العقارات وكل السلع المستوردة والعيادات الخاصة.. تفاصيل زيادات تنتظر المصريين بعد تفعيل الفاتورة الإلكترونية

عربي بوست
تم النشر: 2023/07/05 الساعة 14:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/07/05 الساعة 15:39 بتوقيت غرينتش
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي - رويترز

كشف مصدر حكومي لـ"عربي بوست" أن وزارة المالية بدأت في تفعيل نظام الفاتورة الإلكترونية في مصر على الشركات والهيئات والمصانع، بينما الجهات العاملة تحت إطار النقابات المهنية ظلت دون تنفيذ حتى الآن.

وسيكون المصريون، حسب المصدر نفسه، أمام زيادات جديدة في أسعار السلع والخدمات بنسبة قد تصل إلى 20%، لأن هناك توجهاً لتحميل قيمة التحول الرقمي للمواطنين، بسبب الحاجة لاستخدام أجهزة مراقبة حركة المبيعات، واستخراج فاتورة إلكترونية لذلك.

وأضاف المصدر نفسه أن الحكومة متخوفة من تكرار الاحتجاجات التي اندلعت لأول مرة منذ فترة طويلة وسط القاهرة أمام مقر نقابة المحامين، مطلع العام الجاري، اعتراضاً على تطبيق الفاتورة الإلكترونية، ونُقل السلوك الاحتجاجي إلى نقابات المهندسين والأطباء.

دفع تدهور الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها مصر لفرض المزيد من الضرائب للخروج من الوضع المتدهور، وهو ما بدا جلياً في تطبيق الفاتورة الإلكترونية بشكل كامل على كافة المعاملات التجارية، مع بداية يوليو/تموز الجاري.

ومنظومة الإيصال الإلكتروني هو نظام مركزي إلكتروني يُمكن مصلحة الضرائب من متابعة جميع التعاملات التجارية لبيع السلع، وتقديم الخدمات بين البائعين في مراكز البيع والخدمات وبين المستهلكين لحظياً، وكذلك التحقق من صحتها عبر التكامل الإلكتروني مع أجهزة البيع لدى التجار ومقدمي الخدمات، بواسطة تركيب أجهزة مراقبة حركة المبيعات بها.

نقابة المحامين.. وقف مؤقت للتنفيذ؟

أعلنت مصلحة الضرائب المصرية إعفاء الكيانات الفردية التي تتعامل مع مستهلك نهائي من نظام الفاتورة الإلكترونية، وألزمت بها في الوقت ذاته الكيانات الفردية التي لها تعاملات مع هيئات أو مؤسسات.

وكشف مصدر بمجلس نقابة المحامين لـ"عربي بوست"، أن وزارة المالية لم تخبر النقابة ببدء تفعيل نظام الفاتورة الإلكترونية على المحامين، مع بداية يوليو/تموز 2023، وهو ما يشير لإمكانية تأجيلها.

وقال المتحدث إن "القرارات التي صدرت بحق إعفاء الكيانات الفردية مثل المحامين أو الأطباء والمهندسين الذين ليس لديهم تعاملات مع مؤسسات تتعامل بالفاتورة الإلكترونية، لم يصدر بها تعديل قانوني من البرلمان".

واعتبر المتحدث أن هناك حالة من الضبابية حتى الآن، وذلك في ظل توقف المشاورات بين النقابات ووزارة المالية منذ الاجتماعات الأخيرة، وأرجع ذلك لقرب إجراء الانتخابات الرئاسية والحرص على عدم إثارة المزيد من السخط المجتمعي.

وأوضح المصدر ذاته أن نقابة المحامين طالبت أثناء الاجتماعات بأن يكون هناك بروتوكول مُوقع مع وزارة المالية، لحفظ حقوق الكيانات الفردية، لكن هذا الطلب قوبل بالرفض، وتم تبرير ذلك بقرب إدخال تعديلات جوهرية على قوانين الضرائب المصرية.

وقال مصدر "عربي بوست" إن التعديلات على قوانين الضرائب لم تحدث إلى الآن، وفي حال تراجعت وزارة المالية عن تعهداتها فإن نقابة المحامين ستكون لديها خطوات تصعيدية جديدة.

