ارتفعت أسعار المواد الغذائية العالمية، الأربعاء 2 أغسطس/آب 2023، على خلفية هجوم روسيا على ميناء إسماعيل للحبوب على نهر الدانوب بمنطقة أوديسا الأوكرانية، وقالت كييف إن الطائرات المسيرة الروسية دمرت البنية التحتية للموانئ في المنطقة الواقعة جنوب البلاد، إذ تُكثّف موسكو من استخدام القوة لمنع أوكرانيا من تصدير الحبوب.
الهجمات الروسية دمرت مباني في ميناء إسماعيل، وعرقلت السفن التي كانت تستعد للوصول إلى هناك لتحميل الحبوب الأوكرانية، في تحدٍّ لحصار فعلي عاودت روسيا فرضه في منتصف يوليو/تموز 2023، عقب انسحابها من اتفاق تصدير الحبوب.
أسعار القمح ارتفعت في مجلس شيكاغو للتجارة 5% تقريباً، وذلك بسبب مخاوف الإمدادات بعد الهجوم، لكن الأسعار تراجعت مرة أخرى في وقت لاحقٍ اليوم الأربعاء، بسبب الصادرات الروسية القوية، وإشارات من موسكو تدل على أنها مستعدة لإحياء اتفاق البحر الأسود حول تصدير الحبوب.
تُعد أوكرانيا من أكبر مصدري الحبوب في العالم، وهاجمت روسيا البنية التحتية الزراعية والموانئ لأكثر من أسبوعين بعد رفضها تمديد اتفاق الحبوب.
من جانبه، قال نائب رئيس الوزراء الأوكراني، أولكسندر كوبراكوف، إن هجمات الطائرات الروسية المسيرة ألحقت أضراراً بنحو 40 ألف طن من الحبوب، كانت متجهة إلى دول في إفريقيا وكذلك الصين وإسرائيل.
في حين قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن "الإرهابيين الروس هاجموا مرة أخرى الموانئ والحبوب (بما يهدد) الأمن الغذائي العالمي".
من جهتها، قالت وكالة الإعلام الروسية الرسمية، إن الميناء والبنية التحتية للحبوب التي تضررت، "كان بها مرتزقة أجانب ومعدات عسكرية"، بحسب قولها، وأضافت أن حوضاً لإصلاح السفن التابعة للبحرية استهدفه القصف أيضاً.
مقطع فيديو نشرته السلطات الأوكرانية، أظهر رجال إطفاء على سلالم يكافحون حريقاً هائلاً في عدة طوابق، بمبنى تغطيه نوافذ مهشمة، وتحولت مبانٍ أخرى كثيرة إلى حطام أيضاً، فيما تناثرت الحبوب من صومعتين على الأقل لحق بهما الدمار.
تسبب القصف في توقف عشرات السفن الدولية ورست في مصب نهر الدانوب، بحسب ما أظهرته بيانات تتبع السفن التجارية، وكثير من السفن مسجل للوصول إلى ميناء إسماعيل؛ في محاولة على ما يبدو لاختراق الحصار الروسي.
الميناء الذي يقع على الجانب الآخر من النهر من رومانيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، هو الطريق البديل الرئيسي لخروج صادرات الحبوب الأوكرانية منذ أن أوقفت روسيا حركة الملاحة بموانئ أوكرانيا على البحر الأسود في منتصف يوليو/تموز 2023.
وكالة رويترز نقلت عن مصدرين قولهما إن العمليات في الميناء توقفت، فيما قال رئيس هيئة الموانئ البحرية يوري ليتفين، على فيسبوك، إن أعمال الإصلاح قد بدأت بالفعل وإن البنية التحتية للميناء ما زالت تعمل.
تقول كييف إن الهدف من الضربات هو إعادة فرض الحصار الروسي من خلال إقناع شركات الشحن وشركات التأمين بأن الموانئ الأوكرانية غير آمنة لاستئناف الصادرات.
في سياق متصل، قال نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة، فرحان حق، للصحفيين اليوم الأربعاء: "ما زلنا نتواصل، على مختلف المستويات، للتأكد من أن بوسعنا الاستمرار في بذل قصارى جهدنا لتوصيل المواد الغذائية والأسمدة الأوكرانية والروسية إلى الأسواق، لكن هذا صعب".
كان نحو رُبع صادرات الحبوب الأوكرانية يمر عبر موانئ نهر الدانوب، ومنها ميناء إسماعيل، قبل أن تنسحب روسيا من اتفاق تصدير الحبوب، لتصبح تلك الموانئ شرياناً حيوياً تنطلق من خلاله شحنات الحبوب، محملة على صنادل، قبل أن تُشحن إلى ميناء كونستانتا الروماني على البحر الأسود لتواصل طريقها إلى وجهاتها بعد ذلك.
تقول موسكو إنها ستتعامل مع أي سفن تتجه إلى الموانئ الأوكرانية كأهداف عسكرية محتملة، وذلك في وقت حذرت الأمم المتحدة من أزمة غذاء محتملة وجوع في دول العالم الأكثر فقراً نتيجة لقرار روسيا الانسحاب من الاتفاق الذي توسطت فيه الأمم المتحدة وتركيا.
وبحسب مسؤولين أوكرانيين، فإن موسكو ضربت 26 من منشآت الموانئ وخمس سفن مدنية وصوامع بها 180 ألف طن من الحبوب في هجمات على مدى تسعة أيام بعد انسحابها من اتفاق الحبوب.
يُشار إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبلغ نظيره التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الأربعاء، استعداد موسكو للعودة إلى اتفاق الحبوب، "بمجرد وفاء الغرب بالتزاماته"، فيما يتعلق بصادرات الحبوب الروسية.
تتهم روسيا الغرب بعرقلة صادرات الحبوب والأسمدة الروسية، ولا تشمل العقوبات الغربية صادرات روسيا من الحبوب والأسمدة، لكن موسكو تقول إن القيود المفروضة على المدفوعات والخدمات اللوجيستية والتأمين تشكل عائقاً أمام عمليات الشحن.