استكملت كتيبة كوماندوز تابعة للجيش التركي، الأربعاء 7 يونيو/حزيران 2023، انتقالها إلى كوسوفو بناءً على طلب قيادة عمليات حلف شمال الأطلسي "ناتو"، وذلك على خلفية احتجاجات عنيفة نظمها الصرب المحليون شمال كوسوفو لمنع رؤساء بلديات ألبان منتخبين حديثاً من دخول مباني البلديات لبدء مهامهم.
ووصلت الدفعة الأخيرة من كتيبة الكوماندوز التركية التابعة لقيادة لواء المشاة الميكانيكي رقم 65، وصلت إلى مطار آدم يشاري الدولي بالعاصمة بريشتينا، وكان في استقبال الكوماندوز في المطار، السفير التركي في بريشتينا، صبري تونج أنغيلي.
كما ستؤدي الكتيبة التركية مهامها كوحدة احتياط، من المقرر أن تعسكر في ثكنة السلطان مراد بكوسوفو.
وفي وقت سابق أعلنت تركيا اعتزامها إرسال قوات إضافية إلى بعثة الحلف في كوسوفو.
فيما أعرب أمين عام حلف شمال الأطلسي "ناتو"، ينس ستولتنبرغ، عن ترحيبه بقرار أنقرة.
وأشار المسؤول بحلف الناتو عقب لقائه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بقصر دولما بهتشه في إسطنبول أنه عقد اجتماعاً مثمراً للغاية مع أردوغان بمشاركة أعضاء حكومته الجديدة، مؤكداً على أهمية تركيا وإسهاماتها في الناتو.
ولفت إلى رفد تركيا بعثة حفظ السلام في كوسوفو بوحدات عسكرية، مشدداً على الأهمية الكبيرة لهذا الإسهام في وقت تتصاعد فيه التوترات هناك، وعبّر عن شكره لتركيا على إرسالها القوات، لافتاً إلى إسهاماتها الأخرى في العراق وأوكرانيا وغيرها من البلدان.
وذكر في سياق منفصل، أنه جدد تهانيه للرئيس أردوغان لفوزه بالرئاسة، معرباً عن تقديره للشعب التركي لمشاركته الواسعة في الانتخابات.
حل الأزمة قد يكون بيد تركيا!
وفي وقت سابق، قال السفير الأمريكي في كوسوفو، جيف هوفينير إن كوسوفو أصبحت تتطلع بدرجةٍ متزايدة إلى "شركاء بدلاء يعاملونها بكرامة. وتحتل تركيا موقعاً مثالياً لتحقيق ذلك. وإذا استمر المسار الحالي للسياسة الغربية دون تغيير، وفي حال نشطت الدبلوماسية التركية أكثر داخل دول البلقان؛ فمن المتوقع أن تتكثف جهود استكشاف البدائل في كوسوفو".
ويمثل ملف البلقان قضيةً تتفق عليها الأحزاب في تركيا. إذ تحدث الموقع البريطاني "ميدل إيست آي" إلى مسؤولين في الحكومة التركية، وقد ركزوا بدرجةٍ متزايدة على ما يمكن لأنقرة فعله من أجل المساعدة في حل توترات المنطقة.
كما تحدّث نائب برلماني معارض من حزب الشعب الجمهوري، شرط عدم كشف هويته، وقال إنه يرغب في أن تتولى أنقرة دور وساطةٍ أكثر استباقية، وصرح أستاذ العلاقات الدولية في جامعة ابن خلدون بإسطنبول، طلحة كوس، للموقع البريطاني قائلاً: "لدينا علاقات اقتصادية وسياسية قوية مع صربيا. كما تربطنا مع كوسوفو علاقات شعبية على المستوى الثقافي والتاريخي والسياسي".
وأوضح كوس أن تركيا تحتل موقعاً خاصاً للوساطة بالنظر إلى "علاقاتها المتوازنة، والدافئة، والصادقة" مع كلا الجانبين. وأردف كوس: "يعاني الاتحاد الأوروبي من أجل لعب دور بنّاءٍ أكبر مع صربيا وكوسوفو. مما يمثل فرصةً دبلوماسية لتركيا".
