حاوية قمامة بـ52 ألف دولار.. كيف تمتص شركات الأسلحة أموال الأمريكيين بلا طائل؟ ما تفعله صدم الكونغرس

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2023/06/25 الساعة 20:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/06/25 الساعة 20:49 بتوقيت غرينتش
صواريخ باتريوت الأمربكية/رويترز

تلاعب شركات الأسلحة الأمريكية بالأسعار تحول إلى عبء على ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية، بعد أن وصل الأمر لمضاعفتها الأسعار عدة مرات.

إذ قام المقاولون العسكريون البارزون في الولايات المتحدة برفع أسعار العديد من المنتجات اليومية بسبب غياب التنافس بين شركات الأسلحة الأمريكية، مما كلف دافعي الضرائب أكثر من 1.3 مليون دولار في شكل هوامش غير ضرورية على ما يبدو، وفقاً لبيانات تعاقد البنتاغون التي حصل عليها موقع Responsible Statecraft الأمريكي. 

قصة حاوية القمامة التي ارتفع سعرها من 300 دولار إلى 50 ألفاً

حتى عام 2010، كانت شركة بوينغ تتقاضى 300 دولار لحاوية قمامة مستخدمة في طائرة إي-3 سينتري، وهي طائرة مراقبة ورادار قائمة على نموذج طائرة الركاب بوينغ 707. عندما توقف استخدام طائرة 707 في الولايات المتحدة، لم تعد سلة المهملات عنصراً "تجارياً"، مما يعني أن شركة بوينغ لم تكن ملزمة بالحفاظ على سعرها عند المستويات السابقة، وفقاً لمصدر في صناعة الأسلحة تحدث إلى موقع Responsible Statecraft. 

في عام 2020، دفع البنتاغون لشركة بوينغ أكثر من 200 ألف دولار مقابل أربع حاويات قمامة، بقيمة 51.606 دولارات لكل وحدة. وفي عقد العام 2021، فرضت الشركة 36.640 دولاراً لكل حاوية قمامة من أصل 11، مما أدى إلى تكلفة إجمالية تزيد عن 400 ألف دولار. وهذه التكلفة الزائدة بوضوح كلفت دافعي الضرائب نحو 600 ألف دولار إضافية بين عقد 2020 وعقد 2021. 

تلاعب شركات الأسلحة الأمريكية بالأسعار
حاوية القمامة في طائرة الأواكس الأمريكية إي-3 سينتري نموذج لمبالغة شركات الأسلحة الأمريكية غير المنطقية في الأسعار/رويترز، أرشيفية

في حالة أخرى، رفعت شركة لوكهيد مارتن سعر القناة الكهربائية للطائرة بي-3 بمقدار 14 ضعفاً، مما كلف البنتاغون 133 ألف دولار إضافية بين عامي 2008 و2015. 

وباعت شركة جامايكا بيرينغز، وهي شركة توزع الأجزاء المصنعة من قبل شركات أخرى، لوزارة الدفاع 13 مرشحاً لاسلكياً، كان كل منها يكلف في الماضي 350 دولاراً، مقابل 49 ألف دولار لكل وحدة في عام 2022. وصار هامش الربح الواضح بجلاء يكلف دافعي الضرائب أكثر من 600 ألف دولار في صورة رسوم إضافية. 

الأمثلة التي كشف عنها تقرير الموقع الأمريكي لا تمثل سوى جزء صغير مما يقول الخبراء إنه نمط من مقاولين يفرطون في مجموعة واسعة من الأغراض وأنظمة السلاح لوزارة الدفاع، وهي ممارسة تقلل من الاستعداد العسكري وتزيد من الإنفاق. 

نصف مليار دولار يتحملها دافعو الضرائب من أجل صواريخ باتريوت

وسلط تحقيق حديث الضوء على التلاعب في الأسعار المتفشي في صناعة الأسلحة، بما في ذلك حالة واحدة قامت فيها شركة بوينغ بتحميل دافعي الضرائب أكثر من نصف مليار دولار مقابل الصواريخ المستخدمة في نظام الدفاع الصاروخي باتريوت. 

وكشف التحقيق أيضاً أن شركة رايثيون تكنولوجيز رفعت سعر صواريخ ستينغر من 25 ألف دولار إلى أكثر من 400 ألف دولار لكل وحدة. 

