أقر المجلس الثوري لحركة فتح مقترحاً تقدم به الرئيس الفلسطيني محمود عباس لتحديد موعد نهائي لعقد المؤتمر العام الثامن للحركة في 17 من ديسمبر/كانون الأول 2023.
جاء ذلك في ختام أعمال الدورة الـ11 للمجلس الثوري للحركة الذي ترأسه الرئيس عباس على مدار يومين في الفترة ما بين 24-25 من آب/أغسطس 2023، والذي جاء انعقاده بالتزامن مع إقالة الرئيس لـ12 من محافظي الضفة الغربية وقطاع غزة.
ووفقاً لمصادر "عربي بوست"، فإن الدورة عرفت مشاورات داخلية لإمكانية إجراء تعديل وزاري موسع قد يطال رئيس الحكومة الحالي محمد اشتية؛ ليحل بدلاً منه محمد مصطفى رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني.
اجتماع متوتر
وقالت مصادر في المجلس الثوري لحركة فتح لـ"عربي بوست"، إن عدداً من الأعضاء تغيبوا عن الجلسة الأولى للاجتماع، وذلك تضامناً مع زملائهم الذين تعرضوا للإقالة بقرار من الرئيس.
وأضاف المصدر أن هؤلاء احتجوا على عدم تسوية أوضاع زملائهم التنظيمية حتى اللحظة، بسبب انضمامهم لقوائم انتخابية خارج إطار فتح في الانتخابات التشريعية التي كان من المقرر عقدها قبل عامين، ولكنها ألغيت بقرار من الرئيس آنذاك.
تيسير نصر الله، عضو المجلس الثوري للحركة، كشف أنه "تم طرح قضية المفصولين من الحركة على جدول أعمال المؤتمر، وتم الاتفاق في ختام المؤتمر على فتح الباب لمن تم إقصاؤهم وأراد العودة لموقعه التنظيمي".
وأضاف المتحدث لـ"عربي بوست" أنه تم وضع شرط للمفصولين بالالتزام بالنظام الداخلي، ولكن دون أن يكون له الحق في المشاركة في فعاليات المؤتمر الثامن سواء بالترشح أو التصويت لاختيار الهيكل التنظيمي للحركة أو حتى المشاركة في اللجنة التحضيرية للمؤتمر الثامن.
ورفض المتحدث ربط تزامن تحديد موعد المؤتمر بالتعديلات التي يجريها الرئيس في مواقع الحكومة والمحافظين والسفراء، وقال: "هنالك استحقاق تنظيمي داخلي يتطلب تحديد موعد للمؤتمر الثامن، لتجديد الشرعية في مؤسسات الحركة، وما يجريه الرئيس من تعديلات في المواقع التنفيذية يقع ضمن صلاحياته واختصاصه".
وأشار عضو المجلس الثوري في حديثه مع "عربي بوست" إلى أن الرئيس عباس قد أغلق الباب أمام أي ترتيبات لعودة محتملة للقيادات التي تم إقصاؤها وفصلها خلال المؤتمر القادم للحركة.
ويتعلق الأمر حسب المتحدث بكل من عودة ناصر القدوة ابن شقيقة الرئيس ياسر عرفات وعضو اللجنة المركزية للحركة، وفدوى البرغوثي زوجة الأسير مروان البرغوثي اللذين كانا على رأس قائمة الحرية التي نافست حركة فتح في انتخابات المجلس التشريعي صيف العام 2021.
نهاد أبو غوش، الكاتب والمحلل السياسي، قال لـ"عربي بوست" إن "تحديد موعد المؤتمر العام لفتح خلال فترة قصيرة دون تسوية الأوضاع التنظيمية الداخلية سيزيد من شرخ الحرك".
وأضاف المتحدث أن المؤتمر قد يكون أكثر إقصاء بتغييب قيادات تاريخية وإقصائهم من الحركة، وهو ما قد يراه الرئيس ملائماً له لتصعيد قيادات جديدة تتفق مع خطه السياسي وليست دائمة الانتقاد له ولسياساته.
وقال المتحدث: "كان على الرئيس أن يُذلل الخلافات التنظيمية الداخلية من خلال تسوية الأوضاع التنظيمية مع ناصر القدوة ومروان البرغوثي قبل تحديد موعد المؤتمر الثامن".
واعتبر المتحدث أن انعقاد المؤتمر بهذا الشكل وفي ظل موجة الإقالات الجماعية للمحافظين يشير إلى نية الرئيس إجراء مؤتمر على مقاسه الخاص، تحضيراً لمرحلة قد لا يكون الرئيس عباس حاضراً في المشهد.