يشير المصدر إلى أنه في حال نكصت وزارة المالية عهودها فإن إجراءات التقاضي سوف تشهد زيادات تصل إلى 15%، لأنه ستكون هناك مصروفات إدارية جديدة إلى جانب ضريبة القيمة المضافة، وسيكون المتضرر الأول هو المواطن.

وقضت التفاهمات التي توصلت إليها نقابة المحامين مع وزارة المالية بتوصيف أصحاب العمل بأنهم أصحاب مكاتب المحاماة وليس المحامين العاملين فيها، وهؤلاء سيكون عليهم التسجيل في منظومة الفاتورة وليس المحامين الذين يعملون في هذه المكاتب.

ووفق مصدر "عربي بوست" فإن المشكلة الحالية ترتبط بعدم التزام الحكومة بإدخال تعديلات في نظام التسجيل، قبل أن تتم ترجمة ذلك عبر تعديل التشريع الخاص بمنظومة الفاتورة الإلكترونية.

ودفع ذلك عدداً كبيراً من المحامين لعدم التسجيل في الفاتورة مع انتهاء الوقت المحدد، في نهاية أبريل/نيسان الماضي، ما يفتح الباب أمام أزمة جديدة من المتوقع أن تندلع في حال جرى توقيع عقوبات عليهم، بحسب المصدر ذاته.

زيادة قيمة أسعار إجراءات التقاضي

ويذهب أحد المحامين- اشترط عدم ذكر اسمه- لتأكيد أن أصحاب مكاتب المحاماة الذين لديهم تعاملات مع شركات أو هيئات أو مؤسسات تخضع للفاتورة الإلكترونية، سيكون لزاماً عليهم التسجيل في المنظومة، وهؤلاء من المتوقع زيادة قيمة عمولة إجراءات التقاضي الخاصة بهم.

وحسب المتحدث فإن التقاضي العادي عبر التعامل مع الأشخاص الفرديين غير المنتمين لشركات أو مؤسسات أو هيئات لن يتم تفعيل الفاتورة الإلكترونية فيه، ولن يشهد زيادة بحسب ما صرحت به سابقاً وزارة المالية.

وكانت الحكومة قد أقرت زيادة في قيمة ضريبة القيمة المضافة على إجراءات التقاضي قبل عامين تقريباً، ولم تدخل تعديلات أخرى منذ ذلك الحين، وفي تلك الحالة فإن المواطنين العاديين لم يتأثروا.

والفاتورة الإلكترونية عبارة عن مستند قياسي له مكونات وشكل وتصميم موحد ومحتوى تنظمه القوانين واللوائح الخاصة بعمل الفاتورة الإلكترونية، كما أنها تتطلب وجود توقيع إلكتروني سارٍ وفعال لمصدر الفاتورة، وتتيح المنظومة تأميناً كاملاً لبيانات الفواتير المتبادلة بين الشركات.

وبحسب تصريحات سابقة لمسؤولين بوزارة المالية فإن حوالي 150 ألف شركة سجلت الانضمام لمنظومة الفاتورة الإلكترونية، رفعت أكثر من 300 مليون فاتورة إلكترونية منذ بدء العمل بالمنظومة، في نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

وانضمت هذه الشركات حسب وزارة المالية على 8 مراحل، بدأت بمركز كبار الممولين، ثم مأموريات شركات الأموال، وصولاً إلى مأموريات القاهرة الكبرى وأخيراً باقي المحافظات.

الضريبة الإلكترونية لدى الأطباء.. المريض هو من سيتحمل 

كشف عضو بمجلس نقابة الأطباء لـ"عربي بوست" أن النقابة لم يتم إخطارها بعد ببدء تنفيذ الفاتورة الإلكترونية على الأطباء، رغم التصريحات العديدة لرئيس مصلحة الضرائب، وأن الأيام المقبلة ستكون شاهدة على اتضاح الأمور بشكل أكبر.