أساءت استخدام الثقة.. الكونغرس يدعو للتحقيق

وفي رسالة أثارها التحقيق، دعت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين البنتاغون للتحقيق في مزاعم التلاعب بالأسعار على نطاق واسع من قبل المقاولين. 

كتب السيناتور بيرني ساندرز، والسيناتورة إليزابيث وارين، والسيناتور رون وايدن، والسيناتور تشاك غراسلي، والسيناتور مايك براون: "لقد أساءت هذه الشركات استخدام الثقة التي وضعتها الحكومة فيها، مستغلة مركزها كمورد وحيد لعناصر معينة لزيادة الأسعار أعلى بكثير من التضخم أو أي هامش ربح معقول". 

وأضافوا: "لم يعد بإمكان وزارة الدفاع أن تتوقع من الكونغرس أو دافعي الضرائب الأمريكيين أن يصدِّقوا على هذا الإنفاق العسكري القياسي، بينما تفشل في الوقت نفسه في حساب مئات المليارات التي توزعها على الشركات الخاصة التي تحقق أرباحاً مذهلة". 

تلاعب شركات الأسلحة الأمريكية بالأسعار
صواريخ ستينغر الأمريكية ارتفعت أسعارها بشكل كبير بعد ارتفاع الإقبال عليها جراء حرب أوكرانيا/رويتر، أرشيفية

امتنعت شركة بوينغ عن التعليق على التلاعب المزعوم في الأسعار. ولم ترد جامايكا بيرنغز على أسئلة حول ارتفاع الأسعار أو المبلغ الذي دفعته لشراء مرشحات الراديو قبل بيعها إلى البنتاغون. 

ولم ترد شركة لوكهيد مارتن على طلب للتعليق من موقع Responsible Statecraft، لكنها قالت إنها تتفاوض مع البنتاغون "بحسن نية"، وقالت إن مبيعاتها للحكومة "تتوافق مع لوائح الاستحواذ الفيدرالية وجميع القوانين الأخرى المعمول بها". 

ارتفاع كبير في أرباح شركات الأسلحة الأمريكية

تأتي هذه الاكتشافات في الوقت الذي تتباهى فيه شركات تصنيع الأسلحة الكبرى بإيرادات قياسية. أبلغت كل من شركات لوكهيد مارتن وجنرال دايناميكس ورايثيون تكنولوجيز عن ارتفاع كبير في الطلب بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، مما سمح للشركات بمنح المساهمين ما يقرب من 20 مليار دولار العام الماضي، من خلال عمليات إعادة شراء الأسهم وتوزيعات الأرباح. ويحقق كل من الرؤساء التنفيذيين لأكبر خمس شركات تصنيع أسلحة ما بين 18 مليون دولار و23 مليون دولار سنوياً. 

يذهب حوالي نصف ميزانية إدارة بايدن للبنتاغون البالغة 842 مليار دولار إلى المقاولين. في عام 2022، ذهب ما يقرب من 30% من الإنفاق العسكري إلى شركات تصنيع الأسلحة "الخمس الكبار"، والتي تشمل رايثيون، وبوينغ، ولوكهيد مارتن، وجنرال دايناميكس، ونورثروب غرومان. 

المشكلة أن 20 ألف شركة صغيرة انسحبت والخمس الكبار تحتكر عقود الدفاع

ويقول الخبراء إن الكثير من هذا التلاعب في أسعار المقاولين قد تفاقم على مدى العقود القليلة الماضية؛ بسبب أن القطاع العسكري شهد اندماجاً دراماتيكياً أدى لتراجع عدد شركات الأسلحة الأمريكية وغيرها من المقاولين المتعاملين مع البنتاغون.

في التسعينيات، كان هناك أكثر من 50 مقاولاً "رئيسياً" لوزارة الدفاع قادرين على التنافس على العقود الكبرى. أما الآن، هناك خمسة فقط. 

من الناحية العملية، هذا يعني أن العديد من العقود تتلقى عرضاً واحداً فقط، مما لا يترك أي دافع للشركات لتقديم سعر عادل. وتنتشر فرص التلاعب بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بالعقود الأصغر؛ نظراً لأن المقاولين غير مطالبين بمشاركة تكاليفهم لأي صفقات تقل قيمتها عن مليوني دولار. 

وكما أفاد مكتب المساءلة الحكومية مؤخراً، فإن ما يقرب من 20 ألف شركة صغيرة قد انسحبت من التعاقد العسكري في العقد الماضي، مما خلق المزيد من الفرص لارتفاع الأسعار. 

تحميل المزيد