دبابة خارقة سوف تكون قادرة على تدمير أحدث الدبابات العاملة حالياً، وستطلق طائرات مسيَّرة، وأسلحة الطاقة المدمرة والليرز بل صواريخ فرط صوتية أيضاً، هكذا يوصف مشروع الدبابة الألمانية الفرنسية المشتركة، التي يتفاوض البلدان حول خطة تطويرها.
ويهدف المشروع إلى بناء دبابة أوروبية حديثة للغاية، والتي ستكون مزودة بأنظمة روبوتية وقادرة على إطلاق طائرات مسيرة، حسبما ورد في تقرير لموقع gagadget.
اكتسب المشروع المقترح دفعة جديدة مؤخراً بعد اجتماع بين وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس ونظيره الفرنسي سيباستيان ليكورنو في برلين. ووعد وزير الدفاع الألماني بأنه سيكون هناك المزيد من مثل هذه الاجتماعات في المستقبل بشأن المشروع.
سيتم تطوير الدبابة في إطار برنامج نظام القتال الأرضي الرئيسي (MGCS) الحالي، وتم الإعلان عن مشروع الدبابة الأوروبية منذ ست سنوات، لكنه لم يتلقَّ الكثير من التطوير.
لماذا يمثل المشروع أهمية كبيرة للبلدين؟
لا يزال من الضروري لفرنسا وألمانيا البدء في التخطيط لاستبدال دبابات البلدين الحالية.
لدى ألمانيا الدبابة ليوبارد 2 التي تعد من أفضل الدبابات في العالم، خاصة من حيث التدريع وقوة المدفع، وهي الدبابة التي قدمت من قِبل عدة دول أوروبية لأوكرانيا لتنفيذ هجومها المضاد الذي ما زال يعاني من التباطؤ ومحاولة اختراقات الدفاعات الروسية الحصينة.
ولدى فرنسا الدبابة لوكليرك التي لم يتم بيعها لأي مشترٍ أجنبي سوى الإمارات، ولا تحظى بنفس شهرة ليوبارد 2 في قوة المدفع والتدريع، ولكنها توصف بأنها سريعة.
يحتاج البلدان إلى استبدال هاتين الدباباتين في 2030 (ينطبق الأمر نفسه على العديد من مستخدمي Leopard 2 في أوروبا والعالم)، خاصة أن شبح تقادمهما يلوح في الأفق.
ظهرت الدبابة الفرنسية Leclerc لأول مرة مع القوات المسلحة الفرنسية في أوائل التسعينيات، أما الدبابة الألمانية Leopard 2، فهي تعود لأواخر السبعينيات وهي في الأساس تطوير كبير وإعادة تصميم للدبابة Leopard 1 التي تعود للستينيات.
كما تواجه دبابات ليوبادر الألمانية تحديداً منافسة قوية من الدبابة الكورية الأحدث بلاك بانثر k2 (الفهد الأسود)، خاصة في الأسواق الأوروبية.
مشروع الدبابة الألمانية الفرنسية المشتركة يعود لسنوات مضت
يعود المشروع لعدة سنوات مضت، فنظام القتال الرئيسي (MGCS) هو مشروع أطلقته ألمانيا وفرنسا في عام 2017.
وفي عام 2018، اتفق البلدان على تطوير دبابة قتال رئيسية تحمل تكنولوجيا الجيل التالي، بحيث تشكل نقلة نوعية في كل من القدرات الهجومية والدفاعية، بشكل مشترك، مع تولي الحكومة الألمانية القيادة السياسية للمشروع.
فالبرنامج تلعب فيه ألمانيا الدور الأكبر بسبب شهرتها في صناعة الدبابات عكس مشروع مقاتلة الجيل السادس الشبحية المشترك بين البلدين مع إسبانيا الذي ستلعب فيه باريس الدور القيادي.
المشروع يتم تطويره وتصنيعه من قِبل شركة KNDS الألمانية، وشركة الدفاع الفرنسية Nexter Systems) وشركة Rheinmetall الألمانية المشهورة بمدافع الدبابات، التي انضمت إلى المشروع في عام 2019.
ولم تمر إضافة الشركة الأخيرة إلى برنامج MGCS دون توترات بين باريس وبرلين؛ لأنه يعني أن الثقل الرئيسي لعملية تطوير وإنتاج هذه الدبابة سيكون لألمانيا، بينما الاتفاق كان في البداية على أنه سيتم تقاسم الأبحاث والإنتاج الصناعي بالتساوي بين البلدين.
