أطلقت كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً عابراً للقارات يوم الأربعاء، 12 يوليو/تموز 2023، بعد أيام فقط من تهديد بيونغ يانغ بإسقاط طائرات استطلاع عسكرية أمريكية تحلق فوق المياه القريبة منها.
يأتي الإطلاق بعد عدة اختبارات أخرى حديثة للصواريخ الباليستية العابرة للقارات لكوريا الشمالية، ما أثار قلقاً بين المراقبين والخبراء الدوليين كما تقول شبكة CNN الأمريكية، حيث تكثف الدولة المعزولة جهودها لتطوير أسلحة قادرة على ضرب المدن الأمريكية الكبرى.
إلى أين وصلت كوريا الشمالية في برنامجها المكثف للصواريخ الباليستية العابرة للقارات؟
اختبرت بيونغ يانغ صاروخ هواسونغ-17، في مارس/آذار، وصاروخ هواسونغ-18 الأقوى، في أبريل/نيسان، الذي قال الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون عنه في ذلك الوقت إنه سيوفر للبلاد "وسائل هجوم استراتيجية قوية" ويعزز قدراتها النووية.
بحسب CNN لم يتضح بعد نوع الصاروخ الذي جرى عليه الاختبار يوم الأربعاء. حلقت الصواريخ الباليستية العابرة للقارات على بعد ألف كيلومتر، وظلت في الجو لمدة 74 دقيقة، وفقاً لوزارة الدفاع اليابانية، ويمثل هذا تقدماً هامشياً في الصواريخ الباليستية التي اختبرتها كوريا الشمالية في وقت سابق من هذا العام.
وإليك ما نعرفه عن الصواريخ الباليستية العابرة للقارات الموجودة في ترسانة كوريا الشمالية.
صواريخ الوقود السائل والصلب
صاروخ هواسونغ -17 هو صاروخ باليستي عابر للقارات، يعمل بالوقود السائل وكُشِفَ النقاب عنه في عام 2022، عندما أجرت كوريا الشمالية أول تجربة صاروخية بعيدة المدى منذ أكثر من أربع سنوات.
وفي الوقت نفسه، فإن صاروخ هواسونغ -18 هو صاروخ يعمل بالوقود الصلب، وفقاً لبيونغ يانغ، ما يجعله أكثر تقدماً بكثير، وسيسمح لكوريا الشمالية بشن ضربات نووية بعيدة المدى بسرعة أكبر.
ويقول الخبراء إن الصواريخ الباليستية العابرة للقارات التي تعمل بالوقود الصلب أكثر استقراراً، ويمكن نقلها بسهولة أكبر لتجنب اكتشافها قبل الإطلاق الذي يمكن البدء فيه في غضون دقائق، وذلك مقارنةً بالصواريخ التي تعمل بالوقود السائل، والتي قد تحتاج إلى ساعات قبل الإطلاق، ما يتيح وقتاً للأعداء لاكتشاف الصاروخ وتحييده.
ويقول الخبراء أيضاً إن انتقال كوريا الشمالية من صاروخ هواسونغ-17، العام الماضي، إلى هواسونغ-18 هذا العام، يشير إلى أن برنامجها الصاروخي يحرز تقدماً، ما يعكس هدف كيم المتمثل في مطابقة القدرات العسكرية لدول أخرى مثل الولايات المتحدة أو الدول الأوروبية.
هل تستطيع هذه الصواريخ حمل رؤوس نووية؟
يمكن للصواريخ الباليستية العابرة للقارات، من الناحية النظرية على الأقل، وضع البر الرئيسي للولايات المتحدة بالكامل في نطاق رأس نووي كوري شمالي، لكن هناك الكثير من الأمور المجهولة حول قدرة الصاروخ على إيصال حمولة نووية إلى الهدف.
