إذا كنت تقوم بعمل مكتبي فلا بد أنك تجلس لساعات طويلة، قد تشعر بتأثير هذا الجلوس على شكل آلام في رقبتك وأسفل ظهرك، لكن للأسف لا يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل يتخطاه لمشاكل صحية ونفسية أخرى.
أضرار الجلوس لساعات طويلة
سواء كنت تجلس طويلاً للعمل أمام شاشة الكمبيوتر، أم كان جلوسك لساعات طويلة بهدف الاسترخاء أمام شاشة التلفاز، في الحالتين ستعاني من مجموعة مشاكل تبدأ بزيادة ملحوظة في الوزن وتنتهي بتأثيرات سلبية على الصحة النفسية.
يصنف نمط الحياة "الخامل" الذي يتبناه كثيرون في العصر الحديث على أنه وباء عالمي، إذ يترافق الجلوس لساعات مطولة في الغالب مع ضعف عام في النشاط البدني، فقلة منا يحاولون تعويض ساعات الجلوس الطويلة بممارسة التمارين الرياضية اليومية.
نتيجة لذلك، تبدأ عضلات ساقنا بالضعف تدريجياً، وباعتبارها أكبر العضلات في جسدنا، فإن نقص تدفق الدم إليها يؤثر على إفراز المواد التي تكسر الأحماض الدهنية في دمائنا.
نتيجة لذلك، يتباطأ التمثيل الغذائي ويتأثر تنظيم السكر في الدم. وتؤدي هذه التغيرات الأيضية إلى زيادة السكر والكوليسترول في مجرى الدم، مما يزيد من احتمالات الإصابة بمرض السكري وأمراض القلب.
كيف يؤثر الجلوس على صحة الدماغ؟
على الرغم من إجراء دراسات سابقة حول تأثير التمارين الرياضية على الدماغ، إلا أن هناك القليل من الأبحاث حول العلاقة بين قلة الحركة والجلوس مطولاً وخطر الإصابة بالخرف. لذلك، سعى باحثون في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس إلى اكتشاف كيفية تأثير الخمول على صحة الدماغ، خاصة مناطق الدماغ التي تعتبر مهمة في تكوين الذاكرة.
في هذه الدراسة الأولية الحديثة، وجد العلماء أن قضاء المزيد من الوقت في الجلوس مرتبط بترقق الفص الصدغي الأوسط في الدماغ. (وهي المنطقة المهمة لتكوين الذاكرة).
ركز الفريق على الفص الصدغي الإنسي؛ لأن هذه المنطقة من الدماغ تتراجع مع تقدم العمر؛ وهذا يؤدي إلى ضعف الذاكرة. ووفقاً للباحثين، من المهم ملاحظة أن النشاط البدني كان غير كافٍ لتعويض الآثار الضارة للجلوس لفترات طويلة من الزمن.
تحسين صحتك العامة
يمكن لأشياء مثل زيادة عدد المرات التي تمارس فيها الرياضة والوقوف للتجول أن تحسن صحتك العامة وتقلل من المخاطر الناجمة عن الجلوس لساعات طويلة.
قد يساعدك الوقوف أكثر في أن تعيش حياة أكثر صحة وخالية من الأمراض. قد يساعد أيضاً في منع الأمراض المزمنة مثل مرض السكري من النوع 2. إذا كنت تجلس لساعات طويلة أمام شاشة الكمبيوتر احرص على الوقوف بين الفينة والأخرى لتحريك ساقيك وتعزيز تدفق الدم إليهما، من الممكن أن تأخذ استراحة سريعة لإعداد كوب من الشاي أو التمشي لدقائق في ردهة المكتب. قد يبدو ذلك أمراً بسيطاً لكنه مهم في تقليل الأضرار الناجمة عن الجلوس لساعات طويلة.
