منذ أن استحوذ إيلون ماسك على منصة تويتر بدأ بإجراء عدد من التغييرات الجذرية في سياسة المنصة، الأمر الذي أثار استياء روادها، وقد كان أول إجراءاته فرض رسوم مالية على حيازة علامة التوثيق الزرقاء، أما آخرها فكان تقييد عدد التغريدات التي يستطيع المستخدمون مشاهدتها يومياً، إذ يزعم ماسك أنها خطوة ضرورية لمواجهة مشكلة "التلاعب بالنظام".
فهل يدق ماسك بتلك الخطوة المسمار الأخير في نعش تويتر، خاصة مع ظهور منصة مارك زوكربيرغ المنافسة، والتي تحمل اسم "ثريدز"؟
تغييرات إيلون ماسك في تويتر
أجرت منصة تويتر عدداً من التغييرات المفاجئة التي قللت من قابلية الخدمة للاستخدام في الفترة القصيرة الماضية.
بداية، أصبحت الشركة تُلزم المستخدمين بتسجيل الدخول من أجل مشاهدة المنصة -بينما كان بالإمكان عرض التغريدات في السابق دون الحاجة لحساب على تويتر. وفرضت الشركة بعدها قيوداً على الغالبية العظمى من المستخدمين الذين لا يدفعون المال للمنصة.
حيث قيّدت الحسابات غير الموثقة، ليصبح بإمكانها مشاهدة 600 تغريدة فقط يومياً، قبل رفع الحد إلى 1,000 تغريدة في وقتٍ لاحق.
لكن لماذا أجرت "تويتر" هذه التغييرات؟
كتب ماسك تغريدةً تقول إن هذه التغييرات كانت مجرد "قيود مؤقتة"، وتم تصميمها لعلاج مشكلة "ارتفاع معدلات استخلاص (تجريف) البيانات"، وكذلك "التلاعب بالنظام". ولم يتضح بعد ما إذا كان هذا صحيحاً أم لا، وفقاً لصحيفة The Guardian البريطانية، لكن استخلاص البيانات هي الطريقة التي تستخدمها الخدمات -كخدمات الذكاء الاصطناعي- حتى تجمع البيانات المتاحة للجمهور من مواقع الويب.
وقال ماسك في تغريدته إن "جميع الشركات العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي تقريباً" تجمع "كميات ضخمة من البيانات" من تويتر. وأوضح ماسك أن هذا الأمر يُجبر الشركة على استخدام المزيد من الخوادم -بتكلفة مالية- من أجل مواكبة الطلب. يُذكر أن أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل خدمات بوتات الدردشة وتوليد الصور، تعتمد على النماذج اللغوية الكبيرة. ويجري "تدريب" تلك النماذج اللغوية الكبيرة على كميات ضخمة من البيانات المأخوذة عن مواقع الإنترنت، مثل ويكيبيديا وتويتر وريديت.
بينما قال أحد الخبراء إن استخدام تويتر لتدريب النماذج اللغوية الكبيرة قد يمثل مشكلةً لأسبابٍ أخرى. إذ قال الدكتور أندرو روغويسكي، من معهد الذكاء الاصطناعي المرتكز على البشر في جامعة سري: "هناك شكوك حول ما إذا كان يجدر بنا الاستمرار في استخدام مصادر بيانات مثل تويتر -إذ تميل اللغة والمشاعر المتجسدة في بياناته إلى الاقتضاب، وكثيراً ما تكون صداميةً، وتحتوي على كثير من المعلومات الخاطئة".
وأردف الدكتور روغويسكي: "نعرف، نحن البشر، كيفية تصفية تلك البيانات (في أغلب الأحيان)، لكن تدريب الذكاء الاصطناعي على البيانات الخام من يوميات تويتر قد يؤدي إلى مشكلات في طريقة تفاعل الذكاء الاصطناعي مع الناس".
يرى بعض المستخدمين أن خطوة تقييد عرض التغريدات تأتي كمحاولةٍ للتشجيع على الاشتراك في خدمة Twitter Blue -التي تُتيح للمستخدمين عرض 10 آلاف تغريدة يومياً. في ما يرى آخرون أن الموردين الذين يؤجرون سعة خوادمهم للشركة، ربما فرضوا عليها قيوداً لتحديد سعة الاستخدام. بينما كتب رئيس الثقة والسلامة السابق لتويتر، يويل روث، في سلسلة تغريدات على منصة Blusky المنافسة: "ليس من المنطقي أن يكون استخلاص البيانات قد خلق هذا القدر من مشكلات الأداء الدراماتيكية فجأة، ولدرجةٍ أجبرت تويتر على وضع كل شيء خلف جدار تسجيل الدخول".
ثم أردف: "كان استخلاص البيانات بمثابة سرٍّ مُعلن في ما يتعلق بالوصول إلى بيانات تويتر. وكنا ندرك الأمر. ولم تكن هناك مشكلة".
هل ستضر الخطوة بتويتر تجارياً؟
نقلت New York Times الأمريكية أن بعض موظفي المبيعات في تويتر يطلبون المشورة بشأن ما يجب قوله للعملاء، الذين اكتشفوا أن بعض إعلاناتهم لا تُعرض على المنصة. يُذكر أن الرئيسة التنفيذية الجديدة لتويتر، ليندا ياكارينو، تنحدر من عالم الدعاية التلفزيونية -مما يُشير إلى أن ماسك يعتبر إعادة بناء العلاقات مع المُعلنين بمثابة أولوية.
ومن الممكن أن تؤدي المشكلة الأخيرة إلى تعقيد الأمور؛ حيث كانت شركة تويتر تعتمد على الإعلانات لتوفير الشطر الأعظم من دخلها قبل استحواذ ماسك، لكن بعض المعلنين علّقوا إنفاقهم أو خفضوه بسبب المخاوف حيال طريقة إدارة ماسك للمنصة.
هل يتوجّه الناس نحو بدائل تويتر؟
في ظل هذه التقييدات الأخيرة، من المحتمَل ظهور خليفة لمنصة تويتر، التي تواصل زيادة صعوبة عرض التغريدات على مستخدميها.
وتُمثل منصة Bluesky أحد الخيارات المتاحة، بعد أن أطلقها رئيس تويتر السابق جاك دورسي في شهر فبراير/شباط.
ويستطيع الأشخاص التسجيل حالياً عن طريق الحصول على رموز دعوة من المستخدمين المسجلين فقط، بينما تؤكد المنصة على أنها لا تزال في مرحلة التطوير. وتتمتع المنصة بمظهر وتجربةٍ تُشبهان تويتر، ولديها تطبيق خاص، لكنها لا تسمح بتبادل الرسائل المباشرة، أو تحميل مقاطع الفيديو في الوقت الراهن.
واحتفى البعض كذلك بمنصة Mastodon كذلك على اعتبارها بديلاً لتويتر. ونجحت المنصة في تكوين بعض المجتمعات خلال الأشهر التي أعقبت تولي ماسك دفة تويتر، لكنها لم تحل محل تويتر بعد، وقد ارتفع إجمالي الحسابات المسجلة فيها إلى 13 مليون حساب. في ما تمتلك منصة تويتر 250 مليون مستخدم بحسب ماسك.
ولعل المنافس الأبرز على الساحة حالياً هو منصة Threads التي أطلقتها شركة Meta، مالكة فيسبوك وإنستغرام، فقد بلغ عدد متابعي المنصة 10 ملايين بعد مرور 7 ساعات فقط على إطلاقها، مما يوحي بأنها قد تكون البديل المستقبلي لمنصة تويتر.