اقترح فلاديمير بوتين على مقاتلي مجموعة فاغنر أن يقود مرتزق مخضرم يدعى أندريه تروشيف المجموعة العسكرية الخاصة، وفقاً لتصريحات الرئيس الروسي لصحيفة "كوميرسانت" (Kommersant).
وقد اشتهر الكولونيل المتقاعد بتاريخ طويل من المشاركات العسكرية في مختلف حروب روسيا خلال العقود الماضية، على رأسها جرائم القوات الروسية الأخيرة في سوريا دعماً لنظام بشار الأسد.. فمن هو هذا العسكري الغامض صاحب لقب "ذو الشعر الرمادي"؟
اقتراح بوتين لـ"ذو الشعر الرمادي" قائداً لقوات فاغنر
يأتي هذا بعد أن أحدث بوتين انقساماً بين كبار مقاتلي مجموعة مرتزقة فاغنر وزعيمها يفغيني بريغوجين منذ انتفاضتها الفاشلة الشهر الماضي.
وذكرت الصحيفة أن هذا أتى ضمن تفاصيل اجتماع عقده الرئيس الروسي بعد 5 أيام من انهيار تمرد فاغنر في نهاية يونيو/حزيران حضره بريغوجين وعشرات من كبار مقاتلي فاغنر.
ووفقاً لتصريحات الرئيس الروسي لـ"كوميرسانت" عن الاجتماع، أخبر بوتين العشرات من مقاتلي فاغنر في تلك الجلسة أنه من بين خيارات التوظيف المتعددة التي قدمها لهم، تضمن أحدهم استمرار القتال تحت قائد مباشر، وهو رجل يُعرف باسم "سيدوي" (Sedoy)، والتي تعني "ذو الشعر الرمادي".
وقال بوتين: "بإمكانهم التجمع في مكان واحد والاستمرار في الخدمة، ولن يتغير شيء بالنسبة لهم. سيقودهم نفس الشخص الذي كان قائدهم الحقيقي طوال الوقت"، ورداً على المقترح: "أومأ كثير من الناس [بالإيجاب] عندما قلت ذلك"، نقلاً عن بوتين.
من هو "ذو الشعر الرمادي"؟
"سيدوي" هو الاسم الحركي لأندريه تروشيف، الكولونيل المتقاعد وقائد فاغنر البارز وفقاً لوثائق عقوبات الاتحاد الأوروبي والوثائق الرسمية الفرنسية ومصادر مطلعة وتقارير إعلامية روسية.
إذ تصف وزارة الخزانة الفرنسية علامة نداء أندريه تروشيف بأنها "سيدوي". كما وصفته بريطانيا في وثائق العقوبات الخاصة بسوريا بأنه الرئيس التنفيذي لشركة فاغنر والقائد الفعلي وراء كل عملياتها.
وقال الاتحاد الأوروبي إن من بين شركائه ديمتري أوتكين، وهو ضابط سابق في القوات الخاصة بالمخابرات العسكرية وأحد مؤسسي شركة فاغنر. ونقلت صحيفة كوميرسانت عن بوتين قوله إن "سيدوي" كان القائد الحقيقي والفعلي لفاغنر.
تاريخ من "الخبرة العسكرية" في أفغانستان والشيشان
وُلد تروشيف في لينينغراد، الاسم الذي يعود إلى الحقبة السوفييتية لسانت بطرسبرغ ، في 5 أبريل/نيسان من العام 1962، وفقاً لمصادر روسية. وتذكر وثائق العقوبات الغربية تاريخ ميلاده في 5 أبريل/نيسان عام 1953. لكن ليس من الواضح سبب ذلك التضارب في التواريخ.
حارب أندريه تروشيف في أفغانستان خلال حرب الاتحاد السوفييتي التي استمرت عشر سنوات هناك. ثم بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، خدم في شمال القوقاز مع الجيش الروسي بحرب الشيشان.
ونتيجة لخدمة تروشيف في حرب الاتحاد السوفييتي بأفغانستان التي امتدت لعقد كامل، حصل على وسام النجمة الحمراء مرتين، وهو أعلى وسام فخري لمن يقدمون دوراً بارزاً في القتال بشجاعة ونجاح على أرض المعارك بشكل يساهم في إنجاح القوات السوفييتية ويكبد الأعداء خسائر فادحة.
"ذو الشعر الرمادي" هو أيضاً موظف سابق في مفرزة الاستجابة السريعة الخاصة في المنطقة الفيدرالية الشمالية الغربية التابعة لوزارة الداخلية الروسية SOBR، وفقاً لموقع الأخبار الروسية "فونتانكا" (Fontanka). وقد عمل فيها قائداً للوحدة.
القائد الفعلي للعمليات الداعمة لنظام الأسد في سوريا
وبحسب وكالة رويترز للأنباء، وصفه الاتحاد الأوروبي بأنه "المدير التنفيذي (أو رئيس الموظفين) لمجموعة فاغنر" في وثيقته لعام 2021 التي تقول أيضاً إنه كان أحد الأعضاء المؤسسين للمجموعة.
وقال الاتحاد الأوروبي: "أندريه تروشيف متورط بشكل مباشر في العمليات العسكرية لمجموعة فاغنر في سوريا".
وأضاف الاتحاد آنذاك إنه "كان منخرطاً بشكل خاص في منطقة دير الزور. وعلى هذا النحو، فإنه يقدم مساهمة حاسمة في المجهود الحربي (للرئيس السوري) بشار الأسد، وبالتالي يدعم النظام السوري ويستفيد منه".
كذلك حصل تروشيف على أعلى ميدالية روسية، وهي "بطل روسيا"، عام 2016 لـ"بسالته ونجاحه في اقتحام مدينة تدمر في سوريا ضد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية".
وتنص وثائق عقوبات المملكة المتحدة الصادرة بتاريخ يونيو/حزيران عام 2022 أيضاً على أن "أندريه نيكولايفيتش تروشيف كان الرئيس التنفيذي لمجموعة فاغنر ويدعم النظام السوري وكان عضواً في ميليشيا عسكرية مسؤولة عن قمع السكان المدنيين في سوريا"، وتحديداً جرائم الحرب التي ارتكبتها القوات الروسية دعماً لنظام الأسد.