من أصعب القرارات التي يتخذها الإنسان في حياته قرار الانفصال؛ لأنه مؤلم ومحير ونتائجه المستقبلية مجهولة، ولكن مع هذا كله يكون التخلي عن الزواج أحياناً أفضل من الاستمرار فيه، ومن خلال تجربتي في حل المشاكل الزوجية وتصميم برامج للمقبلين على الطلاق وجدت أن هناك ستَّ حالات يكون قرار الانفصال فيها مقدماً على الاستمرار، إلا لو رغب الطرفان في الاستمرار فيكون هذا قرارهما وعليهما تحمل نتائج هذا القرار.
فالحالة الأولى عندما يكون زواجك سبباً في عزلك عن أهلك وأصدقائك وحتى عن نفسك، ففي هذه الحالة صار الزواج سجناً وليس زواجاً، فالزواج الصحيح لا يمنع التواصل والزيارة مع الأهل والأصدقاء ولا يكون سبباً في إهمال النفس وعدم تحقيق رغباتها، فالزواج يشجع على صلة الرحم وهو في الأساس ارتباط بين عائلتين فهو باب من أبواب السعادة النفسية والعائلية، فعندما يصل لمرحلة العزل عن الأهل والنفس والأصدقاء هنا ينبغي أن يعيد الزوجان النظر في زواجهما.
الحالة الثانية عندما يطلب أحد الطرفين من الآخر أن يغير دينه، ففي هذه الحالة صار الزواج أداة من أدوات القهر والتحكم في حرية الآخرين، فمثل هذا القرار يجعل كلا الزوجين يفكر في الانفصال بسبب تحكم أحدهما في دين الآخر والأصل كما قال تعالى (لا إكراه في الدين).
الحالة الثالثة هي حالة العنف المستمر، ومثاله أن يستمر أحد الطرفين في ضرب الآخر ضرباً مبرحاً ومتكرراً، فالأصل في الزواج أن يكون سكناً وأمناً للزوجين وفي حالة تكرار الضرب يصبح الزواج مخيفاً ومرعباً، وأعرف أكثر من حالة لزوجات دخلن مستشفى الطب النفسي بسبب خوفهن وهلعهن من ضرب أزواجهن، فالأصل في العلاقة الزوجية أنها تبنى على الاحترام والتقدير والإمساك بالمعروف أو التسريح بإحسان، أما تكرار الضرب فهو ينافي الإمساك بالمعروف، فلو خيّرنا المرأة بين أن تعيش محترمة من غير زواج أو أن تتزوج مع إهانة وضرب لاختارت عدم الزواج.
الحالة الرابعة القلق من كثرة المشاكل الزوجية، وهذه تحدث في الحالات الزوجية التي تعيش كل يوم مشكلة أو خلافاً بين الزوجين، فتكون نفسيتهما إما في مشكلة أو متوقعين حدوث مشكلة، وقد مرت عليّ حالات كثيرة من هذا النوع فلا يكون الزواج في مثل هذه الحالات سكناً وأمناً وراحة.
الحالة الخامسة الإدمان بكل أنواعه سواء كان إدماناً للمخدرات أو للخمور أو للعلاقات المحرمة بين الطرفين، ففي مثل هذه الحالة يتحول الزواج إلى جحيم بسبب الإدمان، ويكون الزواج في الأساس مرشحاً للانفصال، ولكن مرت عليّ بعض الحالات التي نصحت فيها الزوجين بالاستمرار وعدم الطلاق لأن المدمن كانت عنده نية للتغير وترك ما يدمن عليه، وقد نجحت بعض الحالات بالتخلص من إدمانها واستمر زواجهما والبعض لم ينجح فانتهت إلى الطلاق، أما لو أصر أحد الطرفين على الاستمرار مع رفض المدمن للعلاج فنخبر الصابر بالمشاكل المتوقعة له مستقبلاً ثم نترك له حرية الاختيار.
أما الحالة السادسة والأخيرة فهي استمرار الخيانات الزوجية، ولعل هذا الموضوع يحتاج لتفصيل أكثر لأن الخيانات أنواع وأشكال وفي بعضها ننصح بالانفصال وبعضها ننصح بالصبر ومحاولة الإصلاح والمسألة تحتاج لتفصيل، فهذه هي الحالات الست التي تجعل أحد الزوجين أو كليهما يفكر بالانفصال، أما ما نشاهده اليوم من سرعة التفكير بالطلاق والانفصال على أقل سبب فهذا تصرف وقرار غير صحيح.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.