أفادت دراسة جديدة نُشِرَت في المجلة العلمية The Lancet Psychiatry، بأنَّ نحو نصف سكان العالم "يمكن أن يتوقعوا إصابتهم" بنوع واحد على الأقل من الاضطرابات العقلية عندما يبلغون 75 عاماً من العمر، وذلك وفق تقرير نشره موقع Axios الأمريكي، الإثنين 7 اغسطس/آب 2023.
حيث ارتفع عدد الأمريكيين الذين يعانون من تحديات الصحة العقلية في السنوات الأخيرة، لا سيما أثناء وباء كورونا. ووجدت الدراسة أدلة على أنَّ بعض الاضطرابات -مثل الاكتئاب والإدمان- آخذة في الارتفاع أيضاً على المستوى العالمي.
الاكتئاب أكثر الأمراض شيوعاً
من بين 13 اضطراباً شملها الاستطلاع، كان أكثرها شيوعاً بين النساء هو الاكتئاب، ونوع محدد من الرُهاب -ويُعرَّف الرُهاب بأنه "قلق مُعطِّل يؤثر في الحياة اليومية"- واضطراب ما بعد الصدمة. وبالنسبة للرجال، كانت الاضطرابات الأكثر شيوعاً هي تعاطي الكحول والاكتئاب والرهاب المحدد.
بالنسبة للدراسة، التي نُشِرَت في المجلة العلمية The Lancet Psychiatry، حلّل باحثون بجامعة كوينزلاند الأسترالية وكلية الطب بجامعة هارفارد الأمريكية بيانات من استطلاعات منظمة الصحة العالمية للصحة العقلية العالمية.
وتمثل مجموعة البيانات هذه أكبر سلسلة منسقة من الاستطلاعات المباشرة التي تُجرى حول هذه المسألة، إذ شارك فيها أكثر من 150 ألف بالغ من 29 دولة على مدار عقدين.
وخضع المشاركون في الاستطلاع لمقابلات تشخيصية نفسية مُنظَّمة بالكامل لتحديد العمر الذي ظهرت فيه هذه الأمراض لأول مرة، ومدى انتشارها، وخطر الإصابة بالأمراض بحلول سن 75.
زيادة في الأشخاص الذين يصابون بمرض عقلي
تشير النتائج إلى أنَّ الاضطرابات العقلية "تظهر عادةً لأول مرة في مرحلة الطفولة أو المراهقة أو سن الرشد"، وبشكل أكثر تحديداً، كان متوسط العمر الذي ظهرت فيه الاضطرابات 19 عاماً للرجال و20 عاماً للنساء.
وفقاً لتحليل الباحثين لبيانات منظمة الصحة العالمية -التي لم تُنشَر من قبل- فإنَّ شخصاً من كل شخصين يُصاب بمرض عقلي واحد على الأقل. وهي زيادة حادة مقارنة بنسبة 1 من كل 8 أشخاص بجميع أنحاء العالم في عام 2019.
وقال المؤلف الرئيسي للدراسة جون ماكغراث، الأستاذ في معهد Queensland Brain Institute بجامعة كوينزلاند، في بيان: "الأمراض الأكثر شيوعاً كانت اضطرابات المزاج مثل الاكتئاب الشديد أو القلق. ووجدنا أيضاً أنَّ مخاطر بعض الاضطرابات العقلية تختلف حسب الجنس".
في حين أوضح ماكغراث: "من خلال إدراك المرحلة العمرية التي يشيع فيها ظهور هذه الاضطرابات، يمكننا تصميم تدخلات الصحة العامة وتخصيص الموارد على النحو الذي يضمن إتاحة الدعم المناسب وفي الوقت الملائم للأفراد المعرضين للخطر".
نصائح بالبحث عن علاج للمرض العقلي
في تصريح لإذاعة Australian Broadcasting Corporation، قال بريت إيمرسون، الأستاذ ورئيس فرع كوينزلاند للكلية الملكية الأسترالية والنيوزيلندية للأطباء النفسيين، إنَّ البحث الجديد يشير إلى أنَّ المرض العقلي يصيب عدداً أكبر مما كان معروفاً في السابق.
وأضاف: "إذا كان نصف السكان سيصابون باضطراب ما، فعليك أن تبدأ في البحث عن العلاجات الموجودة. والتدخل المبكر أفضل؛ لأنك إذا تجاهلت الأمر، فأنت تخاطر بأن يصير الاضطراب مزمناً".
تقول تينا ريد، محررة في شؤون الرعاية الصحية بموقع Axios، إنَّ اضطرابات الصحة العقلية، وضمن ذلك الاكتئاب والقلق واضطرابات تعاطي المخدرات، كانت ترتفع بالفعل، لكنها وصلت إلى مستويات كارثية إثر تفاقمها نتيجة وباء "كوفيد-19".
وفي الوقت نفسه، اكتسبت الصحة النفسية قبولاً مجتمعياً متزايداً، لاسيما في الدول الغربية مثل الولايات المتحدة؛ مما زاد من احتمالية البحث عن التشخيص والعلاج، لكن ذلك تسبب في الوقت نفسه بإجهاد القوى العاملة المتاحة في مجال الصحة العقلية.
يُقدَّر أنَّ 1 من كل 5 بالغين في الولايات المتحدة مصاب بمرض عقلي، وصار مزيد من الناس يبحثون عن العلاج. ومع ذلك، يكافح مقدمو خدمات الصحة العقلية لمواكبة ارتفاع الطلب.
في سياق متصل اقترحت إدارة بايدن قاعدة، في وقت سابق من هذا الشهر، تُلزِم شركات التأمين الصحي بتوفير تغطية للصحة السلوكية بمستوى التغطية نفسه الذي تقدمه للصحة البدنية؛ في محاولة لمعالجة هذا الأمر.