في النهاية، تم التوصل إلى اتفاق يقضي بأن يعطى كل ثلث من عمليات التطوير لكل من Nexter و KMW و Rheinmetall على حدة، أي الثلثان للشركتين الألمانيتين، مع ضمان أن تقوم شركة Nexter بتصنيع 50٪ من الأنظمة، بينما تتم مشاركة النصف المتبقي بين المقاولين الألمان، ومن المتوقع أن تخرج أول وحدة إنتاج من خط التجميع في عام 2035.
هل تستعيد الدبابة الألمانية الفرنسية مجد المدرعات القديم؟
يعكس قرار تطوير MGCS حقيقة أن التهديدات في ساحة المعركة حتى لأثقل دبابات القتال الرئيسية مثل ليوبارد 2 آخذة في الازدياد.
من هذه التهديدات أسلحة مضادة للدبابات أكثر تطوراً، ومدفعية دقيقة بعيدة المدى، وطائرات مسيَّرة مسلحة مثل البيرقدار التركية التي اصطادت عدداً كبيراً من الدبابات الروسية في المراحل الأولى لحرب أوكرانيا، إضافة لذخائر برؤوس حربية ذات شحنة مشكّلة ومزدجة للتغلب على أنظمة الحماية الخاصة بالدبابات.
كما أن طائرات استطلاع بدون طيار غير مسلحة تحلق في الأفق لتساعد العديد من أنواع الأسلحة في استهداف التشكيلات المدرعة، ما جعل الدبابات تواجه محنة حقيقية في حرب القوقاز بين أرمينيا وأذربيجان، ثم الآن في حرب أوكرانيا.
وحتى دبابات ليوبارد يتحدث الروس عن أنهم دمروا عدداً منها خلال الحرب مع بدء الهجوم الأوكراني المضاد..
كما أن التحسينات في دروع المركبات والأنظمة الدفاعية تهدد بتقويض فاعلية الدبابات في الخطوط الأمامية ضد الدبابات الخاصة بالعدو.
ويعتقد أن عائلات دبابات Leopard 2 الألمانية و Leclerc والفرنسية الحالية لديها أسلحة وقدرات مرتفعة للغاية، ولكنها وصلت إلى نهاية إمكانات نموها، وتحتاج إلى استبدالها بتصميمات جديدة، حسبما ورد في تقرير لموقع European Security & Defence.
إنها مركز قيادة متنقل
لن يطلق مشروع الدبابة الألمانية الفرنسية المشتركة المعروفة باسم MGCS مركبة واحدة، بل تم تصميم المشروع كنظام للأنظمة المبنية حول مركبة قتالية ثقيلة مأهولة، على أن يكون منها عدة نسخ مختلفة القدرات والوظائف وبالتالي الأسلحة والمعدات.
سيتم ربط الدبابة الألمانية الفرنسية المشتركة بالشبكات مع منصات خارجية تتميز بمجموعة متنوعة من القدرات. من المرجح أن يشمل المشروع إنتاج مركبات أرضية، مأهولة وغير مأهولة مرافقة، وسوف تتحكم الدبابة في طائرات مسيرة توظفها لصالحها.
وبالإضافة إلى كونها مركبة قتالية مدججة بالسلاح، فإن الدبابة الألمانية الفرنسية المشتركة يفترض أن تعمل "كمركز قيادة" للأنظمة الطرفية المختلفة.
هذا العامل وحده يؤكد مكانة MGCS باعتبارها تطوراً ثورياً في الحرب المدرعة.
ستكون لديها قدرات جديدة
لعقود من الزمان، تم تحديد القوة التراكمية لدبابات القتال الرئيسية من خلال ثالوث من الخصائص: القوة النارية، والحماية، وسرعة التنقل.
لكن يقول الخبراء، إن الظروف المتغيرة في ساحة المعركة تتطلب بناء الدبابات الحديثة بناء على قدرات جديدة، إضافة للثالوث السابق مثل القدرة على البقاء، والمراقبة والكشف والتعرف وتحديد الهوية، بالإضافة إلى الاستهداف.
لم يعد من الممكن تحقيق حزمة القدرات هذه بواسطة مركبة واحدة، ولا يمكن أن تحمل دبابة واحدة جميع الأنظمة والأسلحة المطلوبة. ستكون هناك حاجة إلى منصات متعددة تعمل في تناغم من أجل ضمان قوة الفريق ككل واستمراره.
ستتحمل المنصات الأرضية والجوية المرافقة أو التابعة للدبابات، والمجهزة بأجهزة استشعار ومؤثرات متخصصة، جزءاً من عبء العمل تحت سيطرة مباشرة أو غير مباشرة للمركبة المركزية.