أظهرت الاختبارات السابقة المدى المحتمل لصواريخ كوريا الشمالية، إذ اجتازت الاختبارات في مارس/آذار وأبريل/نيسان كلها حوالي ألف كيلومتر. وقد قطع اختبار هواسونغ-17، العام الماضي، 1090 كيلومتراً، واستمر 68 دقيقة قبل السقوط في البحر.
قطع الصاروخ مدة 47 دقيقة، وهي مدة أطول بدقائق من تلك التي اختُبِرَت في مارس/آذار وأبريل/نيسان.
ليس من الواضح نوع الحمولات التي ضُمِّنَت في هذه الاختبارات، ويؤثر وزن الحمولة على المدى الذي يمكن أن يحلق فيه الصاروخ، لذلك بدون هذه المعلومات لا يمكن للمراقبين معرفة المدى الفعلي للصاروخ على وجه اليقين.
سؤال آخر هو ما إذا كان رأس حربي نووي كوري شمالي يمكنه البقاء عند عودته إلى الغلاف الجوي للأرض. تُطلَق الصواريخ الباليستية العابرة للقارات في الفضاء، حيث تسرع خارج الغلاف الجوي قبل أن تخضع حمولاتها لعملية إعادة دخول نارية، مثل مكوك الفضاء أو كبسولة الفضاء، قبل أن تسقط على أهدافها.
إذا لم تُنفَّذ عملية إعادة الدخول إلى الغلاف الجوي بدقة بالغة، وباستخدام مواد يمكنها تحمل الحرارة الهائلة المتولدة، فسوف يحترق الرأس الحربي قبل الوصول إلى هدفه. ويمكن للزاوية التي يعيد فيها الرأس الحربي الدخول إلى الغلاف الجوي أن تجعل العملية أصعب.
ما التالي في برنامج الصواريخ لكوريا الشمالية؟
وضع كيم خطةً لمنح كوريا الشمالية رادعاً نووياً موثوقاً به، ما يعني وجود ترسانة أسلحة قوية بما يكفي لمنع أي خصم، وعلى الأخص الولايات المتحدة، من الهجوم.
قال الخبراء إن الزعيم الكوري الشمالي وضع قائمةً طويلة من تحديثات الأسلحة في السنوات الأخيرة، بما يتضمن الصواريخ الباليستية العابرة للقارات من ضمن عناصر أخرى. قد تشمل الأهداف الأخرى إطلاق قمر صناعي عسكري، أو وضع غواصة تعمل بالطاقة النووية في البحر.
وفي وقتٍ سابق، أعلنت كوريا الشمالية خططاً لتعزيز دقة صواريخها وزيادة مدى يصل إلى 15 ألف كيلومتر.
برزت هذه الطموحات العام الماضي، عندما عزّز كيم بشكل كبير وتيرة وكثافة اختبارات الأسلحة، والتي تراجعت قليلاً هذا العام، لكنها لا تزال عند مستويات أعلى بكثير مما كانت عليه في السنوات الماضية.
أطلقت كوريا الشمالية صواريخ في عام 2022 أكثر من أي عام آخر مسجل، وقد أطلقت في يوم واحد من ذلك العام 23 صاروخاً.
كيف ردّت الولايات المتحدة وحلفاؤها على تجارب كوريا الشمالية الصاروخية؟
أثار اختبار يوم الأربعاء إدانة من دولٍ مجاورة. قال رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول، الذي يشارك حالياً في قمة الناتو في ليتوانيا، إنه سيدعو إلى "تضامن دولي قوي" بين أعضاء الكتلة رداً على الاختبار.
والتقى مسؤولون أمريكيون وكوريون جنوبيون بعد فترة وجيزة من الاختبار لتبادل المعلومات، وفقاً لهيئة الأركان المشتركة لكوريا الجنوبية، ويقوم كلا البلدين بتحليل الاختبار.
وقال رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، متحدثاً على هامش قمة الناتو، إن إطلاق الصاروخ "غير مقبول"، ويشكل تهديداً للاستقرار الإقليمي والمجتمع الدولي.