قال موقع Middle East Eye البريطاني، في تقرير نشره الخميس 20 يوليو/تموز 2023، إن قرار تركيا تزويد كوسوفو بطائرات مسيَّرة قد أثار غضباً في صربيا، التي وصفت ذلك بأنه "غير مقبول". وقد تصاعدت التوترات بين الجارتين خلال العام الماضي، وبلغت ذروتها في يونيو/حزيران 2023 في أعمال عنف بشمال كوسوفو -التي تضم أقلية صربية كبيرة- وإصابة جنود الناتو وضباط الشرطة بجروح.
في حين اتهمت كوسوفو بلغراد بإثارة التوترات في شمال البلاد، التي تعتبرها صربيا أراضي تابعة لها، من خلال دعم المسلحين الذين يهاجمون مؤسسات الدولة ويسعون إلى تقويض سيادة البلاد.
صربيا غاضبة من كوسوفو بسبب طائرات بيرقدار
قرار كوسوفو الإعلان عن قدراتها العسكرية الجديدة أثار غضب صربيا هذا الأسبوع. خلال عطلة نهاية الأسبوع، عرض رئيس وزراء كوسوفو، ألبين كورتي، بفخر، آخر عملية شراء في البلاد للطائرات المسيَّرة التركية "بيرقدار تي بي 2″، وهو نموذج استُخدِمَ مؤخراً في أوكرانيا ضد أهداف روسية بشكل كبير.
كان عرض كوسوفو أجهزتها الدفاعية الجديدة بمثابة تحذير لجارتها القوية من أن بريشتينا، عاصمة كوسوفو، ستدافع عن نفسها، إذا لزم الأمر، ضد محاولات صربيا تقويض حدود البلاد.
على خلفية تراجع الدعم الغربي على ما يبدو لكوسوفو والاشتباكات المتعددة بين الصرب وشرطة كوسوفو وقوة حفظ السلام الدولية التي يقودها الناتو في الشمال، فإن سكان كوسوفو بحاجةٍ إلى تأكيدات في ما يتعلق بأمنهم في المستقبل.
كانت تركيا أكثر استعداداً للتدخل في الدور الذي يبدو أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على استعداد بشكل متزايد لإخلائه بينما يسعيان لإغراء صربيا بعيداً عن فلك روسيا.
موقف كوسوفو من التقارب مع تركيا
قال مصدر مقرب من حكومة كورتي، متحدثاً إلى موقع Middle East Eye البريطاني، إن كوسوفو اختارت في الماضي الحفاظ على مسافة عامة من الإدارة التركية للرئيس رجب طيب أردوغان "رغم العلاقات المؤسسية القوية".
وقال المصدر إنه كان هناك خوف في بريشتينا من أنه إذا كان هناك تصور بأن كوسوفو مرتبطة بشكل وثيق للغاية بأردوغان، فقد "تثير الشكوك في الغرب".
وأضاف المصدر: "ومع ذلك، من الضروري أن يدرك القادة الغربيون أن كورتي سياسي براغماتي يفهم السياسة الواقعية ويتكيف مع الظروف المتغيرة. وفي أروقة السلطة بكوسوفو، فإن الاسترضاء المستمر لصربيا من قِبَلِ الغرب قد أدى إلى تركيز شديد على أهمية تركيا الاستراتيجية".
ونتيجة لذلك، من المرجح أن يتعزَّز النفوذ التركي في كوسوفو بشكل كبير، مما يؤدي إلى تكثيف العلاقات الثنائية، خاصة في قطاع الدفاع.
صربيا تلغي صفقة طائرات مع تركيا
في سياق موازٍ، قال الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، بعد أن غضِب من بيع طائرات مسيَّرة إلى كوسوفو، إن بلاده ألغت عمليات شراء طائرات مسيَّرة من تركيا.
وقال نيمانيا ستاروفيتش، سكرتير الدولة بوزارة الدفاع في صربيا، لموقع Middle East Eye، إن السفير التركي في البلاد استُدعِيَ بعد عمليات شراء بريشتينا الأخيرة للطائرات المسيَّرة.
وأضاف ستاروفيتش إن بلاده "تريد التعبير عن مخاوف جدية بشأن حقيقة أن بعض الدول الأعضاء في الناتو، وضمن ذلك تركيا، تدعم بنشاطٍ العسكرة غير القانونية على الأرض من خلال تدريب وتجهيز ما يسمى بقوة أمن كوسوفو، بهدف تحويلها إلى جيش كامل". وأضافت أن ذلك "سيؤثر على العلاقات الثنائية".
وقالت: "ومع ذلك، نحن ملتزمون تماماً بتعزيز علاقاتنا مع أنقرة، لأننا ندرك حقيقة أن تركيا أكبر دولة في البلقان".
ورغم أن صربيا تواجه تهديدات إقليمية قليلة، فقد كانت تشتري كثيراً من الطائرات المسيَّرة وغيرها من الأسلحة.
في وقت سابق من هذا العام، أعلن فوتشيتش أن دولته ستشتري ذخائر من الإمارات، التي ستضيف إلى ترسانة البلاد طائراتٍ مسيَّرة صينية، وقال أيضاً إن بلاده بصدد إنتاج طائرات مسيَّرة بنفسها.
شراء معدات ومركبات من تركيا
من جهة أخرى ذكرت وسائل الإعلام في كوسوفو، أنه ربما جرى شراء ما يصل إلى خمس طائرات مسيَّرة، إضافة إلى معدات عسكرية أخرى، من ضمنها مركبات.
يعود التوتر الحالي بين البلدين إلى أبريل/نيسان، عندما قاطع صرب كوسوفو الانتخابات المحلية. ونتيجة لانخفاض الإقبال، سيطر الألبانيون على المجالس المحلية التي كانت غالبيتها من الصرب.
طالب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة كوسوفو بعدم اعتماد نتيجة الانتخابات الديمقراطية؛ خوفاً من إثارة غضب صربيا. عندما مضت سلطات كوسوفو قُدُماً، فرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عقوبات على بريشتينا.
في المقابل، تجنبت الولايات المتحدة إلى حد كبير، انتقاد صربيا في أعقاب أعمال العنف الأخيرة.
إضافة إلى ذلك، أوضحت حكومة كوسوفو خلال عطلة نهاية الأسبوع، أنها زادت بشكل كبير، من عدد الجنود، إضافة إلى ميزانيتها العسكرية. ولا تزال الميزانية العسكرية لكوسوفو، البالغة 137 مليون دولار، ضئيلةً بالمقارنة بميزانية صربيا، البالغة 1.5 مليار دولار.
ونظراً إلى أن الغرب سعى بشكل متزايد إلى المساومة على أمن كوسوفو في تعاملاته مع صربيا، فقد شكل ذلك معضلة أمنية لبريشتينا فيما يتعلق بمن يمكن أن تلجأ إليه لتلبية احتياجاتها الدفاعية.
في المقابل، فإن أي خطوات تجعل كوسوفو تشعر بمزيد من الأمان، مثل شراء أسلحة جديدة أو بناء جيش متنامٍ، ستجعل صربيا تشعر حتماً بأمانٍ أقل، رغم النوايا الدفاعية الواضحة لكوسوفو.
لكن كوسوفو ذات العقلية المستقلة بشكل متزايد، والمصممة على السعي وراء مصالحها الوطنية الخاصة، والضجر المتنامي من الميول المُتصوَّرة لدى قادة الغرب التي تؤيد الصرب في صنع السياسة، جعلت شراء هذه الأسلحة مسألة حياة أو موت بالنسبة للبلاد.