تعتبر البلغة المغربية واحدة من بين أشهر أنواع الملابس التقليدية، التي يتم ارتداؤها في الأعياد والمناسبات الدينية، والأفراح المغربية، سواء للرجال أو النساء.
إذ إنها عبارة عن منتج تقليدي تتم صناعته منذ القدم، ليكون بذلك أول نعل تم تصنيعه وارتداؤه في دول شمال إفريقيا، وهذا ما يفسر وجودها في الجزائر وتونس كذلك.
فيما تنقسم البلغة، والتي تسمى "الشربيل" عند النساء، وهي الفاسية والأمازيغية أيضاً، لتشكل بذلك مظهراً من مظاهر التعايش بين الأمازيغ، وهم سكان المغرب الأولون، والعرب.
كانت هدية شاعر لمحبوبته.. رواية صناعة أول بلغة مغربية
رغم أنها كانت أول نعل يتم ارتداؤه في دول شمال إفريقيا، فإنها لم يتم تحديد تاريخ صناعتها بالضبط، ومع ذلك فإن هناك رواية شهيرة يتم ترديدها بين سكان المغرب، تحكي سبب دخول خيوط الذهب في تطريزها.
وتقول هذه الرواية إن شاعراً عشق امرأة من أرض المغرب، فوعدها بأن يفرش لها الأرض ذهباً في حال وافقت على الزواج منه.
ومن أجل تحقيق وعده لها، والذي كان يبدو صعباً، نصحه أحد الشيوخ بأن يقوم بصناعة نعل خاص، وهو "الشربيل"، وتطريزه بخيوط رفيعة من الذهب، وبهذا تكون محبوبته فعلاً قادرة على المشي على الذهب.
ومنذ ذلك الحين، وحسب الرواية نفسها، أصبح شربيل خيوط الذهب، الذي يطلق عليه بلغة الحرفيين "شربيل الصم"، خاصاً من أجل العرائس، اللواتي يلبسنه لإكمال إطلالتهن بالقفطان المغربي.
أنواع البلغة المغربية
تنقسم البلغة المغربية إلى نوعين، وهما الأمازيغية والفاسية، إذ إن لكل واحدة منهما شكلها الخاص، وطريقة تطريزها وتصميمها المختلفة عن الأخرى.
البلغة الأمازيغية
يطلق عليها كذلك اسم "إيدوكان"، وهي بلغة ذات شكل محدّب من الأمام، غالباً ما تُزين بعلامة الخنجر، أو حرف تيفيناغ، الذي يرمز للأمازيغ، أو تطريزها بألوان العلم الأمازيغي دون رسم أي علامة أو شكل محدد.
ويعتبر اللون الأصفر الأكثر استعمالاً في صناعة الجلود الخاصة بالبلغة الأمازيغية، فيما يمكن إيجادها بألوان أخرى، أبرزها اللون البني، وهو لون الجلد الطبيعي، وتشتهر مدينة تافراوت التي تقع جنوب المغرب بصناعتها.
وأبرز ما يميز "إيدوكان" أنها ذات سمك وارتفاع عن الأرض، يساعد على المشي بشكل مريح أكثر، ما يجعلها بديلاً للأحذية العادية، وغالباً ما تكون هي الاختيار الأول لسكان المدن الأمازيغية، إذ يرتديها الصغير والكبير، دون حاجة لأن تكون مرتبطة بمناسبة معينة.
البلغة الفاسية
هي البلغة ذات الشكل الأشهر والمتعارف عليه بشكل كبير في جميع المدن المغربية، والتي غالباً ما يشتريها السياح بشكل كبير عند زيارتهم المغرب.
ويكون لهذا النوع من البلغة مقدمة حادة، غالباً ما يكون جلدها مصبوغاً باللون الأصفر للرجال، وأغلاها التي يتم تلوينها بماء الزعفران الحر.
