برّأت محكمة إسرائيلية، الخميس 6 يوليو/تموز 2023، شرطياً قتل بالرصاص الفلسطيني إياد الحلاق المصاب بالتوحد عام 2020، وقضت بأن الضحية قُتل بالخطأ للاشتباه في أنه مسلح في ظل ظروف ناشئة عن "ضغط استثنائي" في إطار محاولة تأمين القدس.
وكان الفلسطيني إياد الحلاق (32 عاماً)، في طريقه لمدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة عندما طاردته شرطة الاحتلال وقتلته، في حادث أثار احتجاجات وإدانات على نطاق واسع.
وقدَّم الادعاء ملفاً عام 2021 في محكمة بالقدس المحتلة يتضمن اتهامات للشرطي بالقتل الناجم عن إهمال، ووُصف الشرطي في لائحة الاتهام، بأنه مجند مبتدئ في قوات حرس الحدود، التي تعتمد بشكل كبير على المجندين.
"تكتيكات قاسية"
بدورها، عبرت القاضية ميريام لومب عن تعاطفها مع أسرة الضحية في أثناء تبرئتها للمتهم على أساس ما وصفته بأنه خطأ وقع فيه الشرطي في تحديد هوية "الحلاق" واعتباره يمثل تهديداً بعد أن انضم إلى شرطي آخر كان يلاحق إياد الحلاق بالفعل.
وجاء في الحكم المؤلف من 70 صفحة: "لا تجاهل لأن العمل العسكري يتميز بضغط استثنائي.. شعور بعدم اليقين يحيط بكل مسرح عمليات عندما يقع حدث تلو آخر".
ولطالما شجب الفلسطينيون "التكتيكات القاسية" التي تتبعها الشرطة والقوات الإسرائيلية في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلة.
"القاتل سياح نياح"
في السياق، قالت رنا والدة إياد الحلاق، إن ما حدث "ظُلم.. ظلمات، ابني مرمي بالتراب والقاتل سياح نياح (ينعم بالحرية) مُكَيِّف يشمِّمُه هوا (في غرف مكيفة الهواء). هذا هو الظلم بعينه".
أضافت: "ابني وقع عليه ظلم بشكل رهيب.. ما يغركمش انتوا بتفكروا بس ابني.. لا العيلة (العائلة بالكامل) وقع عليها ظلم كبير. إحنا إياد مكنش معيشنا بس. (إياد) كان له أجواء خاصة بحياتنا. كان عامل جو.. حركة ها الدار ماتت".
وخرجت والدة إياد من قاعة المحكمة وهي تبكي، وبدت عليها الصدمة من القرار، وقالت لصحفيين عن ابنها: "كان بسيطاً وهادئاً وعاقلاً لا يتدخل بالسياسة".
وأردفت: "أنا دائماً بذكراه، لقد وضعوني في حفرة عميقة ويعتقدون أنه مع مرور الأيام من الممكن أن أنساه، ولكن لا، فأنا ازداد اشتياقاً له مع مرور الأيام.. لربنا حُكم آخر، وأنا أملي بربنا كبير".
بينما قال والده خيري الحلاق، إنه يأمل تقديم استئناف لمحكمة أعلى درجة، وأضاف: "أنا رأيي أنه نطلع لمحكمة عليا نشوف إشي يعني هذا (ما معنى هذا)؟ يعني كيف بدي أقول لك. أول ما الجندي قتل إياد اعترفوا أنه الجندي قاتل".
وأضاف: "(رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو طلع ع التلفزيون وتأسف. وزير الشرطة برضه (أيضاً) تأسف كثير. يعني طلعوا حكوا معانا تأسفوا للحالة، وبعد ثلاث سنين وشهرين قاعدة القاضية طلعته براءة!".
"لم تكن محكمةً، وإنما مسرحية"
في سياق متصل، قال محامي العائلة خالد زبارقة، لـ"الأناضول": "لم تكن محكمةً اليوم، وإنما مسرحية واضحة، فقد ظنت السلطات الإسرائيلية أنه مع الوقت ستنسى العائلة شهيدها، ولكن العائلة كانت على مدار الثلاث سنوات تتابع كل الجلسات في المحكمة".
وأضاف أن "المحكمة برأت القاتل بادعاء حق الدفاع عن النفس، وهذا ليس قراراً قانونياً وإنما يعطي الشرعية لممارسة الجرائم بحق الشعب الفلسطيني.. بعد أن وقع إياد على الأرض إثر إصابته برصاصة، أطلق الشرطي رصاصتين وأرداه قتيلاً".
وبشأن الخطوة التالية، قال زبارقة: "بما أن الذي يدير الملف باسم الحق العام هو سلطة التحقيقات مع الشرطة، فإن عليهم أن يقدموا استئنافاً على هذا القرار إلى المحكمة العليا".
فلسطين تندد بالقرار
من جانب آخر، قالت وزارة العدل الإسرائيلية، التي تشرف على تحقيقات الشرطة، إنها ستتخذ قرارها بشأن المضي قدماً بعد دراسة الحكم.
في المقابل، نددت وزارة الخارجية الفلسطينية بالحكم، وقالت في بيان: "ما يُسمى بالمحاكم ومنظومة القضاء في إسرائيل جزء لا يتجزأ من منظومة الاحتلال نفسه".
وتقول شرطة الاحتلال إن أفرادها يستخدمون القوة أو يطلقون النار فقط عند الضرورة، وإنهم اشتبهوا في أن الحلاق يحمل سلاحاً، مضيفةً أنه "لم يستجب للتحذيرات التي طلبت منه التوقف باللغتين العبرية والعربية"، وكانت على وجهه كمامة للوقاية من كوفيد-19 في البلدة القديمة بالقدس، على حد زعم الاحتلال.
وجاء في لائحة الاتهام، أن إياد الحلاق الذي كان أعزل هرب بعيداً، مما أدى إلى مطاردة أطلق فيها أحد أفراد الشرطة الرصاص عليه فأصابت رصاصة بطنه.