تنشر حسابات على "تويتر" تُعرِّف عن نفسها بأنها لمدافعين عن البيئة يُطلق عليها باحثون اسم "الأمريكيات الشقراوات"، تغريدات داعمة بشغف للإمارات العربية المتحدة واستضافتها لقمة "كوب 28" للمناخ، لكن المشكلة الوحيدة تكمن في أنها غير حقيقية.
حسب تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية، نُشر الأربعاء 14 يونيو/حزيران 2023، تفيض حسابات برايانا وإيما وكيتلن وكلوي وبن بتعليقات متفائلة حيال دور الدولة الخليجية وسلطان أحمد الجابر، رئيس "أدنوك" (شركة بترول أبوظبي الوطنية)، والقمة في دعم التحرّك ضد تغيّر المناخ.
تبدو صور هذه الحسابات الجذابة أشبه برسوم من رواية خيالية، تمّ إعدادها على ما يبدو بواسطة مولّد للصور يعتمد على الذكاء الاصطناعي. ولا تظهر أسماء أصحابها ومواقعهم ومؤهلاتهم في مجال البيئة معاً في أي مكان آخر على الإنترنت.
"دعاية زائفة" لقِمة المناخ في الإمارات
قال محلِّلون استشارتهم وكالة الأنباء الفرنسية عن هذه الحسابات والعشرات غيرها على "تويتر"، إنها تعبّر عن نشاط منسّق، واصفين التكتيك بأنه شكل من أشكال "الدعاية الزائفة"، الهادفة للتأثير على الرأي العام.
على سبيل المثال، تأسست حسابات "الشقراوات" بفارق بضع ساعات عن بعضها البعض، في أغسطس/آب 2022، بحسب تحليل رقمي أجراه ائتلاف "التحرّك من أجل المناخ ضد التضليل" (Climate Action Against Disinformation CAAD)، الذي يضم مجموعات غير حكومية.
بينما ذكر أن الحسابات نشرت مجموعات من الرسائل المشابهة بشكل متزامن تقريباً، بما في ذلك إعادة نشر تغريدات من السفارة الإماراتية في واشنطن.
فيما أفاد ناطق باسم "كوب 28" لوكالة الأنباء الفرنسية، في رسالة عبر البريد الإلكتروني، بأن الحسابات "أُنشئت من قِبل أشخاص خارجيين غير مرتبطين بـ"كوب 28″، وهي مصممة بشكل واضح لإضعاف الثقة بـ"كوب 28″، والعملية المرتبطة بالمناخ.
أضاف أن منظمي "كوب 28″ بلّغوا عن النشاط الذي تقوم به هذه الحسابات المشبوهة، وطلبوا من المنصة القيام بـ"تحرّك فوري لوقف هذه الأنشطة". وبدا أن تويتر علّق العديد من هذه الحسابات بعدما أبلغ عنها باحثون.
دعا نواب أمريكيون وأوروبيون، إلى جانب ناشطين، إلى تنحي الجابر، الذي يرون أن منصبه رئيساً لـ"أدنوك" يعني وجود تضارب في المصالح لشخص يرأس مناقشات لوضع حد لانبعاثات الكربون التي تتسبّب بالاحترار.
بينما يحظى الجابر بدعم أطراف في مؤتمر المناخ الذي تنظمه الأمم المتحدة، وبينهم مبعوث الولايات المتحدة المكلّف بملف المناخ، جون كيري. وقد دعا إلى تطوير الطاقة المتجددة بشكل سريع، وأقرّ الأسبوع الماضي بأن "تقليص الوقود الأحفوري حتمي".
الدفاع عن سلطان أحمد الجابر
تسعى الحملة على "تويتر" إلى تصوير الجابر على أنه ملتزم وقادر على إصلاح أزمة المناخ. وعندما نشر الناشط من منظمة "أويل تشينج إنترناشونال" (Oil Change International)، رومان يوالالين، تغريدةً عن أن استضافة الإمارات لـ"كوب 28″ تؤدي إلى "تباطؤ الانتقال للابتعاد عن الوقود الأحفوري"، تلقّى ردوداً من عدد من الحسابات التي أفاد باحثون بأنها زائفة.
