قال موقع Business Insider الأمريكي في تقرير نشره الجمعة 7 يوليو/تموز 2023، إن الجيش الأمريكي يريد نوعاً من الذكاء الاصطناعي قادراً على التنبؤ بما سوف يفعله العدو قبل دقائق من اتخاذه خطوة لتنفيذ هذا الفعل العدائي، وذلك من خلال نظامٍ يحلل بسرعة كميات ضخمة من البيانات -أكثر بكثير مما يستطيع البشر استيعابه- للتنبؤ بأفعال العدو، والتحديث المستمر لهذا التنبؤ في ظل تغيير الأعداء تكتيكاتهم.
يحمل المشروع المقترح الذي تريد أمريكا تحقيقه، اسم "التنبؤ بالتهديد في الوقت الآني"، ويطلب "تصوراً تنبئياً آنياً مستمراً، حول الطريقة التي قد يتطور بها موقف التهديد خلال مدة تتراوح ما بين الدقائق والساعات القليلة القادمة"، وذلك وفقاً لطلب معلومات حديث يسعى وراء مدخلات الصناعة.
استخدام الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بالمخاطر
من شبه المؤكد أن يعتمد النظام على الذكاء الاصطناعي. وتأتي من بين المتطلبات الأخرى "القدرة على إدارة برمجيات ملائمة على حاسوب مكتبي عادي والاستفادة من الذكاء الاصطناعي الناشئ أو تقنيات تعلم الآلة، أو كليهما معاً".
تدفع هذا المشروع المخاوفُ من أن المحلليين الاستخباراتيين البشر، الذين يُتوقع منهم أن يقيِّموا نشاط الأعداء ويتنبأوا بمسارات تحركاتهم، لن يكونوا قادرين على مواكبة التعقيدات المتزايدة المشهودة في ساحات الحروب.
إذ يتوقع الجيش أن تكون أرض المعارك "مفرطة النشاط" وتأزُّ بـ"الأنظمة الروبوتية ذاتية القيادة، والذخيرة المتسكعة الذكية، وآلاف الكيانات شبه المستقلة، ودفاعات النقاط قصيرة المدى، وأساليب الخداع المعتمدة على الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، وشبكات الاستخبارات ذاتية التنظيم"، وذلك وفقاً لطلب المعلومات.
سوف يتوجب على الجيش الحرص على التكيف من أجل أن ينجو. ويشير طلب المعلومات إلى حرب ناغورنو- قره باغ التي وقعت في عام 2020، والتي دُمرت خلالها الدبابات والمدفعية الأرمينية التي تعود إلى العصر السوفييتي عن طريق الطائرات المسيرة الأذربيجانية التي صُنعت في تركيا وإسرائيل، وأيضاً إلى حرب أوكرانيا، التي شهدت تطوراً مستمراً على صعيد تكنولوجيا المسيرات وتكتيكاتها.
على سبيل المثال، تسببت النجاحات التي حققتها الأنظمة الأوكرانية المضادة للمسيرات في دفع روسيا لتجنب هذه الدفاعات، عن طريق إرسال مجموعات كبيرة مركزة من المسيرات الانتحارية (كاميكازي) نحو الأهداف التي تقع في المناطق الخلفية في أوكرانيا التي لا تحظى بدفاعات كبيرة. وردت أوكرانيا بفرق متنقلة مضادة للمسيرات، لتعقب واعتراض هذه النوعية من المسيرات.
يعني هذا أن الجيش الأمريكي لم يعد قادراً على الاعتماد على التزام العدو بنفس قواعد اللعب. يقول طلب الحصول على المعلومات الذي تقدم به الجيش إن الاستخبارات العسكرية لا تستطيع "أن تفترض عدواً يمكن نمذجة سلوكه عبر قالب عقائدي".
تعدد المهام يعيق عمل ضباط الاستخبارات
في الوقت ذاته، تنهال على ضباط الاستخبارات العسكرية معلومات استخباراتية من جميع أنحاء العالم، التي تُجمع من جميع المجالات باستخدام المستشعرات الجوية والبرية والبحرية والفضائية، بالإضافة إلى الموارد البشرية. وتوجد بالفعل صور جُمعت عن طريق المسيرات أكثر بكثير من الوقت المتاح لدى المحللين وقوة تحملهم، مما يَحول دون التنقل بين هذه الصور وتحليلها بدون اللجوء إلى مساعدة الذكاء الاصطناعي.
في تحذيرٍ وَرَد بتقريرٍ حول مستقبل الاستخبارات العسكرية أعده المعهد الملكي البريطاني للخدمات المتحدة ويعود إلى عام 2021، قال المعهد: "ببساطة ليست هناك قدرة كافية على الاضطلاع بمجموعة كبيرة من المهام التي صارت حاسمة بالنسبة للطريقة التي تعمل بها الجيوش الآن".
ومن المثير للاهتمام أن الجيش الأمريكي يرى أن تكنولوجيا ألعاب الفيديو تحمل أهمية بالنسبة لهذا النظام التنبئي. إذ إن ألعاب الفيديو التجارية تكون أسهل من حيث الاستخدام. بحسب ما ورد في طلب الحصول على المعلومات، تستغرق الواجهات التي تطورها وزارة الدفاع أشهراً في كثير من الأحيان من أجل تعلمها، في حين أن مجتمع ألعاب الفيديو قادر على استيعاب لعبة جديدة في المعتاد في غضون ساعات أو أيام.