محرك هجين
ستتميز الدبابة الأساسية MGCS بنظام دفع هجين، بالإضافة إلى كونه صديقاً للبيئة في زمن السلم، قد يكون لهذا المحرك مزايا تشغيلية بما في ذلك قدرة على استخدام أنواع مختلفة من مصادر الطاقة، ومدى تشغيلي أكبر، والبصمة الصوتية والحرارية المنخفضة، وقدرة العمل أحياناً بالمحرك الكهربائي الصامت وقت الحاجة، ما يسمح للمركبة بالاحتفاظ بأسلحتها الرئيسية ومهمتها أنظمة تعمل بالطاقة دون تشغيل المحرك الرئيسي أو التحرك لمسافة محدودة بهذا المحرك وهو الأمر المفيد في عمليات التسلل.
ستكون إدارة الوزن عاملاً أساسياً آخر. لقد أضيف للدبابات الحالية أوزان مع كل تطوير جديد وكل مكون جديد. يؤثر هذا في النهاية على قابلية النقل والسرعة والتنقل، بما في ذلك القدرة على عبور الجسور أو المناورة في التضاريس الحضرية.
يزيد الوزن المرتفع أيضاً من استهلاك الوقود، ويؤثر سلباً على مدى الدبابة، وعادة ما يؤدي إلى تآكل أكبر لمجموعة الدفع ومعدات التشغيل، ما يؤدي إلى انخفاض الموثوقية ويتطلب مزيداً من الصيانة.
يتم النظر في تدابير مختلفة للحد من وزن الدبابة اللألمانية الفرنسية المشتركة، بما في ذلك: تقليل حجم الطاقم باستخدام برج يتسع لشخصين أو حتى برج بدون قائد، أو استخدام دروع مركبة أخف، واعتماد أكبر على الحماية النشطة (أنشطة تدمر القذائف والصواريخ الموجهة) بدلاً من الحماية السلبية (الدروع).
في هذا السياق، اقترحت شركة Nexter برنامجاً للحماية النشطة، الذي تعمل على تطويره بالاشتراك مع مجموعة تاليس الفرنسية.
ثلاث دبابات وليست واحدة فقط
تتضمن المفاهيم الإضافية إمكانية استخدام هيكل الدبابة الرئيسي أيضاً كأساس لمتغيرات المركبات الداعمة. على سبيل المثال، نشرت وزارة الدفاع الألمانية رسماً نظرياً بحتاً، يصور ثلاث مركبات تعتمد على نفس الهيكل.
وسيتم تركيب معدات مختلفة لكل مركبة: الأولى مركبة قيادة وتحكم مأهولة (C2) مزودة بمدفع رئيسي من العيار الكبير، والثانية مركبة مأهولة مع قاذفة مثبتة على برج للقذائف الموجهة التي تفوق سرعة الصوت والتي قد تكون فرط صوتية، والثالثة مركبة دعم بدون قائد مزودة بليزر عالي الطاقة ونظام مضاد للطائرات بدون طيار (C-UAV)، وأجهزة استشعار والعديد من الطائرات بدون طيار محمولة على متن الدبابة.
يشير الرسم إلى أنه يمكن إضافة قدرة مأهولة اختيارياً للدبابة الرئيسية والدبابة الحاملة للصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت على المدى الطويل، ومع ذلك أكدت كل من فرنسا وألمانيا أن نشر الأسلحة الثقيلة مثل الدبابات سيتطلب دائماً وجود "إنسان".
إليك إمكانيات النموذج الأولي
كانت إحدى الخطوات الأولى على الطريق إلى MGCS عبارة عن عرض تقني، أطلق على النموذج اسم دبابة القتال الرئيسية الأوروبية (أو بدلاً من ذلك أطلق عليها الفرنسيون اسم دبابة القتال الرئيسية المحسنة)، وظهرت لأول مرة في عام 2018 في معرض تجاري عسكري في باريس.
التصميم الفريد من نوعه جرى فيه دمج الدبابات الألمانية والفرنسية الموجودة بالفعل عبر الجمع بين برج Leclerc الفرنسية مع هيكل ليوبارد 2 الألمانية، حسبما ورد في تقرير لمجلة the National Interest الأمريكية.
كان الأساس المنطقي وراء الهجين الفرنسي الألماني ذا شقين: أولاً، أنه أظهر إمكانات التعاون الفرنسي الألماني في مجال الدفاع، والذي واجه مشكلات لأسباب تاريخية. كانت الميزة الأخرى هي استكشاف إمكانيات استخدام الأجزاء والمكونات الجاهزة لمعرفة ما هو ممكن تضمينه في الدبابة الحديثة. يمكن القول إن تصميمهم أفضل من ليوبادر 2 أو Leclerc على حدة، فهو أخف بحوالي 6 أطنان منهما.
