ للسيطرة على مواقع استراتيجية.
ولقي جنود من الجانبين حتفهم في الاشتباكات، ما أوصل الهند والصين إلى أقرب نقطة لنشوب الحرب بينهما منذ نحو 70 عاماً. وأعقبت ذلك اشتباكات متكررة، لكنَّ عدد الضحايا كان أقل.
"محادثة غير رسمية"
وفي قمة مجموعة بريكس الأخيرة في جوهانسبرغ بجنوب إفريقيا، جرت "محادثة غير رسمية" بين رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، والرئيس الصيني، شي جين بينغ.
إذ أفادت التقارير بأنَّ الثنائي فشلا في التوصل إلى اتفاق، وأبلغت بكين الصحفيين بأنَّ مودي هو مَن طلب عقد اللقاء، في حين قالت دلهى إنَّ اللقاء جاء بناءً على اقتراح صيني.
ويُفهَم أنَّ مودي أبلغ شي أنَّ استعادة السلام على الحدود واحترام خط السيطرة الفعلية أمران ضروريان لتطبيع العلاقات. مع ذلك، تصاعد النزاع الحدودي هذا الأسبوع مجدداً بعدما أصدرت الصين خريطة ضمَّت ولاية أروناتشال براديش ومنطقة أكساي تشين إلى الصين.
وتدَّعي الصين أنَّ أروناتشال براديش جزء من هضبة التيبت، وأعادت في الماضي تسمية القرى الهندية واحتجت حين كان المسؤولون الهنود يزورون الولاية. وتدَّعي الصين أيضاً أنَّ منطقة أكساي تشين (التي تسيطر على معظمها) صينية. واعتبرت الهند تاريخياً المنطقة تابعةً لها.
وتضع الصور والخريطة مودي تحت ضغط أكبر من أحزاب المعارضة، التي تسخر منه منذ عام 2020 بسبب "تسليمه" للأرض الهندية و"النوم فيما تستعد الصين للحرب".
دق ناقوس الخطر
إلى ذلك، قال أسد الدين العويسي، وهو سياسي هندي بحزب "مجلس عموم الهند": "يجب أن تدق استعدادات الصين على الحدود ناقوس الخطر داخل الحكومة. رد الهند لا يمكن أن يكون ضعيفاً أو جباناً. علينا أن نقف في وجه الصين. لكن لدينا رئيس وزراء لا يمكنه انتقاد الصين بالاسم، وحكومة تعطل كل المناقشات حول الموضوع في البرلمان".
وتهدد التوترات أيضاً بتعكير صفو استضافة الهند لقمة مجموعة العشرين في سبتمبر/أيلول المقبل، حيث يُعتَقَد أنَّ الرئيس الصيني سيكون حاضراً. وحثَّ حزب المؤتمر الهندي مودي على انتقاد شي و"فضح التجاوزات الصينية" في القمة.
في السياق، قال العميد البحري المتقاعد أوداي باسكار لصحيفة ذا تايمز البريطانية إنَّ البناء على الحدود والخريطة نموذج واضح "لرفع الصين درجة التصعيد مع مودي والهند قُبيل قمة مجموعة العشرين".