قال موقع Middle East Eye البريطاني، إن محتجين اعتقلتهم السلطات الفرنسية على خلفية الاحتجاجات الأخيرة إثر مقتل الفتى من أصول جزائرية، نائل (17 عاماً)، كذّبوا رواية الشرطة ضدهم في جلسات استماع سريعة بالمحاكم.
واستند الموقع إلى شهادات معتقلين حوكموا بجلسات سريعة، منوّهاً إلى أنه استخدم أسماء مختلفة عن أسمائهم الحقيقية؛ "لحماية هويتهم".
ركلها الضابط ونزع حجابها
في محاكمة سريعة، مُنعت "إيناس" من ارتداء الحجاب داخل قاعة المحكمة، وكانت مقيدة بالأصفاد ويداها خلف ظهرها، تبحث يائسة عن أقاربها في القاعة بعد قضاء يومين محتجزة لدى الشرطة.
وبعصبيةٍ لفَّت الفتاة شعرها الفاتح كعكةً ثم فكّته، بعد أن مُنعت من ارتداء الحجاب داخل المحكمة. في حين قالت محاميتها بنحمو لموقع "ميدل إيست آي": "كانت إيناس خائفة للغاية من دخول السجن".
اعتُقلت الشابة البالغة من العمر 21 عاماً، في مدينة نانتير بالعاصمة باريس يوم الخميس 29 يونيو/حزيران، بعد مسيرة للتذكير بنائل، الشاب ذي الأصول الجزائرية الذي أُردي قتيلاً بالرصاص من مسافة قريبة عن طريق شرطي في وقت سابق من الأسبوع الماضي خلال تفتيش مروري.
حيث اعتقلت الشرطة فتاة في تلك الليلة بعد أن ألقت علبة صودا على شرطي لكنها لم تصبه.
ومع أن اللقطات أظهرت بكل وضوح، عدم تضرر أي ضباط شرطة، ركض ضابط شرطة نحوها بسرعة بينما كان يقف على بعد أمتار قليلة. ركلها الضابط بقوة، وأزال حجابها وحاول التعامل معها على الأرض، قبل أن ينجح المحتجون الحاضرون في تخليصها منه، وذلك حسبما ظهر في فيديو اطلع عليه الموقع نفسه.
وبعد ساعة، حددت الشرطة هويتها في شارع مجاور من خلال حجابها الأبيض واعتقلتها. وفي المحكمة، سردت الشرطة تسلسلاً للأحداث يتعارض مع لقطات الحادث.
"كل هذا غير صحيح"
فقد ادعوا أن علبة الصودا صدمت ضابط شرطة، وأن إيناس حاولت ضربهم، بينما قالت محاميتها بنحمو: "كل هذا غير صحيح".
وأوضحت: "نحن لا نتعامل مع مجرم رئيسي. عرفت إيناس، نائل، وكانت غاضبة للغاية، وهذا حقيقي، ولكن فوق كل هذا كانت حزينة. ما يتوقعه المواطنون اليوم هو العدالة الموضوعية".
وبعد ذلك، عرضت محامية الشابة الفيديو على بنيامين ديباريس، رئيس محكمة نانتير، الذي استُدعي بصورة استثنائية للمساعدة في العبء الثقيل للقضايا. لكن لم يقل القاضي شيئاً، ولم يقل المحامي العام، على يمينه، شيئاً هو الآخر.
ووجه المحامي العام كلماته إلى إيناس بعد لحظات، وقال: "ضباط الشرطة ليسوا هناك من أجل أن يستهدفهم المواطنون. أتمنى أن تتذكري ذلك".
وفي قفص الاتهام، كانت الشابة المتهمة تبكي بعد أن حُكم عليها بـ105 ساعات من الخدمة المجتمعية، بينما قالت بنحمو بعد جلسة الاستماع: "لولا الفيديو الذي كذَّب نسخة الشرطة (من الأحداث)، لكان الحكم أشد بكثير".
