اندلعت اشتباكات عنيفة وقصف بالمدفعية في أنحاء العاصمة السودانية الخرطوم، الأحد 11 يونيو/حزيران 2023، وأفاد سكان بوقوع ضربات جوية بعد وقت قصير من انتهاء سريان وقف لإطلاق النار استمر 24 ساعة أدى إلى هدوء قصير في القتال المستمر منذ ثمانية أسابيع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في الوقت نفسه ندَّدت الولايات المتحدة والسعودية في بيان مشترك بقوة استئناف العنف في السودان، بعد وقف لإطلاق النار استمر لمدة 24 ساعة.
قال البيان إن كلاً من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع تمكنا من السيطرة على قواتهما خلال فترة وقف إطلاق النار، لكن البلدين أعربا عن أسفهما الشديد جراء عودة الطرفين إلى أعمال العنف فور انتهاء وقف إطلاق النار.
اندلاع قتال عنيف بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع
قال شهود إن القتال الذي اندلع بين الجانبين كان من أعنف المعارك منذ أسابيع وشمل اشتباكات على الأرض في حي الحاج يوسف المكتظ بالسكان في مدينة بحري، التي تشكل إلى جانب الخرطوم وأم درمان المجاورتين العاصمة المثلثة حول ملتقى نهر النيل.
وعقب انتهاء سريان وقف إطلاق النار في السادسة صباحاً (04:00 بتوقيت غرينتش)، قال شهود إن الاشتباكات والقصف المدفعي استؤنفا في شمال أم درمان. كما أشاروا إلى وقوع اشتباكات في جنوب الخرطوم ووسطها وفي شمبات على نهر النيل في مدينة بحري حتى جسر الحلفايا الاستراتيجي الذي يؤدي إلى مدينة أم درمان.
وقال مصعب صالح (38 عاماً) وهو من سكان جنوب الخرطوم: "الهدنة جعلتنا نستريح قليلاً، لكن الحرب والخوف يعودان اليوم".
وقال ناشط محلي زار موقعين تعرضا لقصف مدفعي في جنوب الخرطوم إن 11 مدنياً على الأقل قتلوا هناك. وقال ناشط آخر في تلك المنطقة إن القتال في شرق الخرطوم أودى بحياة ستة مدنيين.
واندلعت الأعمال القتالية بين الجانبين في 15 أبريل/نيسان بسبب خلافات مرتبطة بخطة مدعومة دولياً للانتقال إلى حكم مدني.
وتسبب الصراع في مقتل مئات المدنيين ونزوح أكثر من 1.9 مليون؛ مما سبب أزمة إنسانية كبيرة، وسط مخاوف من امتدادها في المنطقة المضطربة. ويتركز القتال في العاصمة التي تحول معظمها إلى ساحة قتال تعاني من النهب والاشتباكات. كما اندلعت اضطرابات في أنحاء أخرى مثل إقليم دارفور بغرب البلاد الذي يعاني بالفعل من صراع بلغ ذروته قبل نحو 20 عاماً.
تدهور الوضع في السودان
فيما أبلغ سكان ونشطاء عن مزيد من التدهور في الأيام القليلة الماضية في مدينة الجنينة، قرب الحدود مع تشاد، وموجات جديدة من الهجمات تشنها قبائل عربية على صلة بقوات الدعم السريع.
ومن بين القتلى عدد من نشطاء حقوق الإنسان والمحامين والأطباء، بحسب هيئة محامي دارفور التي تراقب الصراع في المنطقة. وشهدت المدينة انقطاعاً واسعاً في الاتصالات لعدة أسابيع.
عمليات نهب في السودان
من المدن المتضررة الأخرى مدينة الأُبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان إلى الجنوب الغربي من الخرطوم وتقع على طريق رئيسي يؤدي إلى دارفور. ويقول السكان إنها تشهد فعلياً حالة حصار بسبب الصراع مع انقطاع الإمدادات الغذائية والأدوية. وتعد منطقة كردفان منطقة زراعية مهمة ومصدراً للماشية والبذور الزيتية والصمغ العربي.
وقال محمد سلمان من شمال كردفان لرويترز عبر الهاتف: "الحالة صعبة، الدعم السريع منتشر في الطرق بين القرى ويقومون بالنهب، وهناك عصابات في كل مكان تنهب.. الحركة من مكان لآخر أصبحت خطرة، ونحن في بداية الخريف لا نعرف كيف سنزرع أو كيف سنعيش مع هذا الوضع".
وتقول قوات الدعم السريع إنها تحاول مواجهة أعمال النهب، وتنفي مسؤوليتها عن العنف في دارفور. وعبر نحو 400 ألف من النازحين إلى البلدان المجاورة نصفهم تقريباً اتجه شمالاً إلى مصر.
من ناحيتها، شددت مصر السبت، إجراءات الدخول إلى أراضيها وأصدرت قراراً جديداً يُلزم جميع السودانيين من الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و50 عاماً بالحصول على تأشيرة. وحتى قبل تغيير القواعد، واجه آلاف السودانيين فترات انتظار طويلة عند الحدود في أثناء محاولتهم الحصول على تأشيرات.
مفاوضات برعاية سعودية أمريكية
في حين قادت السعودية والولايات المتحدة محادثات في مدينة جدة للتفاوض على وقف إطلاق النار الذي بدأ صباح السبت لمدة 24 ساعة. وشهد اتفاق سابق لوقف إطلاق نار مدته 12 يوماً أبرمه الجانبان في جدة انتهاكات متكررة.
في سياق متصل، قال الجيش السوداني، مساء الأحد، إن قواته "تتقدم بخطى ثابتة نحو النصر"، فيما أعلنت قوات "الدعم السريع" أنها "تصدت لهجمات الجيش وكبدته خسائر مادية".
ويأتي التصعيد الحالي غداة انتهاء هدنة بدأت مساء السبت لمدة 24 ساعة، اقترحتها الوساطة السعودية الأمريكية لتخفيف معاناة السكان الإنسانية، ضمن سلسلة من الهدنات بين الطرفين منذ بداية القتال منتصف أبريل/نيسان 2023.
وأضاف الجيش في بيان، أن "أشاوس القوات المسلحة يتقدمون بخطى ثابتة نحو تثبيت النصر وبسط الأمن والاستقرار الذي لاحت بشائره".
من جانبها، أفادت "الدعم السريع" أن "قوات الجيش حاولت الهجوم على قوات الدعم السريع في عدد من المحاور في الخرطوم، وكان رد الأشاوس بتدمير ودكّ المعتدين وأعداد كبيرة من العتاد بلغت أكثر من 70 مركبة وآلية وأسر المئات من قوات الجيش شرقي الخرطوم".
وأضافت في بيان: "هاجمت ميليشيا البرهان (رئيس مجلس السيادة السوداني) الانقلابية وأعوانهم من النظام البائد والمتطرفين، قواتنا جنوبي الخرطوم، وتم تدمير القوة المهاجمة تماماً وتسلم عدد 5 دبابات وحرق دبابتين".فيما خلَّفت الاشتباكات بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان و"الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، مئات القتلى وآلاف الجرحى بين المدنيين، إضافة إلى موجة نزوح ولجوء جديدة في إحدى أفقر دول العالم.