قالت صحيفة The Washington Post الأمريكية، في تقرير نشرته الجمعة، 30 يونيو/حزيران 2023، إن هجوماً سيبرانياً تسبب في تعطيل نظام اتصالات عبر الأقمار الاصطناعية، يستعمله الجيش الروسي، مساء الأربعاء، 28 يونيو/حزيران، وظلت معظم شبكات النظام معطلة يوم الخميس 29 يونيو/حزيران. وقد استدعت هذه الحادثة إلى الأذهان ذكرى هجوم مماثل، يُزعم أن المخابرات الروسية شنَّته على نظام اتصالات كانت تستخدمه أوكرانيا في بداية الحرب بين البلدين.
قال جيد وورك، بروفيسور الفضاء الإلكتروني في "جامعة الدفاع الوطني" الأمريكية، إن شركة Dozor-Teleport، مشغِّل نظام الأقمار الاصطناعية الذي تعرّض للهجوم، أحالت بعض المستخدمين إلى استخدام الشبكات الأرضية أثناء انقطاع الاتصالات. وقال المحلل دوغ مادوري، من شركة Kentik الأمريكية المتخصصة في مراقبة شبكات الاتصالات عبر الإنترنت، إن شركة Amtel-Svyaz -الشركة الأم لشركة Dozor- استعادت السيطرة على إحدى الشبكات، لكن 3 شبكات أخرى بقيت معطلة.
أنباء عن هجوم سيبراني يستهدف الجيش الروسي
لم تُصدر الشركة بياناً يكشف عن أسباب العطل الذي حدث، لكن مجموعتين مختلفتين أعلنتا المسؤولية عن الهجوم، واحدة منهما وصفت نفسها بأنها مجموعة قرصنة إلكترونية مستقلة، والأخرى قالت إنها تابعة لمجموعة فاغنر، التي تمردت على القيادة العسكرية الروسية الأسبوع الماضي. وادعى القراصنة أنهم أرسلوا برمجيات خبيثة إلى محطات الأقمار الاصطناعية، فوقع العطل وتكبد خبراء الأمن السيبراني صعوبات جمة للوصول على محطة طرفية لاختبار الشبكة.
شهدت مواقع الويب وشبكات البنية التحتية الحيوية في روسيا وأوكرانيا منذ بداية الحرب هجمات متواصلة من قراصنة إلكترونيين يصفون أنفسهم بالمستقلين، لكن مصادر مطلعة على عملهم قالت إن العديد منهم يهاجمون بالتنسيق مع قوات عسكرية تابعة لأحد جانبي النزاع، أو يُستخدمون واجهةً لها.
يذهب مراقبون إلى أن جهات ما قد تنسب نفسها زوراً إلى مجموعة فاغنر لزيادة الانقسام الحادث في روسيا بين السلطات الرسمية وقوات التمرد. أما إن كانت الهجمات صادرة عن مجموعة تابعة لفاغنر حقاً، فإن الأمر سيكون أكثر إثارة للاهتمام، إذ يُظهر أن التمرد ربما يستمر في الفضاء الإلكتروني حتى لو توقف على الأرض.
قال وورك إن باحثين، متخصصين في دراسة السوق الروسية المحلية، ذهبوا في تقديراتهم إلى أن ذراع الأقمار الاصطناعية للشركة تبلغ إيراداتها السنوية 10 ملايين دولار فقط، إلا أنها تخدم الجيش الروسي وهيئات فيدرالية أخرى. ولفت وورك إلى أن بعض التقارير قالت إن الشركة لديها زبائن بين الجنود الروس في أوكرانيا.
يتوقف مدى تأثير العطل على طول مدته، وما إذا كان العملاء لديهم وسائل أخرى للتواصل بطريقة موثوقة وآمنة، أم لا. ويرى كثيرون أن الاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية وسيلة دعم مساعدة، أما الوحدات العسكرية المتحركة فتراها أهم من ذلك بكثير.
شكوك حول تعويق الاتصالات لدى الجيش الروسي
قال بريان ويدن، مدير مؤسسة Secure World Foundation الأمريكية المتخصصة في شؤون الفضاء: "من المشكوك فيه أن يؤدي هذا العطل إلى تعويقٍ طويل للاتصالات، إلا إذا كان هناك عملاء يعتمدون على هذه الشبكات، وهي وسيلة الاتصال الوحيدة لديهم".
كانت أوكرانيا قد تمكنت من اعتراض اتصالات للجنود الروس قبل اعتمادهم على شبكات الأقمار الاصطناعية. أما عمليات اختراق الأقمار الاصطناعية فهي نادرة في العموم، وقلَّما يُكشف عنها إن وقعت. ويُوصف الهجوم الروسي على خدمة "فياسات" Viasat التي استخدمها الجيش الأوكراني وآخرون في فبراير/شباط 2022، بأنه أحد أنجح هجمات القرصنة الإلكترونية في هذه الحرب. وقد أصبحت خدمة "ستارلينك" Starlink التابعة لشركة "سبيس إكس" الأمريكية بديلاً لا غنى عنه داخل أوكرانيا، وقد صمدت في وجه العديد من محاولات القرصنة منذ الاعتماد عليها.
وقال خبراء إن المخابرات العسكرية الروسية هي المسؤولة عن عملية الاختراق لشبكة "فياسات". ويرى بعضهم أن مرتزقة فاغنر ربما تعاونوا عن قرب مع المخابرات العسكرية الروسية في هذا الهجوم، والتقطوا التقنيات المستخدمة فيه. وإن كان الأمر كذلك، فسيسهُل عليهم استخدامها في هجوم على الشبكات الروسية ذاتها بعد التمرد.
لم يردّ متحدث باسم الجيش الأمريكي على طلبٍ للتعليق. وقال شخص مطلع على عمليات الدعم الغربية لأوكرانيا في الفضاء الإلكتروني، إن الجهة المسؤولة عن هذا الهجوم مجهولة.