كما أشادت "المحامية" المقيمة في دبي كيتلن بقيادة الجابر لكوب28، على اعتبار أنه "سيغيّر قواعد اللعبة"، بينما أثنت مَن تُقدّم نفسها على أنها "عالمة بيئة"، إيما، بـ"شغفه للتحرك من أجل المناخ".
عندما أعلن مركز التقارير المناخية (Centre for Climate Reporting)، الشهر الماضي، أن فريق الجابر يمارس "الغسل الأخضر" في موقع "ويكيبديا"، عبر تحرير صفحاته للتقليل من أهمية دوره كرئيس "أدنوك"، أثار ذلك ردوداً مشابهة من 15 حساباً مؤيداً للإمارات.
تدعي جميع هذه الحسابات أنها تابعة لشباب من غير الإماراتيين، مهتمين بالتغير المناخي وحقوق الإنسان، وأعرب العديد منهم عن دعمهم للجابر، وفق ما أفاد به مدير المركز لورنس كارتر وكالة الأنباء الفرنسية.
كشف الحسابات الزائفة
كان من السهل تحديد زيف أحد الحسابات، وفق باحثين، من خلال الصورة الشخصية التي حملت علامة مائية عليها عنوان موقع على الإنترنت يعمل على توليد صور للوجوه. وكشفت عمليات بحث عن طريق الصور أن صوراً على حسابات أخرى أُخذت من مواقع تخزّن الصور.
حيث أكد عالم الكمبيوتر في جامعة إكستر ديوغو باشيكو، لفرانس برس، بعد فحصه عدداً من الحسابات أنها تبدو "غير حقيقية"، مشيراً إلى أنه تمّ تغيير بعض الأسماء والسير الذاتية بعدما تمّ الإبلاغ عنها.
كما تقول أستاذة علم الاتصال في جامعة هامبورغ، كاتارينا كلاينن فون كوينغسلو: "سيكون غير عادي إلى حدّ كبير أن يعتمد مستخدمون حقيقيون على هذا النوع من صور الحسابات الشخصية الزائفة أو الصور المخزنة".
فيما تحدّث ائتلاف "التحرك من أجل المناخ ضد التضليل" بالتفصيل عن "جهد منسّق" يضم 28 حساباً على الأقل للترويج للدولة الخليجية، من خلال "أنماط مشبوهة" في التغريد على تويتر.
"حملة تضليل واسعة"
شارك المحلّل المتخصص بالتضليل الرقمي، مارك أوين، فرانس برس قائمةً تضم 93 حساباً متورطاً في رأيه في جهود "الدعاية الزائفة"، أنشئ بعضها قبل عامين.
ركّزت الحسابات بشكل كبير على دعم حساب الإمارات المرتبط بـ"كوب 28″، مع الترويج لحسابات رسمية أخرى، وذكر عدداً من سفاراتها في الخارج، بحسب قوله.
كما أفاد جونز من جامعة حمد بن خليفة في قطر بأنه "في هذه العمليات عادة تكون شركة علاقات عامة" وراء الرسائل. وتابع: "لكن الحصول على دليل قاطع أمر صعب للغاية".
قبل استحواذ الملياردير إيلون ماسك على "تويتر"، العام الماضي، أعلنت المنصة أنها حذفت الحسابات المرتبطة "بعمليات نشر معلومات تدعمها الدولة" في بلدان في الشرق الأوسط، بينها الإمارات.
في إشارة إلى الحسابات المرتبطة بـ"كوب 28″، أفاد مدير مجموعة "فوسيل فري ميديا" (Fossil Free Media)، وكالة الأنباء الفرنسية، بأنه لم يشهد "قط حملة تضليل واسعة بهذا الشكل" على مدى عقد من متابعته محادثات المناخ التي ترعاها الأمم المتحدة.