لماذا تخجل بعض النساء من كونهن أمهات؟!

عربي بوست
تم النشر: 2023/06/23 الساعة 13:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/06/23 الساعة 13:27 بتوقيت غرينتش

الأمومة هبة من الله، ونعمة أصبحت من النعم المنسية التي تهمَّش في العصر الحديث، وتنسب أحياناً كسبب من أسباب إحباط المرأة وضعفها، فتجد المرأة التي تنجب خجولة في طلب إجازتها وحقوقها، وإذا كانت لا تعمل ينسب لها الجهل والرجعية بعد إنجاب الطفل الأول. كثيرات من الأمهات يجدن تكريس جل وقتها لأطفالها مهمة صعبة وثقيلة، وتحاول وضع خادمة لتقوم بواجبات الأم أو اللجوء لشخص من العائلة يقوم بدورها؛ لأن المرأة أصبحت تضيق بواجبات الأمومة، وتميل لترفيه نفسها بشكل مطلق.

على صعيد آخر لا يرحب المجتمع الحديث بالأطفال ولا بأمهم، وكأنه يحتم على الأم التزام المنزل وعدم الخروج منه، وتخير الأم في العديد من مراحل حياتها بين أطفالها وبين إنجازاتها؛ ما يزيد من صعوبة الوضع، ولابد لأحد من مساندة الأم وإعانتها.

(أ.م) تقول: أصيبت ابنتي بحساسية أدت إلى تورم جسدها وهي في عمر العامين، وأخذتها إلى المستشفى، ولم تخرج حتى الظهيرة، اتصلت يومها بصاحب العمل صباحاً لأخبره بعدم مجيئي فرفض بشدة، كان يجادلني وأنا قلبي مع ابنتي إلى أن قبل في النهاية تعويض الدوام في يوم آخر.

(ل.س) أصيب ابنها بمرض مزمن كانت مضطرة إلى أخذ إجازة طويلة، فلم يوافق صاحب العمل، فاضطرت إلى أخذ مغادرات، وفي النهاية لم يتقبل أصحاب العمل ذلك؛ ما أدى إلى فصلها.

أما على الصعيد العائلي فكثير من العائلات لا تتقبل الأطفال وشقاوتهم، فـ(هـ.ب) أصبحت تتجنب الزيارات العائلية؛ لأنها مضطرة إلى جعل أطفالها جالسين وقتاً طويلاً أمام الأجهزة الذكية حتى يبقوا هادئين ولا يصدروا إزعاجاً، مع أن الوضع الطبيعي للأطفال هو الضجيج.

المجتمع لم يعد مهيئاً للأطفال، فقد أصبحت مهمة الأم صعبة، فلا أحد يشعر بالضغوط التي تتعرض لها، ولا مكان لتبوح بما يرهقها ويقلقها، فتكبت داخلها وتجدها تفرغ ذلك الغضب والإحباط على أطفالها بالصراخ وكيل الشتائم والضرب أحياناً.

ومن الضغوط التي تتعرض لها الأم المظاهر في تربية الأطفال والركض خلف التعليم الدولي والخادمات وأماكن الترفيه والألعاب الحديثة ذات التكلفة العالية، ولسنا ضد ذلك إذا كان باعتدال وضمن ظروف الأسرة، والإلمام بجوانبه جميعاً سلبية وإيجابية، ولا يصبح أمراً أساسياً تنسى فيه الأم واجباتها تجاه أطفالها ودورها في التربية، فمهما كانت نوعية الخدمات التي نقدمها للأطفال والرفاهيات التي نجلبها لهم لا تغني عن أساسيات التربية واحتواء الأطفال معنوياً، فالتربية تبدأ من اليوم الأول للطفل. يُذكر أن الإمام العابد "سهل التستري" كان يتعهد ولده وهو في صُلبه، فيباشر إلى العمل الصالح رجاء أن يرزقه الله الولد الصالح، وكان يقول: "إني لأرعى أولادي قبل أن يخرجهم الله إلى الدنيا".

عندما نكون فخورات بأمومتنا وواعيات لدورنا سنخلق فرصاً مناسبة لنا ولأطفالنا، وسنجد الكثير من الأيادي تمتد لنا وتساعدنا، فالأطفال وأمهاتهم لبنات المجتمع التي ستصنع المستقبل، من حق الأطفال وأمهاتهم من مختلف طبقات المجتمع وأطيافه وجود مساحات واسعة ومتنفس.

ومن حق الأم وجود اختصاصيين نفسيين في مراكز الرعاية الصحية يتابعون الحالة النفسية لها، ووجود حملات توعية وتثقيف بأهمية الأمومة ودورها، وكذلك رعاية الطفل ونفسيته وحمايته.

خجولة من أمومتك؟

لا تخجلي، عاملةً كنتِ أم ربة منزل؛ فأنت أعظم ما وجد في المجتمع، أنت من يبني إنسان المستقبل، قلعة حصينة تمد المجتمع، وترفده بالطاقات والثروات البشرية، كوني فخورة بأمومتك، واسعي دائماً لتثقيف نفسك وتطويرها من أجل مواجهة التحديات، واعية بحقوقك وواجباتك، ولا تخجلي من طلب العون والمشورة ممن هم أهل لذلك.

التوعية بدور الأم سيحل الكثير من مشاكل مجتمعنا، فالأم الواعية قادرة على إنتاج فرد يعرف واجباته قبل حقوقه، ولكن على المجتمع أن يكون عوناً لها، وكما قال الشاعر: الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
إيناس مسلط
صيدلانية وكاتبة متنوعة
صيدلانية وكاتبة متنوعة، أكتب قصصاً قصيرة ومسرحاً ومقالات، ومحبة قارئة، أحمل كثيراً من الآراء من واقع خبرتي العملية في عملي السابق كصيدلانية. لديَّ كثير من الآراء في قضايا مجتمعية بهدف الإصلاح وتنوير الشباب، وأحمل فكراً إنسانياً بحتاً تستشفه من كتاباتي، ولا أحمل أي عنصرية دينية أو عرقية، وأتمنى لأفكاري وتجاربي الانتشار أكثر.
تحميل المزيد