في دراسة فنلندية لمركز توركو ومعهد UKK، قام الباحثون بالتحقيق في الروابط بين مقاومة الأنسولين والنشاط البدني لدى البالغين الذين يجلسون لساعات طويلة، ولديهم مخاطر متزايدة للإصابة بمرض السكري من النوع 2 وأمراض القلب والأوعية الدموية.
وجد الباحثون أن الوقوف يرتبط بحساسية أفضل للأنسولين. تشير هذه النتائج إلى أهمية استبدال الجلوس بالوقوف، خاصةً إذا كان لا يمكن تلبية متطلبات النشاط البدني، لذلك ينصح الباحثون بالتبديل ما بين وضعيات الجلوس والوقوف أثناء العمل.
كيف نقلل من مخاطر الجلوس؟
قد نكون على دراية بمجموعة المزايا الصحية التي قد نحصل عليها من ممارسة التمارين الرياضية، مع ذلك يجب دائماً التذكير بهذه المزايا، خاصة إذا كان عملك يتطلب الجلوس لوقت طويل.
كثيرون منا لا يمارسون التمارين الرياضية؛ لأنهم مشغولون للغاية ولا يستطيعون تخصيص ساعة في اليوم للذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية، لكن يجب أن نعلم أن ممارسة الرياضة لا تعني بالضرورة الذهاب إلى النوادي الرياضية، وليس من الضروري أن تستغرق ساعة كاملة يومياً.
من المهم أن تضمن أن جسدك يتحرك يومياً، تستطيع ممارسة تمارين بسيطة في المنزل أو المشي في الجوار لمدة نصف ساعة أو بإمكانك حتى اتباع حيل بسيطة للتغلب على ساعات الجلوس الطويلة، على سبيل المثال:
تحرك ثلاث دقائق كل 30 دقيقة
نظرت دراسة نُشرت في معهد كارولينسكا في ستوكهولم، في ما يحدث إذا توقف موظفو المكاتب عن الجلوس لمدة ثلاثة أسابيع في مكان عملهم.
وأظهرت النتائج أن المتطوعين الذين كانوا يقفون ويتحركون أثناء العمل أظهروا انخفاضاً في مستويات السكر في الدم خلال ساعات الصباح الأولى، مما يعني أن أجسامهم تتحكم بشكل أفضل في نسبة السكر في الدم أثناء الليل.
لم تكن هذه التحسنات هائلة، بل كانت طفيفة. استنتج الباحثون أن مشي 15 خطوة على الأقل أو التحرك ثلاث دقائق كل نصف ساعة يمكن أن يكون الحد الأدنى لما يجب عليك فعله يومياً خلال تواجدك في المكتب، أو جلوسك أمام الكمبيوتر في المنزل.
طرق بسيطة لإضافة الحركة إلى حياتك اليومية
تشير مجموعة متزايدة من الأدلة إلى أن الجلوس لساعات طويلة يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري وأمراض أخرى تؤثر سلباً على صحة دماغك.
فيما يلي بعض الطرق التي يمكنك من خلالها إضافة المزيد من الحركة إلى روتينك اليومي:
- اركن سيارتك بعيداً عن مدخل المتجر في ساحة انتظار السيارات.
- تجول في المنزل خلال فترة كل إعلان يظهر على الشاشة أثناء مشاهدة التلفزيون.
- اجعل الذهاب إلى الحديقة جزءاً من روتينك اليومي.
- بدلاً من استخدام المصعد استخدم الدرج.
- قف وقم بمجموعة من التمرينات البسيطة عندما تكتشف أنك كنت جالساً لفترة طويلة.
- عندما تستقبل مكالمة هاتفية تجول في المكان بدلاً من الحديث وأنت جالس.
- امشِ في استراحة الغداء.
- قم ببعض التمارين اليومية الصباحية.
- شارك في تنظيف المنزل كجزء من النشاط البدني اليومي.
- استخدم جهاز تتبع اللياقة البدنية، أو التطبيقات التي تخبرك بمعدل نشاطك البدني اليومي.