كشفت دراسة جديدة أنَّ ما يقرب من ثُلث سكان باريس مُعرَّضون لخطر الوفاة بشكل كبير بسبب موجة الحر الشديد، مقارنةً بسكان أية عاصمة أوروبية أخرى، بحسب ما قالته صحيفة The Guardian البريطانية، الجمعة 21 يوليو/تموز 2023.
ونجت باريس من الحرارة الشديدة التي تضرب المدن في الجنوب، لكن بحثاً أجرته وكالة تخطيط حكومية كشف أنَّ العاصمة الفرنسية غير مُجهّزة للتعامل مع درجات الحرارة القصوى، حيث يُصنَّف نحو 3.7 مليون شخص في المنطقة على أنهم معرضون لخطر شديد.
من جانبه، قال إروان كوردو، خبير المناخ الذي قاد الدراسة التي أجراها معهد منطقة باريس، إنَّ أسباب ذلك تكمن في كثافة الوحدات السكنية، ومحدودية الوصول إلى المساحات الخضراء، وتلوث الهواء، والعُمر، مع تعرض الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً أو أقل من 5 سنوات، للخطر الأكبر.
وأوضح كوردو أنَّ نصف سكان منطقة باريس، أي أكثر من 6 ملايين شخص، يعيشون في "مجمعات سكنية تتحول إلى جزر حرارية حضرية، تشهد درجات حرارة أعلى من المناطق المحيطة بها في الصيف". وكان سكان الأحياء الفقيرة أكثر عرضة لتأثيرات موجات الاحترار.
باريس أمام خطر كبير
وكانت هذه المخاوف قد أثيرت بالفعل من خلال بحث نُشِر في دورية The Lancet في أبريل/نيسان، والذي أظهر أنَّ الباريسيين أكثر عرضة لخطر الوفاة إثر أسباب مرتبطة بالحرارة مقارنةً بسكان أكثر من 850 مدينة أوروبية. وخلص البحث إلى أنَّ الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 85 عاماً أكثر عرضة للوفاة خلال موجات الحر في باريس بنسبة 1.6 مرة مقارنة بالعواصم الأخرى. وجاءت مدينتا أمستردام وزغرب في المرتبة الثانية.
وأعادت النتائج إلى الأذهان ذكريات حية عن موجة الحر الأوروبية قبل 20 عاماً، والتي قُدِّر أنها تسببت في أكثر من 70 ألف حالة وفاة، نحو 15 ألفاً منها في فرنسا.
وهرعت خدمات الطوارئ إلى منزل الممثلة والمغنية الفرنسية بريجيت باردو (88 عاماً)، فوق خليج سان تروبيه، الأربعاء 19 يوليو/تموز، بعد أن عانت من صعوبات في التنفس من جرّاء ارتفاع درجة الحرارة إلى 35 درجة مئوية. وقال زوجها برنارد دورمال لصحيفة Var-Matin المحلية: "مثل جميع الناس في سن معينة، لم تعد قادرة على تحمُّل الحرارة"، مشيراً إلى أنَّ المسعفين زودوها بالأوكسجين.
وعانى الملايين في جميع أنحاء أوروبا من الحر الشديد مع وصول درجات الحرارة لمستويات خانقة حول البحر المتوسط. وأغلقت اليونان المواقع الأثرية، وضمن ذلك الأكروبوليس، خلال ساعات اليوم الأعلى حرارة. وتمكنت السلطات إلى حد كبير، من احتواء حرائق الغابات التي اندلعت لأيام، لكن الظروف المناخية التي تجعل اليونان كعلبة بارود لا تزال مستمرة، بينما تستعد البلاد للذروة عند 43 درجة مئوية.
كما تستعد أجزاء من إيطاليا لارتفاع درجة الحرارة إلى 48 درجة مئوية في الأيام المقبلة، ومن المتوقع أن تصل درجات الحرارة إلى 44 درجة مئوية في وادي غوادالكيفير بالقرب من إشبيلية، في جنوب إسبانيا.