وصلت سفينة عملاقة تابعة للأمم المتحدة، الأحد 16 يوليو/تموز 2023، إلى قبالة سواحل اليمن، وذلك تمهيداً لبدء عملية سحب حمولة ناقلة النفط "صافر" المهجورة منذ سنوات، بهدف تجنّب تسرّب نفطي سيؤدي إلى كارثة في البحر الأحمر، وذلك في مهمة محفوفة بمخاطر حدوث تسرب أو انفجار أثناء تنفيذها.
فبعد سنوات من تحركات دبلوماسية، سادها توتر بين الأمم المتحدة والحوثيين في اليمن والحكومة المعترف بها دولياً، سترسو "نوتيكا" قريباً إلى جانب "صافر"، ناقلة النفط العملاقة الصدئة في البحر الأحمر، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
الوكالة نقلت عن مسؤولين مطلعين على العملية، قولهم إنّه يُتوقع أن تبدأ عملية ضخّ 1,14 مليون برميل من النفط من صافر إلى نوتيكا بعد أيام على وصول السفينة.
ستتجه الأنظار إلى عملية الضخّ المنتظرة منذ وقت طويل، وتقول الأمم المتحدة إن "صافر" تحتوي على أربعة أضعاف كمية النفط التي كانت تحملها الناقلة "إكسون فالديز"، التي تسبّبت في 1989 بواحدة من أكبر الكوارث البيئية في تاريخ الولايات المتحدة.
مهمة محفوفة بالمخاطر
ورغم فحوص السلامة الصارمة ما زالت هناك مخاوف من حدوث تسرب أو انفجار، وقال محمد مضوي، مدير مشروع برنامج الأمم المتحدة الانمائي للسفينة "صافر": إن "الخطر كبير، الخطر كبير جداً". وأضاف: "لكننا نأمل مع استكمال المشروع أن يتم تجنب ذلك".
لفت مضوي إلى أن المخاوف المستمرة بشأن البنية التحتية لصافر تتطلب بدء ضخ النفط خلال النهار، قبل عشر ساعات على الأقل من غروب الشمس، للتأكد من أن جميع التوصيلات آمنة ويمكنها مراقبة التسريبات.
لم تخضع سفينة "صافر" لأي صيانة منذ 2015 بسبب الحرب في اليمن، ما أدّى إلى تآكل هيكلها وتردّي حالتها. ولطالما حذّرت الأمم المتحدة من أنها قد "تنفجر في أية لحظة"، إذ يمكن أن تؤدي بقعة نفطية كبيرة إلى كارثة بيئية، وتدمير مجتمعات الصيد اليمنية، وإغلاق موانئ شريان الحياة ومحطات تحلية المياه.
كذلك سبق أن حذرت الأمم المتحدة من أن تسرباً محتملاً- يمكن أن يكلف أكثر من عشرين مليار دولار لتنظيفه- وقد يصل إلى السعودية وإريتريا وجيبوتي والصومال.
تشكل درجات الحرارة الحارقة في الصيف والأنابيب المتقادمة والألغام البحرية التي قد تكون منتشرة في المياه المحيطة، تهديدات للعملية التي بدأ الإعداد لها منذ أواخر مايو/أيار 2023، من قبل خبراء من شركة "سميت سالفيدج".
3 أسابيع من العمل
من جانبه، قال منسّق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن، ديفيد غريسلي، أمام مجلس الأمن الدولي، يوم الإثنين الماضي، إن الفريق رتّب نقل المضخّات والخراطيم وضخّ الغاز الخامل في الخزانات لتقليل خطر حدوث انفجار.
بدوره، قال نيك كوين، كبير مستشاري المشروع، إن العمل في ذروة الصيف عندما تبلغ درجات الحرارة على سطح السفينة أكثر من خمسين درجة مئوية يمثل خطراً إضافياً، وأضاف أن "الجو يصبح حاراً جداً وبسرعة كبيرة"، مشيراً إلى أن هذا يزيد من احتمالات "الانزلاق والرحلات والسقوط" على سطح السفينة للعاملين الذين يرتدون معدات وقاية شخصية ثقيلة.
عند بدء العملية يتوقع مسؤولو الأمم المتحدة أن يستغرق نقل النفط من "صافر" إلى "نوتيكا" نحو ثلاثة أسابيع، لكن القضية لن تتوقف هنا، فمسألة من يملك النفط ستظل بحاجة إلى حل من قبل الفصائل اليمنية المتحاربة.
من المقرر أن يُطلق اسم اليمن على "نوتيكا" بعد ذلك، وستبقى في المنطقة مع استمرار المحادثات حول ملكيتها.
ترسو ناقلة النفط "صافر"، التي صُنعت قبل 47 عاماً ومحملة بأكثر من مليون برميل من النفط الخام، قبالة الساحل اليمني، منذ ثمانينات القرن الماضي، عندما تم تحويلها إلى وحدة عائمة للتخزين والتفريغ.
توجد "صافر" الآن على بعد نحو 50 كيلومتراً عن ميناء الحُديدة، في موقع غني بالحياة البرية التي يمكن أن يدمرها أي تسرب.