مدفعها سيمثل نقلة في قدرات الدبابات
أحد شروط المشروع أن تزود الدبابة الألمانية الفرنسية المشتركة بمدفع رئيسي أقوى من مدافع الدبابات الموجودة حالياً لدى البلدين.
معظم الدبابات، بما في ذلك كل دبابة تقريباً لدى حلف الناتو تستخدم أنواعاً من مدفع Rheinmetall's Rh-120 L / 55 120 ملم التابع لشركة راينميتال الألمانية، (لدى بعض الدبابات الروسية والصينية عيارات مدافع تصل لـ125 ملم، وغالباً يؤدي ذلك لتقليل عدد الذخائر المخزنة بالدبابة).
اقترحت Nexter الفرنسية استخدام المدفع ASCALON المطور حديثاً والذي يمكن تحميله بالذخائر آلياً باعتباره المدفع الرئيسي للدبابة، يمكن أن يصل قطر هذا المدفع إلى 140 ملم مع مجموعة واسعة من الذخائر ويمكّن المشغلين من الاختيار بين معدلات قصف متنوعة.
سيتم تعزيز مدى القذيفة والاختراق لهزيمة الدروع التفاعلية والتقنيات الدفاعية الأخرى. وفقاً لـ Nexter، سيستوعب هذا المدفع أيضاً ذخائر الدبابات الذكية المستقبلية القادرة على الاشتباك مع أهداف في نطاقات أبعد من خط البصر.
تتوقع الشركة أن الحلول التقنية التي يعتمد عليها ASCALON ستكون ناضجة تماماً بحلول عام 2025.
وتدافع شركة رينميتال الألمانية عن مدفعها الأملس ذي عيار 130 ملم Rh-130 L / 52، والذي يعد أيضاً بتحسين كبير في معدل إطلاق النار والمدى والاختراق بشكل أفضل من الدبابات الحالية.
يزن المدفع حوالي 300 كيلوغرام أكثر من مدفع رينميتال السابقة عيار 120 ملم.
تزايد عيار الذخيرة في الدبابة الألمانية الفرنسية المقترحة بمثابة نقلة من حيث إمكانات الاختراق والمدى.
يبقى أن نرى كيف سيبدو التصميم الفرنسي الألماني النهائي. يجب افتراض أنه سيكون لديه حزمة حماية محسّنة للدروع وقدرة أعلى على الحركة. إحدى الميزات التي يمكن افتراضها هي المدفع الرئيسي الأكبر حجماً الألماني المقترح بقطر 130 ملم – والذي قد يجعل هذه الدبابة أقوى الدبابات في العالم.
أسلحة طاقة وليزر وقذائف فرط صوتية
في مرحلة ما من المتوقع أن تشتمل ترسانة فريق MGCS على سلاح طاقة موجه (DEW) سلاح فرط صوتي موجه. تمت مناقشة هذا الأخير كسلاح محتمل مضاد للدبابات في وقت مبكر من عام 2019، مع تصور للقذيفة التي تفوق سرعة الصوت كوسيلة للتغلب على الدروع التفاعلية.
من المحتمل أيضاً استخدام أسلحة نيران غير مباشرة، على الأقل في شكل ذخائر تسكع تطلق من قاذفات محمولة على الدبابة.
تشمل الإضافات المحتملة الأخرى الليزر عالي الطاقة (HEL)، والمدافع الرشاشة أو المدافع الأوتوماتيكية لاستخدامها، ومن المحتمل أيضاً وجود مجموعة حرب إلكترونية.
يخطط المصممون أن يكون لدى الدبابة الألمانية الفرنسية المشترك القدرة على الوصول إلى مجموعة واسعة من أجهزة الاستشعار الموزعة خارج الدبابة لخلق مستوى عالٍ من الوعي الظرفي والحصول على بيانات الاستهداف بدقة.
هل تخرج هذه الدبابة للنور؟
ولكن هل خروج هذه الدبابة للنور أمر مضمون.
يقول موقع European Security & Defence: "أظهر التاريخ أن التحديات التكنولوجية غير المتوقعة، فضلاً عن الاعتبارات السياسية، يمكن أن تمنع برامج تطوير الأسلحة الرئيسية من الاكتمال في الموعد المحدد".
وتكون هذه المخاطر عالية بشكل خاص عندما يعتمد مشروع التطوير على تقنيات جديدة لم تكن ناضجة تماماً عند بدء المشروع.
في أحسن الأحوال، يمكن أن تؤخر مثل هذه العقبات استكمال برنامج التطوير؛ في أسوأ الأحوال، يمكن إنهاء البرنامج عندما يصبح من الواضح أن التقنية الرئيسية المنتظرة لا يمكن أن تنضج في غضون إطار زمني مقبول.