ويرى كوس أن الانفراجة الدبلوماسية التي توسطت فيها تركيا بين روسيا وأوكرانيا العام الماضي، من أجل شحنات القمح، قد تمثل نموذجاً مفيداً يمكن لأنقرة الاستفادة به كفكرة عامة.
ثم تابع كوس: "الخطأ الذي يستمر الاتحاد الأوروبي في ارتكابه هو أنه يأخذ موقفاً من السياسات المحلية لتلك الدول"، مضيفاً أنه لا خلاف على وجود "دورٍ روسي في التوترات الجارية".
وقد دعا الرئيس الصربي، ألكساندر فوتشيتش، نظيره التركي، رجب طيب إردوغان، إلى التوسط لتهدئة التوترات. وأضاف كوس: "تقف الولايات المتحدة والناتو والاتحاد الأوروبي في ناحية. وتقف روسيا مع الصين في الناحية المقابلة. ولكل ناحيةٍ مواقفها ومصالحها المتضاربة. بينما تستطيع تركيا المساعدة في عقد قمة تضم جميع أصحاب المصالح".
وربما يكون الأمر "مستحيلاً الآن" بسبب الصراع في أوكرانيا، لكن "يجب على تركيا أن تعقد اتصالات مع كافة أصحاب المصالح".
أزمة كوسوفو
ومنذ 26 مايو/أيار الماضي، ينظم الصرب المحليون شمال كوسوفو احتجاجات لمنع رؤساء بلديات ألبان منتخبين حديثاً من دخول مباني البلديات لبدء مهامهم، فيما أعلن الجيش الصربي حالة "تأهب قصوى"، وأمر وحداته بالتحرك إلى أماكن قريبة من الحدود مع كوسوفو.
إذ يرجع تاريخ الأزمة الحالية في كوسوفو إلى أبريل/نيسان الماضي، عندما قاطع الصرب في كوسوفو الانتخابات المحلية. ونتيجة لضعف الإقبال الانتخابي، سيطر أبناء العرق الألباني على المجالس المحلية التي هيمن عليها الصرب، كما يقول تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني.
وعندما حاول الممثلون المنتخبون الألبان دخول البنايات الحكومية، تعرّضوا لهجومٍ على يد مسلحين تدعمهم بلغراد، ويحملون شارات حرف "Z" الإنجليزي، وهو شعار روسيا في الحرب الأوكرانية.
بينما شرعت الولايات المتحدة الآن إلى فرض العقوبات على حكومة كوسوفو في بريشتينا، لأنها لم تعرض عملية اتخاذها للقرار على واشنطن أولاً، في خطوةٍ وصفتها رئيسة اللجنة المختارة للشؤون الخارجية البريطانية، أليسيا كيرنز، بـ"التفكك الاستراتيجي".
والثلاثاء 30 مايو/أيار، قرر حلف شمال الأطلسي "الناتو" إرسال 700 جندي إضافي إلى مناطق التوتر، الأمر الذي رحبت به حكومة كوسوفو، في حين انتقدته صربيا، معتبرة أن قوات حفظ السلام تجاوزت النطاق القانوني لعملها، وأنها تساعد شرطة كوسوفو على احتلال مقار البلديات.
واليوم الخميس، أكد أمين عام الحلف، ينس ستولتنبرغ، أن إرسال قوات إضافية إلى كوسوفو "لا يعني أن الحلف يستبعد وجود حل سياسي محتمل" للاشتباكات الجارية.
وكانت تصريحات ستولتنبرغ رداً على سؤال الأناضول حول "ما إذا كان إرسال 700 جندي إضافي من الناتو إلى كوسوفو، والإبقاء على كتيبة الحلف جاهزة في حالة الحاجة الأخرى، يعني أن التحالف يتوقع تحول الاشتباكات إلى صراع أكبر في أوروبا".
وقال إن خطوة زيادة عدد القوات "لا تعني أن الناتو يتخلى عن الحل السياسي"، مضيفاً أن الحلف يرسل قوات بهدف "المساعدة في تهدئة التوترات"، وأن وضع كتيبة الناتو على أهبة الاستعداد هو لمواجهة الأمر في "حالة تفاقم الوضع".