نقصد هنا العمليات التجميلية للأعضاء التناسلية الظاهرة على سطح الجسم ومدخل الجهاز التناسلي الذي ينتهي عند الرحم، والتي يتم إجراؤها بغير وجود سبب طبي.
يعزى انتشار هذه العمليات حالياً لسببين: العولمة الثقافية، وتسليع الخدمة الطبية، ونقصد أن الخدمة الطبية أصبحت لا تتوقف عند العلاج الطبي فحسب، ولكنها أصبحت تقدم الخدمة التى يريدها البعض بغض النظر عن تصنيفها كمشكلة طبية.
في هذا المقال ألتزم بما تقوله الهيئات الطبية ممثلة في الجمعية الأمريكية لأطباء النساء والتوليد، والكلية الملكية البريطانية لأطباء النساء والولادة، وذلك نظراً لتباين وجهات النظر عند الأطباء. وحيث إن الاعلانات شبه التجارية عن هذه العمليات أصبحت أمراً شائعاً، وطريقة ترويجها بين الناس تفتح باباً للشعور بوجود مشكلة عند البعض، وربما افتقار الكثير من الأزواج للثقافة الجنسية السليمة، كل ذلك يؤدي إلى ترويج مثل هذه العمليات بعيداً عن الضوابط.
والغريب أن الهيئات العلمية قامت بمكافحة ممارسات ختان الإناث، لما تنطوي عليه من أضرار نفسية وجسدية، إلا أن الممارسات المتعلقة بعمليات التجميل النسائية لم تظهر للناس على أنها شديدة الشبه بعمليات الختان، وذلك لأن إجراءها يتم على يد الأطباء.
أغلب هذه العمليات تجري بسبب قلق بعض النساء من الشكل الذي يرينه مختلفاً عن الشكل الخلقى للأعضاء التناسلية، وهنا يجب توضيح أن ما يظنه البعض الشكل الطبيعى لهذه الأعضاء يعتمدون فيه على ما ينشر من صور على الإنترنت، هذه الصور على الأغلب أجريت عليها تعديلات فنية (photoshop)، كما أن هناك تبايناً طبيعياً في شكل الأعضاء التناسلية، هناك أشكال تسود عند بعض الأجناس أكثر من غيرها، فما يعد غير طبيعى عند الأجناس الأوروبية قد يكون هو الشكل الطبيعى السائد عند الإفريقيات، وليس هناك شكل معياري يُعتبر أن ما يخالفه عيب خلقي.
ولذا فإن على الطبيب الذي تعرض عليه حالة كهذه أن يشرح تفصيلاً هذه المسألة، حتى يصل إلى تحرير طالبة هذه العملية من الأوهام، يجب أن يكون هذا الشرح ضمن إطار من التعاطف، نظراً لأن التأثير النفسى لاختلال الصورة عن الذات أمر سلبي جداً، بل ويُنصح بالاستعانة بمعالج نفسي عند إصرار المريضة على العملية دون تفسير معقول. إضافة إلى ذلك لا بد من اطلاع طالبات هذه الجراحة على أمور أخرى، أهمها عدم اعتماد هذه الممارسة الجراحية على براهين موثوقة، وكذلك عدم القدرة على إعطاء المريض توقعات مطمئنة على المدى الطويل، وصعوبة عمل أي إجراء جراحي لتعديل العملية في حالة عدم الارتياح للشكل الجديد، فعدم ارتياح المريضة للشكل الجديد بعد العملية أمر شائع يُعزى إلى التوقعات المبالغ فيها.
كما أنه ليست هناك أية ضمانات تؤكد عدم حدوث مضاعفات طبية مثل النزيف والتهاب الجرح وتهتك جلد المنطقة الجراحية. يُلاحظ أيضاً أن جراحات تصغير الشفرين قد تؤدي إلى تدمير النهايات العصبية المهمة للاستجابة الجنسية المطلوبة للعلاقة الزوجية.
نؤكد هنا على عدم إجراء جراحات من هذا النوع لمن يقل عمرهن عن ثمانية عشر عاماً، نظراً لأنه من المتوقع أن يستمر حدوث تغيرات شكلية في هذه الأعضاء مع النمو الطبيعى. كما تشمل التوصيات التى أشرنا إليها العمليات التي تستخدم التقنيات الحديثة مثل الليزر.
ولا بد من التنبيه هنا على أن بعض هذه العمليات تجري لتعديل عيوب خلقية، مثلاً هناك إناث لديهن اضطراب خلقي في إفراز الهرمونات الجنسية، ما قد يؤدى إلى زيادة حجم البظر حتى يظنه البعض عضواً ذكرياً، والتعامل الجراحي هنا مطلوب وفي سن مبكرة، ولا تنطبق عليه التوصيات التي ذكرناها عن العمليات التجميلية النسائية.
نخلص هنا إلى ضرورة التريث قبل إجراء أي من هذه العمليات، وربما كان من المناسب أن تكون هناك ضوابط تحكم الإعلان عن هذه العمليات، حتى نحمي مهنة الطب من الاستغلال التجاري.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.