كشفت 3 مصادر لموقع Middle East Eye البريطاني الجمعة، 25 أغسطس/آب 2023، أن مجموعة فاغنر لم تضع أي خطة طوارئ لمواصلة عملياتها بصورة طبيعية بعد موت يفغيني بريغوجين وبقية أعضاء قيادتها العليا في وقت قد يتسبب مقتل طباخ بوتين في فوضى بالقارة الإفريقية، حيث تواجه وزارة الدفاع الروسية صعوبات في السيطرة على عناصر المجموعة بالقارة السمراء.
وقال أحد المصادر إن: "موت بريغوجين ونائبه دميتري أوتكين أصابت الناس بصدمة حادة. ولو أنه توجد أي خطط طوارئ، فأنا واثق من أنها لا تتضمن احتمال وفاتهما معاً"، وقال المصدر إن الأعضاء المتبقين في مجلس قيادة الشركة لن يجرؤوا على تحدي المخابرات الروسية، التي يعتقد البعض أنها من خططت لتحطيم الطائرة التي كانت تقلّ بريغوجين وقادة فاغنر الآخرين، لأنهم أصيبوا بالرعب بالفعل من تهديدات الدولة التي أعقبت تمردهم.
وأضاف المصدر: "لم يعد هناك مجلس يحكم فاغنر. مات جميع صناع القرار الرئيسيين. والبعض الآخر يحاول أن ينجو بحياته فقط"، فيما قال مصدر ثانٍ، على علاقة مباشرة بعمليات فاغنر الدولية، إن كثيراً من أعضاء مجلس القيادة نأوا بأنفسهم عن بريغوجين ودائرته المقربة بعد التمرد، وقال إنهم حاولوا التودد إلى رجال الأعمال الأقوياء الذين تربطهم علاقات ودية مع الكرملين.
من سيقود فاغنر!
وتؤكد حسابات تليغرام، القريبة من فاغنر، أن المجموعة لا تملك قيادة فعالة حالياً، إذ قال حساب يحمل اسم Alex Parker Returns، وهو أحد أكثر الحسابات الداعمة لفاغنر، إن السلطات ألقت القبض على بعض قادة فاغنر، ولم يتمكن آخرون من النجاة إلا لأنهم كانوا على متن الطائرة الثانية المملوكة لبريغوجين التي كانت تحلق في نفس الوقت.
وأشارت بيانات مفتوحة المصدر إلى أن طائرة بريغوجين الثانية هبطت في موسكو يوم الأربعاء، 23 أغسطس/آب، ثم توجهت إلى باكو الخميس، 24 أغسطس/آب، وقالت قناة تليغرام: "فاغنر لم يعد لها أي مجلس قيادة تقريباً"، فيما قال المصدر الثاني إنه لن يكون من السهل مواصلة عمليات فاغنر على مستوى العالم كالمعتاد، لأن المسؤول عن تنسيقها كان بريغوجين ودائرته المقربة.
وقال إنها "عبارة عن شبكة هائلة تقوم على الثقة والعلاقات الشخصية، وهي معقدة جداً. لكن بوتين قرر تدمير هذه الشبكة، رغم العواقب الوخيمة التي قد تترتب على ذلك".
كما قال المصدران إن بعض العناصر داخل قوة فاغنر القتالية غاضبة وتبحث عن الانتقام، وشويغو قد يكون هدفاً، خاصة في أوكرانيا، فيما قال المصدر الثاني: "جميع القادة من المستوى المتوسط الذين يمكنهم قيادة مقاتلي فاغنر في الوقت الحالي قوميون متعصبون ويتفقون على أن ما حدث كان خيانة".
وأضاف: "تمتلك فاغنر شبكة استخباراتية، وبطريقة ما تعمل بأموال لا يمكن تعقبها. وبذلك كان قتل قادة فاغنر بمثابة تحويل منظمة لا يستطيع بوتين السيطرة عليها إلى أعداء له. أو على الأقل حوّل مجموعة متطرفة خطيرة داخل المجموعة إلى أعداء. وصحيح أن قتل قادة منظمات مثل فاغنر قد يجعلك تبدو قوياً، لكنه يسبب مشكلات خطيرة أيضاً".
