كشفت الإعلامية التركية، هاندا فرات، التي كانت أحد الأسباب التي أفشلت الانقلاب بالبلاد في 15 يوليو/تموز 2016، عن تفاصيل جديدة حول المكالمة التي أجرتها في ذلك اليوم مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والتي كانت بمثابة نقطة تحوّل أدت إلى نزول الأتراك إلى الشوارع ومواجهة الانقلابيين.
اشتُهرت الصحفية هاندا على مستوى العالم بعد المكالمة التي نقلتها وسائل الإعلام ليلة الانقلاب، وبعد 7 أعوام على الانقلاب روت الصحفية كواليس جديدة عن الاتصال، في مقابلة أجرتها مع صحيفة "الشرق" القطرية، ونُشرت السبت، 15 يوليو/تموز 2023.
هاندا قالت إنه في ليلة الانقلاب توصلت إلى الرئيس أردوغان من خلال رئيس ديوان رئاسة الجمهورية حينها، حسن دوغان، والذي كان في ذلك الوقت بمدينة مرمريس مع أردوغان.
أشارت هاندا إلى أنه حينها كانت "هنالك مزاعم على وسائل التواصل الاجتماعي بأن الرئيس أردوغان قد هرب واختُطف وقتل، حالة من عدم اليقين الكامل حول سلامة الرئيس وعائلته، فاقترحت أن يتم الاتصال بنا على الهواء مباشرة، وأصررت على ذلك".
أوضحت الصحفية أن دوغان علم في ذلك الوقت أن هنالك محاولة لمنع وصول خطاب أردوغان إلى الشعب التركي، وأضافت أن دوغان ردّ على طلبها في البداية بأنه يجب أن يسأل الرئيس عن موضوع المكالمة الهاتفية.
هاندا قالت إن دقائق الانتظار التي عاشتها من أجل معرفة موقف أردوغان من المكالمة "مرت وكأنها دهر"، قبل أن يتم إخبارها بأن أردوغان أبدى موافقته.
أضافت هاندا: أخبرته بأنه يجب أن يكون الاتصال بالفيديو، وقال: "هل يوجد سكايب؟" فقلت: "كلا، سنتصل عبر برنامج FaceTime. لأنني أعلم أن صورة الرئيس مهمة والبيان الذي سيدلي به مهم، وكنا نقضي ليلة مخيفة حقاً في تلك اللحظة، بعد أن وافقوا على استخدام التطبيق تم الاتصال، وكان في الشاشة حسن دوغان وخلفه أردوغان".
في تلك اللحظة تقول هاندا إنها فكرت بشكل سريع، وأخرجت ميكروفون البث المباشر ووضعته أمام الهاتف لكي توصل صوت أردوغان بوضوح، وكانت حينها التغطية مستمرة من إسطنبول، وبدأت بالصراخ "يجب على إسطنبول أن تقطع بثها وتنقلنا، دع البث يستمر عبرنا".
أضافت هاندا: بدأ جميع الزملاء بالعمل بشكل سريع، واتصلوا بإسطنبول ليقولوا: قوموا ببث هاندا، وفي هذه الأثناء، قمنا بهذا البث من خلال تثبيت الهاتف أمام الكاميرات واستخدام ميكروفون استوديو البث المباشر".
زملاء هاندا أخبروها في تلك الأثناء بأن "القنوات الإخبارية حول العالم تنقل حوارك مع الرئيس في بث مباشر"، وقالت إنه "بفضل استجابة المواطنين لدعوات الرئيس استعادت الدولة زمام الأمور".
في المكالمة الهاتفية التي ظهر بها أردوغان، قال حينها: أريد من كل من يؤمن بالديمقراطية أن ينزل إلى الشارع، وأنا سأنزل للشارع، من خلال قوات الأمن سنرد بقوة، وأقول للجيش إن كل ضابط وكل جندي عليه أن يحترم الشرعية وعدم التعاون مع هؤلاء الخونة، إنني أحث الناس على الاحتشاد في الساحات والمطارات، دعونا نرى من سيكون قادراً على معارضة قوى الشعب، لا شيء أقوى من إرادة الشعب، نحن على قناعة بأننا قادرون على التعامل مع هذا الاستفزاز.
بعد إجراء المكالمة، تقول هاندا: "ذهبت إلى جهاز الكمبيوتر الخاص بي ظهر اليوم التالي، رأيت مئات الرسائل التي وصلتني عبر وسائل التواصل الاجتماعي من جميع أنحاء العالم، من اليونان وأوروبا وأمريكا، ولكن معظمها من العالم العربي، وكلها رسائل تهنئة؛ حيث أطلقوا على هذا الهاتف اسم هاتف الحرية".
كشفت هاندا أن رجل أعمال سعودي، وصحفي، ورجل أعمال آخر عرضوا مبلغ 250 ألف دولار مقابل الهاتف، ثم زاد العرض من أسماء أخرى، وقالت: "أخيراً اتصل بنا عدد من رجال الأعمال الأتراك، وقال أحدهم السيدة هاندا، رجاءً لا تقومي ببيع الهاتف للآخرين، سنشتريه ونقيمه وفقاً لذلك".
لكن الصحفية أبدت رفضها لجميع عروض البيع، وقالت: "قلتها دائماً وأقولها مرة أخرى هذا الهاتف ليس للبيع، قيمة هذا الهاتف ليست مادية، بل معنوية بالطبع".
تُعد المكالمة التي أجرتها هاندا مع أردوغان أحد أكثر الأحداث أهمية في الحديث عن الانقلاب بتركيا، وفي كل عام تحيي فيه تركيا ذكرى إفشال الانقلاب يعود الحديث مجدداً عن هذه المكالمة.
يُذكر أن تركيا شهدت في 15 يوليو/تموز 2016 محاولة انقلاب نفذتها عناصر محدودة من الجيش، تقول أنقرة إنهم تابعون لتنظيم "غولن"، المصنف على لوائح الإرهاب بالبلاد، وقوبل الانقلاب باحتجاجات شعبية عارمة في معظم المدن والولايات، ما أجبر الانقلابيين على سحب آلياتهم العسكرية من المدن، وأفشل مخططهم.