نيكول كيلي، مليونيرة أمريكية نشأت في أسرة فقيرة، انتحر والدها وهي في التاسعة من عمرها، وتعرّضت للاغتصاب وهي مراهقة. كل تلك المآسي كانت هي الحافز لخلق مستقبل يعوضها عما تعرّضت له.
بعد ارتقائها السلم الوظيفي بسرعة الصاروخ في إحدى الشركات، أسست عملها الخاص، الذي سرعان ما تعدت قيمته المليون دولار في أقل من عامين، ثم ألفت كتاباً وأصبحت متحدثة عامة. باختصار، أصبحت سيدة ناجحة بكل المقاييس والمعايير.
تقول نيكول: "كنت أبدو امرأة سعيدة، وكنت أظن أني سعيدة؛ فقد حققت كل ما خططت له. ولم يكن كافياً، فمهما حققت، ومهما نجحت فبداخلي ما يدفعني لأن أضع هدفاً آخر وأسعى لتحقيقه، ويمنعني من التوقف والرضا بما وصلت إليه أو الاستمتاع به.
وتضيف: "عندما أصبحت قيمة أعمالي مليون دولار، وضعت هدفاً لنفسي؛ وهو أن تتعدى قيمتها 10 ملايين. عندما أصبحت متحدثة معروفة في المحافل كما سعيت، وضعت لنفسي هدفاً جديداً؛ وهو أن أكون أكثر المتحدثين أجراً. عندما نُشر كتابي الأول، وضعت لنفسي هدفاً جديداً؛ هو أن يكون كتابي التالي في قائمة النيويورك تايمز للكتب الأكثر مبيعاً".
عمل، عمل، عمل، والمزيد من العمل، هكذا عاشت نيكول حياتها "الناجحة". وفي مارس/آذار 2014، أُصيبت بجلطة، وأخبرها الأطباء بأنها معرّضة للإصابة بالجلطات التي قد تؤدي إلى الوفاة أو الإعاقة بنسبة تفوق 60%. طالبوها بأن تهدئ إيقاع حياتها. كان الانهيار الجسماني لنيكول السبب في أن تخطو أولى خطواتها نحو السعادة كما قالت.
"وجدت نفسي في مفترق الطرق، وعليَّ أن أختار: إما السعادة وإما النجاح، لم يعد بإمكاني الجمع بينهما، فإما أن أكون ناجحة، وإما أكون سعيدة".
"قررت اختيار السعادة، كنت أعرف أن الرحلة شاقة، وأن عليَّ التخلي عن الكثير مما أنفقت عمري في جمعه، وما امتزج بي حتى صار جزءاً من كياني".
كان على نيكول أن تعيد اكتشاف ذاتها بلا إضافات، أن تعرف من هي بلا ألقاب ولا أدوار، أن تجد نفسها وتقبلها.
"كل دور يرغمني على أن أعيد تشكيلي لأكون أماً عظيمة، أو زوجة عظيمة، أو سيدة أعمال عظيمة، أو كاتبة عظيمة، أو متحدثة عظيمة، ولا تنتهي أبداً متطلبات أن أكون (عظيمة)، فهناك دائماً ما يمكن فعله لأكون أعظم!".
كان عليها التحرر من كل ما فقدت نفسها تعلقاً به؛ الثروة، النجاح، المنصب، حتى من تحبهم.
"انبهار الآخرين بنجاحي كان دليلي الزائف على أن ظروفي الصعبة لم تؤثر في كياني. الحقيقة أنها أثرت أثراً عميقاً، وكانت ستظل مؤثرة فيَّ إلى الأبد إن لم أواجه نفسي بالحقيقة. اكتشفت أني أحيا بقناع سميك، متظاهرة بما أود أن (أكونه)، بما أود أن يظنه الناس عني، ولم يكن ذلك أنا".
تركت نيكول إدارة شركتها، واكتفت بدور استشاري بسيط فيها، وانفصلت عن زوجها، معللة ذلك بأنه أحب فيها صورة أتقنت رسمها، لكنه لم يعرفها، وما بُني على باطل فهو باطل. كذلك، توقفت عن التدخل في حياة أبنائها وقررت منحهم حق التخطيط لمستقبلهم كما يرون.
اختارت نيكول أن تترك حلبة سباق اكتشفت أنها مَن اخترعه، ولم تكن مجبَرة على الاستمرار فيه!
"كل تجربة عشتها كانت بقرار مني. كل ما مررت به أوصلني حيث أنا الآن، السباقات لعبة بلا نهاية، فهناك دائماً سباق آخر وهدف آخر يشدنا لنواصل الجري، فمتى نفوز؟!".
هناك دائماً المزيد لنسعى لتحقيقه، لنسعى لامتلاكه، وكلما زادت الفجوة بين ما نملكه وما نطمح إلى امتلاكه، زاد الجهد المطلوب لنحققه. الامتلاك لا يضمن لنا السعادة. تحقيق هدف وراء هدف لا يكفي إذا كان العمر يتسرب من بين أيدينا دون أن نحياه. وجدت نيكول السعادة عندما توقفت عن الجري والبحث عنها.
في طريق النجاح، لا تنسَ أن تحيا سعيداً؛ فهي حياة واحدة تنتهي في لحظة!
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.