ذكرت صحيفة The Times البريطانية، الأحد 2 يوليو/تموز 2023، أن قادة قوات الخدمات الجوية الخاصة في بريطانيا (SAS) دمروا ملفات حاسوب بهدف "التستر" على الأدلة المحتملة على أن القوات الجوية الخاصة قتلت مدنيين غير مسلحين في أفغانستان.
الصحيفة أشارت إلى أن القادة بمقار القوات الخاصة في لندن تلقوا أوامر بالمحافظة على الأدلة الحاسوبية قبل زيارة لضباط الشرطة العسكرية الملكية البريطانية (RMP) للتحقيق في جرائم حرب ارتكبتها قوات SAS في أفغانستان.
لكن الوثائق المقدمة إلى أحد التحقيقات الرسمية تقول إن القادة خالفوا الأمر، وحذفوا بدلاً من ذلك كمية غير معروفة من البيانات من خادمهم الحاسوبي الرئيسي.
بدأ هذا التحقيق في أعقاب تحقيقات صحفية أجرتها صحيفة The Sunday Times وهيئة الإذاعة البريطانية BBC، التي ادعت أن وحدات SAS المجرمة تعدم المدنيين الأبرياء خلال حملة من الغارات الليلية، التي كان من المفترض لها أن تأسر مقاتلي حركة طالبان.
أدلة جديدة
وبحسب الصحيفة، فإن الأدلة الجديدة تشير إلى وجود ما يصل إلى 80 عملية قتل مشبوهة نفذتها ثلاثة من أصل أربعة أسراب للقوات الجوية الخاصة بين عامي 2010 و2013. تكشف الوثائق عن المعدلات المرتفعة من عمليات القتل التي نفذتها أسراب قوات SAS خلال جولات خدمتهم المستمرة لستة أشهر. قتل جندي 35 شخصاً في جولة واحدة.
ونفذ السرب الذي ينتمي إليه هذا الجندي غارة ليلية على منزل سيف الله يار، الذي كان أول من أعطى رواية شهود إلى صحيفة The Sunday Times يصف فيها كيف أُطلقت النار على 4 من أبناء عائلته داخل منزلهم عن طريق القوات الخاصة البريطانية في فبراير/شباط 2011. ويقول إن جنود القوات الخاصة قيدوا الضحايا وغطوا رؤوسهم قبل اغتيالهم.
كانت عمليات القتل ضمن أكثر من 50 عملية خضعت لتحقيقات الشرطة العسكرية الملكية، بموجب عملية حملت اسماً رمزياً "نورثمور". خفتت التحقيقات عن طريق الحكومة في 2017 بعد ثلاث سنوات. ولم تقُد إلى أية محاكمات.
إلى ذلك، انتقد محامو يار، تحقيقات الشرطة العسكرية الملكية، ووصفوها بأنها غير كافية. وينوب هؤلاء عن عدد من العائلات التي فقدت أقاربها خلال الغارات الليلية، وقدموا طلباً إلى لجنة التحقيقات استناداً إلى الوثائق التي كشفتها وزارة الدفاع في أعقاب دعوى قضائية.
"سياسة إسالة الدماء غير الرسمية"
يستشهد الطلب بوثائق وزارة الدفاع البريطانية، التي تُحيل إلى "سياسة إسالة الدماء غير الرسمية" لدى الجنود الجدد. لا يتوسع الطلب في تحديد ما تعنيه هذه السياسة. لكن المصطلح استُخدم سابقاً في تحقيق حول سلوك القوات الخاصة الأسترالية في أفغانستان لوصف كيف منح القادة صغارَ الجنود الفرصة لقتل السجناء رمياً بالرصاص، كي يسجلوا أول عمليات القتل التي ينفذونها.
ويجادل المحامون بأن إغلاق عملية نورثمور كان جزءاً من تستر "واسع النطاق ومتعدد الأوجه" على عمليات القتل التي نفذها الجيش البريطاني والحكومة البريطانية ضد الأفغان.
ويُزعم أن هذا بدأ بالقوات الخاصة البرية البريطانية، التي تواجه اتهامات بإصدار روايات رسمية زائفة حول القتل، وزرع الأسلحة في الأجساد للتظاهر بأن الضحايا كانوا مسلحين، والفشل في إبلاغ الشرطة العسكرية الملكية بالحوادث الخطيرة.
يقول الطلب إن قادة القوات الخاصة خالفوا في البداية طلبات محققي الشرطة العسكرية الملكية من عملية نورثمور، من أجل فحص الخادم الحاسوبي الرئيسي في مقارهم بلندن. خلال الأشهر التي شهدت النزاع، أمرت الشرطة العسكرية الملكية القادة بـ"عدم حذف، أو تعديل، أو نقل، أو تغيير أي من البيانات… على الخادم".
يضيف الطلب: "ومع ذلك، وفي مخالفة مباشرة لذلك الأمر، حذف الموظفون [في مقار المملكة المتحدة] للأبد كمية غير محددة من البيانات بذلك الخادم قبل وقت قصير من وصول محققي العملية نورثمور إلى [مقار المملكة المتحدة] لفحصها".
"ضغط سياسي"
وتزعم الوثيقة أيضاً، أن المحقق الرئيسي في الشرطة العسكرية الملكية تعرض لـ"ضغط سياسي" كي يسلط التركيز في التحقيقات على سلوك صغار الجنود في قوات SAS بدلاً من كبار القادة في القوات الخاصة.
وكان من بين النتائج الثانوية للتحقيقات العثور على "صور غير لائقة لأطفال ومواد إباحية متطرفة" على الخادم الحاسوبي الرئيسي المستخدم في أفغانستان، عن طريق أحد الأسراب الرئيسية للقوات الجوية الخاصة المتهمة بارتكاب جرائم القتل.
من جهته، قال متحدث باسم وزارة الدفاع: "من غير اللائق بوزارة الدفاع أن تعلق على القضايا التي تقع ضمن نطاق التحقيق القانوني، والأمر عائد إلى فريق التحقيق القانوني، الذي يقوده القاضي الكبير اللورد هادون كيف، لتحديد أي المزاعم سيجري التحقيق حولها".