ترشيح ماجد فرج في اللجنة المركزية لفتح
يشير سلوك الرئيس عباس في الآونة الأخيرة إلى نيته ترتيب البيت الداخلي لحركة فتح والسلطة الفلسطينية، فمن خلال موافقته على تحديد موعد للمؤتمر الثامن، إذ يمكن التنبؤ بالنتائج المتوقعة لهذا المؤتمر.
ويسعى الرئيس محمود عباس إلى تصعيد قيادات جديدة في اللجنة المركزية التي تمثل أعلى هرم تنظيمي داخل حركة فتح بعد إقصاء ناصر القدوة ووفاة جمال محيسن.
ووفقاً لمصادر "عربي بوست" فقد تمت مناقشة ترشيح مدير جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج في اللجنة المركزية لفتح والرئيس لديه رضا عن أدائه التنظيمي وهو يدعم هذا الترشيح خلال المؤتمر القادم، نظراً لقربه من الرئيس وولائه الدائم له، ومرافقته في كل الاجتماعات الداخلية والخارجية.
وقد صعد اسم فرج بجانب حسين الشيخ كأحد المرشحين المحتملين لرئاسة السلطة في ظل علاقاتهما مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ودول إقليمية، بالإضافة إلى موقفهما المشترك الرافض لمشروع المقاومة والكفاح المسلح.
المواقع الشاغرة التي يترأسها أبو مازن
لا تقتصر نتائج المؤتمر الثامن على تحديد المرشح المحتمل لرئاسة السلطة فحسب، نظراً لترأس أبو مازن لـ4 سلطات أساسية يحكمها بمفرده، وهي رئاسة السلطة، ورئاسة منظمة التحرير، وزعامة حركة فتح، والقائد العام للأجهزة الأمنية.
ويشير المصدر في المجلس الثوري لفتح لـ"عربي بوست" إلى أن المؤتمر ناقش مسألة الصراع على كرسي الرئاسة في ظل تنافس أقطاب اللجنة المركزية، إلا أن الرئيس كان منفعلاً من هذا السؤال.
وقال عباس موجهاً حديثه لأعضاء اللجنة المركزية المشاركين في الاجتماع: "أنا تسلمت الرئاسة من روحي فتوح رئيس المجلس التشريعي آنذاك وسأسلمه له كرئيس للمجلس الوطني في حال لم أكن قادراً على إكمال مهامي التنظيمية والرئاسية".
قد لا يبدو الرئيس في عجلة من أمره لحسم منصب الرئاسة في المؤتمر الثامن، ولكن توجيه حديثه لأعضاء اللجنة المركزية يهدف لطمأنتهم بأنه لا حسم لمسألة الرئاسة في المؤتمر الثامن.
ويعتبر هذا الموقع الأهم في النظام السياسي الفلسطيني ويحتاج إلى ترتيبات على مستوى مراكز القوى داخل السلطة الفلسطينية وحركة فتح، وهو ما بدأ به الرئيس عملياً من خلال إقالة المحافظين والتعديل الحكومي المرتقب والتدوير المتوقع في قيادات الأجهزة الأمنية.
ولكن إذا ما أضفنا خطوات الرئيس في ترتيب مراكز القوى داخل السلطة الفلسطينية وحركة فتح، يمكن اعتبار حسين الشيخ هو المرشح المتقدم بخطوات عن باقي أعضاء اللجنة المركزية في سباق الرئاسة.
ويعتبر حسين الشيخ الرجل الثاني في منظمة التحرير بعد أن كلفه الرئيس في موقع أمين سر اللجنة التنفيذية في المنظمة، كما أنه الرجل الأكثر نفوذاً وعلاقات على مستوى الحركة داخلياً، وعلاقاته الخارجية مع إسرائيل وأمريكا ودول الإقليم.
حماس تتحفظ على مسألة الخلافة
نافذ المدهون أمين عام المجلس التشريعي قال لـ"عربي بوست" إن "الرئيس يخالف النظام السياسي من خلال ربط المجلس الوطني التابع لمنظمة التحرير بمؤسسة الرئاسة".
وأضاف المتحدث أن "القانون ينص على أنه في حال انتهاء مهلة الرئيس القانونية في رئاسة السلطة أو غيابه عن المشهد لأي ظرف كان، فإن رئيس المجلس التشريعي هو من يحل مكان الرئيس في رئاسة السلطة كما حدث في العام 2004، وليس عبر المجلس الوطني باعتبارها مؤسسة خارج إطار السلطة الفلسطينية".
وأضاف: "نرفض في المجلس التشريعي ما قصده الرئيس كونه يتجاوز القانوني الأساسي وتعديلاته، ونرى أن الرئيس بالخطوات التي أقرها مؤخراً كحل المجلس التشريعي وتعديل قانون سلطة القضاء، وتعديل اللجنة الدستورية ما هي إلا تمهيد لتعيين رئيس للسلطة عبر التكليف دون المرور بقرار الانتخابات".
“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.
نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”