هي ذات سمك رقيق جداً، ما يجعلها قريبةً جداً من الأرض، عكس البلغة الأمازيغية، ويرتديها الرجال في الأعياد الدينية، وعند الذهاب للصلاة في المساجد، والأعراس، خاصةً العريس، إلى جانب الجلابة.
وغالباً ما يكون عليها تطريز خفيف بلون الجلد الذي صنعت منه، لتكون بذلك مريحة للنظر، وما يميزها هي طريقة تصميمها.
ونسبةً إلى اسمها، فإن هذا النوع من البلغ يصنع في فاس، وهي المدينة المشهورة بدباغة الجلود، لذلك يمكن أن تجد أجودها وأكثرها دقة في أسواق المدينة القديمة.
وقد أصبحت البلغة الفاسية تقدم بألوان مختلفة، من بينها الأبيض والأزرق والأحمر، ولا تقتصر على الجلد الطبيعي فقط.
الشربيل النسائي
يتميز الشربيل النسائي بأشكاله وتصاميمه المختلفة، وألوانه العديدة، وذلك لأنه لا يشبه البلغة الرجالية، بل به الكثير من الإضافات الأخرى.
وقد كان الشربيل قديماً خاصاً بأميرات القصر في المغرب، ثم العرائس، قبل أن ينتشر ويصبح في متناول جميع النساء.
الشربيل النسائي ينقسم بدوره إلى أمازيغي وفاسي، إذ إن الأمازيغي يُصنع من جميع الألوان التي يمكن أن تخطر على البال، ودائماً ما يكون مطرزاً بالألوان التي ترمز إلى علم الأمازيغ.
فيما يأتي الشربيل الفاسي بتصاميم مختلفة، منها الذي يتم تطريزه بخيوط من ذهب، ويكون ذا قاعدة مرتفعة، وغالباً ما ترتديه العرائس.
ثم الشربيل العادي، الذي يُشبه البلغة الرجالية، لكنه متنوع الألوان والتطريزات، فغالباً ما يكون الشربيل بلون والتطريز بلون آخر، مثل الأخضر والأصفر، أو البنفسجي والوردي.
ومع تطور صناعة الشربيل النسائي أصبح بعضه يصمم بكعب عالٍ، وآخر على شكل حذاء عادي، وذلك لتتمكن النساء من ارتدائه في جميع المناسبات، ومختلف موديلات الملابس، ولا يكون ارتداؤه حكراً على تنسيقه مع القفطان أو الجلابية التقليدية.
مراحل تصنيع البلغة المغربية
بما أن عملية تصنيع البلغة تعتمد على الجلد كعنصر أساسي في تصميمها، فإن أولى الخطوات التي تمر بها هي دباغة الجلد الطبيعي في دار الدباغة في فاس، وغالباً ما تكون عبارة عن جلود البقر، أو الغنم، أو الماعز.
وبعد ذلك يتم تلوين الجلد حسب طلب حرفيي صناعة البلغة، وغالباً ما يتم استعمال اللونين الأصفر والبني بموديلات الرجال، فيما تتعدد الألوان عند تصنيع تلك التي ترتديها النساء.
بعد الانتهاء من هذه المرحلة، يتم تحويل الجلد إلى الحرفيّين الذين يعملون عادة في دكاكين صغيرة، موجودة في أزقة مدينة فاس الصغيرة، تسمى "سوق البلغة"، وذلك من أجل الشروع في عملية التقطيع، حسب المقاسات المختلفة، وبأشكال تناسب التصميم المتعارف عليه.
وبعد ذلك يقوم الحرفي بخياطة البلغة وربط أجزائها المختلفة ببعضها البعض، ثم يتم تثبيتها يدوياً لتكون الأجود والأعلى سعراً، وهذه المرحلة تحتاج وقتاً طويلاً، أو يتم الاعتماد على ماكينات خاصة، للانتهاء منها في وقت قصير، ويتم بيعها بسعر أقل.