وتابعت: "قضت موكلتي 48 ساعة في حجز الشرطة. سوف يترك هذا أثره. مزقت الشرطة حجابها أثناء الاعتقال، ومنعوها من وضعه مرة أخرى (على رأسها) في قسم الشرطة، ثم هنا في قفص الاتهام".
بحسب الموقع، فقد بلغ عدد اعتقالات الشرطة بحلول صباح الأحد 2 يوليو/تموز، أكثر من 3000 شخص، ويمثل كثير منهم أمام القضاء بسرعة، حيث يعتمد القضاة على تحقيقات الشرطة "فائقة السرعة" من أجل جلسات الاستماع.
جلسات استماع سريعة
وفي قاعة المحاكم، يحاكم المتهمون في طابور، وأحياناً يحاكمون في أزواج، وتُمنح جلسة الاستماع هذه ساعة واحدة على الأكثر.
سُئل بلقاسم وهو معتقل آخر على خلفية الاحتجاجات، في بداية جلسة الاستماع، عما إذا كان وافق على مبدأ المثول الفوري، وبعد قضاء 48 ساعة محتجزاً لدى الشرطة، رد بسرعة: "حاكموني الآن".
وكان بجواره آدم (23 عاماً)، الذي قضى هو الآخر ليلتين في قسم الشرطة.
أبلغ رئيس محكمة نانتير آدم قائلاً: "توجد نسخة (من رواية الشرطة) تقول إنك كنت تحمل مدافع ألعاب نارية في يديك، بل وأيضاً أنك كنت ترتدي قناعاً لتخفي وجهك".
رد الشاب، بينما كانت تراقبه عن كثبٍ خطيبته وأمه، وقال إنه كان ذاهباً للحصول على بعض الحليب والحلوى، وأوضح: "كنت أضع قطعة قماش حول وجهي كي أحمي نفسي من الغاز المسيل للدموع".
قاطعه المحامي العام وقال: "ذهبت إذن لإحضار حلوى وحليب في الحادية عشرة مساء في وسط الشغب؟ هل أنت متأكد أن (خروجك) كان من أجل الحصول على مستلزمات البقالة؟".
رد آدم: "سيدي، نسختكم خيالية للغاية، وهو أقل ما يُقال عنها".
تلعثم آدم، لكنه رد بهدوء، وقال: "كانوا يريدون اعتقال أكبر قدر ممكن من الأشخاص في تلك الليلة. في السيارة خلال الطريق إلى قسم الشرطة، أتذكر عندما قالوا لي: أنتم تضعوننا جميعاً في الجعبة نفسها، ولذلك نحن نفعل الشيء نفسه".
اعتقالات عنيفة
أنكر آدم كل التهم الموجهة ضده، فقد كان يُحاكَم لارتكاب جنحة المشاركة في تجمع وتمرد، فقد رفض ادعاءات الشرطة، وكان الشاب يضع ضمادة على جبهته من الإصابات التي عانى منها أثناء الاعتقال.
وقال آدم: "عندما أمسكوا بي من الخلف، حاولت الدوران وتلقيت ضربة في جبهتي. سال دم كثير مني وسقطت على الأرض. كيف تتوقعون مني أن أثور؟".
ومثلما حدث مع آدم، أُصيب بلقاسم أثناء اعتقاله واصطُحب إلى المستشفى بسبب تعرضه لصدمة بالرأس.
بدوره، قال المحامي العام في نانتير إن الشرطة "تعترف باستخدامها الهراوات لإخضاع هذين الرجلين"، لكنه أضاف أنه كان "استخداماً مشروعاً للقوة"، وطالب بسجن الرجلين لسبعة أشهر، مع إصدار أمر لإحالتهما.
وحكم القاضي عليهما بالسجن لسبعة أشهر مع إيقاف التنفيذ. وأُطلق سراحهما، لكنهما تحت الإشراف القضائي الصارم.