فوضى في إفريقيا
فيما كشفت المصادر الثلاثة التي تربطها صلة مباشرة بالمجموعة لموقع Middle East Eye إنه من المتوقع أن تنزلق مجموعة فاغنر إلى حالة من الفوضى في إفريقيا بعد موت مؤسسها يفغيني بريغوجين وغيره من كبار قادتها.
وقد أصبحت فاغنر لاعباً مهماً في إفريقيا منذ عام 2019، حين كثف بريغوجين عملياته في ليبيا، وساعد خليفة حفتر في تأمين موقفه ودعمه في محاولة فاشلة للاستيلاء على طرابلس.
وقالت مصادر مطلعة على عمليات فاغنر لموقع Middle East Eye مطلع هذا العام، إن وزارة الدفاع الروسية تواجه صعوبة بالغة في السيطرة على شبكات فاغنر في إفريقيا، لأنها غامضة وتعتمد بشكل كبير على عدد لا يُحصى من العلاقات الشخصية التي أقامها بريغوجين شخصياً،وبحسب المصادر، سيزيد مقتله من تعقيد عمليات فاغنر.
وقال مصدر مطلع على عمليات فاغنر في القارة لموقع Middle East Eye: "فاغنر تمثل الآن خطراً على روسيا وإفريقيا تحديداً"، وأضاف: "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اختار انتقاماً مبكراً، ويبدو أن الكرملين وبوتين خاطرا بتقليص نفوذهما جزئياً في إفريقيا عند التخطيط لهذا الاغتيال".
وقال مصدر ثانٍ، وهو مقاول عسكري خاص في منطقة الساحل، إن فاغنر أقوى من روسيا في إفريقيا، ويرى المقاول أن وزارة الدفاع الروسية ستوفر الموارد والاهتمام اللازمين لتتبع شبكات فاغنر أو تحريكها في اتجاه جديد.
فيما قال المصدر الثاني: "على أرض الواقع، انتشرت فاغنر مثل الفيروس، ويبدو أن روسيا مستعدة لبتر ذراعها لعلاجه. وربما يتحول مقاتلو فاغنر إلى قتلة يعملون لصالح الرؤساء المستبدين في إفريقيا، مثل الضباط النازيين الذين فروا بعد موت هتلر.. من يدري؟".
وأضاف: "الجميع يظنون أن فاغنر في إفريقيا من الروس ذوي البشرة البيضاء، لكن فاغنر عززت نفسها هنا بتدريب وتجنيد السكان المحليين، وإقامة علاقات داخل الجيوش المحلية".
كما اشار المصدر إلى أن المحاولات الروسية للسيطرة على شبكة فاغنر تشبه محاولة تبيُّن الطريق في الظلام، وقال: "معظم موظفي فاغنر هنا يحصلون على أجورهم من شركاء محليين متعاقدين مع فاغنر، وليسوا مسجلين في ملفات الشركة. أظن أن الروس لا يقدرون على حل هذه الشبكة والسيطرة عليها".
وأضاف المصدر أن الشركة انتشرت في أجزاء من إفريقيا دون أي سيطرة أو نفوذ للحكومة الروسية، وقال المصدر الأول إن فاغنر لم تكن قوية كثيراً في دول مثل مالي. ولكن في الجنوب والشرق، وتحديداً في الدول الأضعف في منطقة الساحل، تتمتع المنظمة بنفوذ كبير.
مضيفاً: "نعلم أيضاً أنه من حين لآخر تتفاوض الشركات الخاصة الصينية مع فاغنر لإبرام اتفاقات خدمات أمنية"، وتابع: "وهذا أزعج الكرملين. إذ إن الصين استغلت ضعف النفوذ الروسي الناتج عن حرب أوكرانيا، واتخذت خطوات للتقدم بسرعة في مجال التجارة الروسية في آسيا الوسطى. ولا يخفى على أحد أن بوتين كان منزعجاً أيضاً من العلاقات بين فاغنر والصينيين في إفريقيا".