خرج عشرات الآلاف من الإسرائيليين في احتجاجات جديدة في أنحاء البلاد مساء السبت 29 يوليو/تموز 2023 في أعقاب اضطرابات استمرت أسبوعاً بسبب مضي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قدماً في تمرير قانون مثير للجدل يحد من سلطات المحكمة العليا.
وخرج المحتجون إلى الشوارع يلوحون بالأعلام ويقرعون الطبول ويطلقون أبواقاً صاخبة في أماكن متفرقة في إسرائيل، من تقاطع بعيد وسط التلال الخضراء في الجليل شمالاً إلى شوارع تل أبيب.
150 موقعاً
وقالت صحيفة "يديعوت أحرنوت"، إن عشرات الآلاف تظاهروا في أكثر من 150 موقعاً في كافة أنحاء إسرائيل، ضد خطة التعديلات القضائية.
وفي ساحة "كابلان" وسط مدينة تل أبيب، شارك الآلاف في التظاهرة المركزية رافعين مشاعل ضوئية وصوراً لرجال شرطة قالوا إنهم هاجموا المتظاهرين سابقاً، وفق الصحيفة.
وشارك أحد زعماء المعارضة، وزير الدفاع السابق بيني غانتس، في التظاهرة التي نظمت بمنطقة رأس العين (شمال)، وألقى كلمة أمام المتظاهرين، بحسب المصدر ذاته.
وعلى الصعيد ذاته، شارك الآلاف في تظاهرة نُظمت أمام منزل الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، في مدينة القدس، وفق الصحيفة.
أثارت التعديلات القضائية التي يدفع بها نتنياهو والحكومة اليمينية، والتي أقر الكنيست الجزء الأول منها الإثنين، أزمة لم يسبق لها مثيل وأحدثت انقساماً اجتماعياً عميقاً. ودخلت الاحتجاجات أسبوعها الثلاثين.
كما هزت خطة الحكومة التزام بعض جنود الاحتياط بالاستجابة لأوامر الاستدعاء، بينما صدرت تحذيرات صارمة من التداعيات الاقتصادية للخطة من وكالات التصنيف الائتماني.
"لسنا متحدين"
إلى ذلك، قال ياريف شافيت (53 عاماً)، وهو مهندس في قطاع التكنولوجيا كان يمسك بزهرة ويرفع علم إسرائيل وسط أحد تجمعات المحتجين: "لا نرى جميعاً أي مستقبل إذا استمر هذا الأمر.. لسنا متحدين. لقد فقدنا وحدتنا".
وتقدمت مجموعات مراقبة سياسية بطعن أمام المحكمة العليا لإلغاء القانون الجديد الذي يلغي سلطة المحكمة في إبطال ما تعتبره قرارات "غير معقولة" من الحكومة والوزراء. وقالت المحكمة إنها ستستمع إلى الحجج المقدمة ضد القانون في سبتمبر/أيلول مما يمهّد الطريق لمواجهة دستورية.
ويحاول نتنياهو التهوين من تأثير القانون الجديد الذي تمت المصادقة عليه بعد أيام من الجدل الصاخب في البرلمان في تصويت قاطعته المعارضة، وهو أحد التعديلات التي تقول الحكومة إنها ضرورية لتحقيق التوازن بين أفرع السلطة.
بينما يقول منتقدون إن نتنياهو يهدد مبادئ الديمقراطية واستقلال المحاكم في إسرائيل، ربما واضعاً نصب عينيه قضية فساد يواجهها. وينفي نتنياهو ذلك كما ينفي التهم الموجهة إليه.
وفض الكنيست دورة انعقاده الحالية ليحصل على عطلة السبت، ولذا قد تمر أسابيع قبل أن تتضح استراتيجية نتنياهو في المستقبل. ويسيطر نتنياهو مع شركائه من المتشددين والقوميين على 64 مقعداً بالكنيست من أصل 120.
لكن يبدو أن هناك بوادر قلق، بل حتى ندم، داخل حزب ليكود الذي يتزعمه نتنياهو.
"اتفاق وطني واسع"
وخلال مقابلة، قال عضو بالكنيست إنه سيمتنع عن تسجيل موقفه، في حين كتب آخر على فيسبوك أنه من الآن فصاعداً لن يدعم سوى التعديلات التي سيتم التوصل إليها في سياق "اتفاق وطني واسع".
وكانت عدة مؤسسات بما فيها "الحركة من أجل جودة الحكم في إسرائيل" (خاصة) وأحزاب إسرائيلية أعربت عن معارضتها لقانون "الحد من المعقولية" الذي أثار موجة غضب في صفوف المعارضة والشارع لنحو 8 أشهر.
ومن شأن القانون أن يمنع المحاكم الإسرائيلية بما فيها المحكمة العليا، من تطبيق ما يعرف باسم "معيار المعقولية" على القرارات التي يتخذها المسؤولون المنتخبون.
ويعد قانون "الحد من المعقولية" أحد 8 مشاريع قوانين طرحتها الحكومة في إطار "إحداث التوازن بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية"، ضمن خطة "إصلاح القضاء" التي تصفها المعارضة بـ"الانقلاب".