وقال المتحدث إنه في كل الحالات فإن هناك زيادات منتظرة في تسعيرة كشوفات الأطباء بعياداتهم الخاصة، إذ إن مصلحة الضرائب استثنت فقط الأطباء غير المتعاملين مع الهيئات والجهات المتعاملة بالفاتورة الإلكترونية.

يوضح المصدر ذاته أن غالبية الأطباء لديهم تعاقدات مع هيئات وشركات وجهات متعاملة بالفاتورة الإلكترونية، وقد يكون الاستثناء الوحيد لدى العيادات الصغيرة في القرى والأماكن البعيدة.

وأشار المصدر نفسه إلى أن أزمة الأطباء مع وزارة المالية لم تنتهِ لأنها ترفض حساب أي مصروفات يقوم بها الطبيب بعيداً عن الفواتير المعتمدة، في حين أنها تعترف بأن هناك سوقاً سوداء وتعاملات تجري خارج إطار منظومة الفواتير الورقية أو الإلكترونية.

وقال المتحدث إن مصلحة الضرائب تستهدف تحصيل أكبر قدر من الأموال، في حين ترفض أن يحصل الأطباء على حقوقهم، وفي النهاية فإن المتضرر الأول هو المريض، فالدولة لا توفر له تأميناً صحياً محترماً.

واعتبر المصدر نفسه أن التعنت الحكومي والإصرار على اتباع سياسة الجباية سيجبر الطبيب على رفع قيمة الكشف بمعدلات متفاوتة، على حسب مصروفات كل طبيب، مع تطبيق المنظومة التي قد يلحق بها منظومة الإيصال الإلكتروني.

وزارة المالية جادة في تطبيق منظومة الفاتورة الإلكترونية

حسب مصدر بشعبة الاستيراد والتصدير بالغرفة التجارية قال لـ"عربي بوست" إن "المصريين سيكونون أمام زيادة جديدة متوقعة في أسعار السلع المستوردة من الخارج، لأن وزارة المالية أنهت إجراءات الربط بين مصلحتي الضرائب والجمارك".

وأشار المتحدث إلى أن "جميع التعاملات التي تتم في مصالح الجمارك، سواء أكانت تصديراً أو استيراداً ستخضع لنظام الفاتورة الإلكترونية، وبالتالي ستعرف السلع زيادة في الأسعار في الفترة المقبلة قد تصل ما بين 10 إلى 20%". 

ومنعت الحكومة المصرية، منذ بداية يوليو/تموز، أي شركة لديها نشاط في الاستيراد أو التصدير من التعامل مع المنظومة الجمركية "نافذة"، والتي تسهل عملية دخول البضائع وتصديرها إلا إذا كانت تتعامل وتصدر فواتير ضريبية إلكترونية.

وبلغ إجمالي إيرادات الموازنة العامة للدولة 161.6 مليار جنيه خلال الفترة من يوليو/تموز إلى أغسطس/آب من العام المالي 2022/ 2023، لترتفع بنحو 21.7 مليار جنيه بنسبة نمو 15.5، وأسهمت المتحصلات من الإيرادات الضريبية بنحو 82.7% من إجمالي الإيرادات.

ولعل ما يشير إلى أن وزارة المالية جادة في تطبيق منظومة الفاتورة الإلكترونية أن رئيس مصلحة الضرائب مختار توفيق، أصدر في شهر مايو/أيار 2023، ثلاثة أدلة للقواعد والتعليمات الخاصة بكيفية التعامل مع المنظومة بالنسبة للأطباء، والمهندسين، والمحاسبين ومراجعي الحسابات.

ويتضمن الدليل الأول بحسب توفيق القواعد والتعليمات الخاصة بكيفية التعامل مع منظومة الفاتورة الإلكترونية، بالنسبة للأطباء، أما الدليل الثاني فيتضمن القواعد والتعليمات الخاصة بكيفية التعامل مع المنظومة بالنسبة للمهندسين، والدليل الثالث بالنسبة للمحاسبين ومراجعي الحسابات.

وأكد توفيق أن الفاتورة الإلكترونية تستهدف التحول من النظام الورقي إلى الإلكتروني، من خلال إجراءات بسيطة، وبلا أعباء إضافية من مصلحة الضرائب؛ للتيسير على الممولين، والحد من التدخل البشري، والقضاء على التقديرات الجزافية، وتسهيل إجراءات الفحص الضريبي، وتحقيق العدالة الضريبية، وضمان تحصيل حق الخزانة العامة للدولة.

صعوبة تطبيق الضريبة الإلكترونية على المقاولين

في المقابل، وجّه رئيس الاتحاد المصري لمقاولي البناء والتشييد، سامي سعد، استغاثات عبر تدخلات إعلامية لأجهزة حكومية مصرية بشأن صعوبة تطبيق منظومة الفاتورة الإلكترونية في مصر على المقاولين.

وقال المتحدث إن "نظام الفاتورة الإلكترونية قائم على أساس تجاري، وهذا لا يتناسب مع قطاع العقارات، وتم التواصل مع مصلحة الضرائب لإعطاء المقاولين فرصة لإثبات التكاليف التي تحملها المقاول لإصدار فواتير لكل المعاملات التي من شأنها أن ينهي المقاول عمله".

وأوضح المتحدث أن القطاع لا يعمل من المكاتب، ويعمل من مواقع متباعدة قد لا تتوفر بها الوسائل والتقنيات الحديثة، هذا بالإضافة إلى صعوبة تسجيل مقاولي الباطن على الفاتورة الإلكترونية، وصعوبة إثبات كافة بنود التكاليف إلكترونياً، وأيضاً التضارب في التواريخ بين رفع المستخلص على منصة الفاتورة وبين الإقرار الشهري لضريبة القيمة المضافة.

وبحسب خبير اقتصادي قريب، لديه صلات قوية بملف التشييد والبناء، فإنه في حال أصرت الحكومة على تطبيق الفاتورة الإلكترونية على قطاع التشييد والعقارات، فإنها ستذهب باتجاه فرض غرامات كبيرة على المقاولين.

وقال المتحدث إن المقاولين ليس لديهم خبرات ولا إمكانيات تؤهلهم للعمل وفق المنظومة الجديدة، مع غياب كافة أشكال التدريب عليها، وهو ما سيؤدي لتحميل تلك الأموال للمواطنين، وسينعكس ذلك على وجود زيادات جديدة في أسعار العقارات المرتفعة بالأساس.

وأشار مصدر "عربي بوست" إلى استحالة نجاح تنفيذ المنظومة مع بداية شهر يوليو/تموز، لأن البنية التحتية لإنجاحها لم تتوفر بعد، كما أن المنظومة التدريبية تعطلت على مدار الأشهر الماضية، في ظل حالة الارتباك التي سادت مع اعتراض النقابات المهنية.

ولفت إلى أن الحكومة لديها مجموعة من الأهداف وراء تطبيق الفاتورة الإلكترونية، على رأسها حصر الاقتصاد غير الرسمي والاستفادة من عوائده الضريبية، وتدشين علاقة جديدة بينها وبين الممولين، قائمة على عدم الإفلات من أي تقديرات ضريبية.

لأنه، حسب المتحدث، مع زيادة معدلات الضرائب تجد الدولة نفسها أمام عمليات تهرب ضريبي واسعة، وتسعى لزيادة إيراداتها من خلال الارتكان على الضرائب.

وأكد رئيس مصلحة الضرائب، مختار توفيق، في تصريحات سابقة أنه لن يتم الاعتداد إلا بالفواتير الإلكترونية في إثبات التكاليف والمصروفات واجبة الخصم، وكذلك في خصم الضريبة على القيمة المضافة أو ردها، اعتباراً من 1 يوليو/تموز 2023.

 مشيراً إلى أن تطبيق منظومة الفاتورة الإلكترونية يهدف إلى القضاء على التقديرات الجزافية، ويعمل على إرساء العدالة الضريبية، وذلك استناداً إلى الفاتورة الإلكترونية التي تتم مطابقتها مع الإقرارات الضريبية المقدمة من كل أطراف المعاملات التجارية والخدمية.

تحميل المزيد